-A +A
رندا الشيخ
بقدر ما تبدو الحياة في بعض المواسم خاوية وخالية من أي متعة، بقدر ما يستحيل استمرار هذه الصورة أو هذا الواقع لوقت طويل!. فمن خلال كلمة عابرة أو رفقة جميلة أو نفس عميق أو دعاء رقيق، يتغير الحال ويعود للصورة جمالها، بل وأحيانا تصبح أجمل مما كانت عليه في السابق. لا شيء ثابتا أو دائما، لا حزن ولا ألم. لكن وبالرغم من بساطة هذه الحقيقة، نبقى دوما بحاجة إلى جرعات منشطة من اليقين بأن الفرح في طريقه إلينا، وبأن أمانينا ستتحقق مهما كان الطريق إليها وعرا. الأمر أشبه بتنشيط مناعتنا ضد فيروس اليأس والتشاؤم والاكتئاب، ومن السوداوية التي تنثرها بعض العناصر المحيطة بنا من بشر، أو تنبع أحيانا من دواخلنا دون أن نعرف لها سببا!
أتعلم عزيزي القارئ ما هو أكثر خطأ يكرر بعض البشر ارتكابه في حق أنفسهم أولا قبل غيرهم؟ سأخبرك. إنه استهلاك طاقاتهم في مراقبة ورصد وتحليل ما يملكه غيرهم، ثم تقدير قيمة الآخرين بناء على تلك الأشياء التي يملكونها! إنهم في الأولى يظلمون ذواتهم، وفي الثانية يظلمون الإنسانية! لكن الظلم الأعظم هو استمرارهم في حجب أعينهم عن أخطائهم تلك. وقد تتساءل عن علاقة ذلك بجرعات اليقين التي نحتاجها بين الحين والآخر! حسن لنفكر معا.

لو أن قلوب أولئك البعض كانت عامرة باليقين أن ما تعيشه هو خير وإن لم يعجبها، وبأن سحابة الحزن التي أمطرت على رؤوسهم هي بداية موسم الحصاد، وبأن كل فرد منهم يملك سلاح نجاحه بداخله وليس بحاجة إلا إلى توفيق خالقه، وبأن كل موقف مهما كان غريبا هو رسالة يجب التمعن فيما تحمله من مغزى، وبأن الآخر الذي يبدو سعيدا جدا قد يعيش صراعا من نوع ما للحفاظ على تلك البسمة، لو أن قلوبهم حملت بعض اليقين فقط.. هل تظن بأن اليأس أو الحسرة أو الأحزان ستجد ثغرات تتسلل منها إلى نفوسهم لتنهش فيها وتحطمها؟ بالطبع لا! لكن كيف نجدد يقيننا ومن أين نستقي جرعاته المنشطة التي تحدثت عنها في بداية المقال؟
سأسر إليك.. لكن في مقال لاحق بإذن الله.