أزمة خانقة تعيشها الأسر بعد أن شح سوق العمالة المنزلية، وأصبح الحصول على خادمة سواء من السوق السوداء أو مكاتب الاستقدام، كالحصول على منحة أرض، وأعتقد أن الذي أشعل فتيل الأزمة هي نجاح الحملة التي شنتها الجهات الأمنية على المتخلفين من جهة خاصة أن خادماتنا والسائقين غالبيتهم من العمالة المتخلفة، ومن جهة أخرى إيقاف الاستقدام من دول كانت تدر لنا العمالة المنزلية بالملايين ولا يزال التفاوض مستمرا ولا نعرف متى سينتهي.
لكني هنا لست بصدد الحديث عن خلل الجهات المعنية باستقدام العمالة وعن ما يتحدث عنه الناس سرا وجهرا عن مصالح تدير عملية المفاوضات، ولكني أشير إلى الخلل الكبير الذي ظهر في الأسر بعد اعتمادها الكامل على العمالة، فالأزمة الحالية أعادت الصورة إلى إطارها الحقيقي، عادت الأم إلى مطبخها وإلى أطفالها بعد سنين من حضانة الخادمة، حتى أن بعضا لديه القدرة أن يتخلى عن شريكة حياته ولا يتخلى عن خادمته، فهي صاحبة الفضل الكبير، تعد فطوره، وتجهز له ملابسه، وتعتني بأطفاله، و«ست البيت» في «سابع نومة»، فقد طال رقادها ولم تعد ربة منزل سوى في خانة التعريف الخاصة ببطاقة الأحوال، وسبب ذلك الفقدان هو الوكالة العامة التي منحتها الزوجة لخادمتها، والوكالة الشرعية بالتصرف الكامل في شؤون المنزل ومن في كنفه، من الزوج إلى الأولاد، لذلك لا نستغرب عندما يفوق مرتب بعض الخادمات حراس الأمن وموظفي القطاع الخاص، ولا نستغرب من ذلك الحنين عندما نتذكر من رحلن من الخادمات، ولا نحزن على منظر طفل يبكي وترتفع حرارة جسمه بعد أن سافرت مربيته.
وفي المقابل لا نبرئ ساحة الزوج فهو في الطرف الآخر عاد مجبرا للاستيقاظ، ماسكا بيد طفله ليودعه عند باب المدرسة، ومتابعا لدفتر تطعيمات رضيعه، بعد أن نسي حتى مقاس ثوب ابنه، فكلها تحت تصرف السائق، وأصبحنا نقول «هذا الشبل من ذاك السائق».
ولدى التربويين والمعلمين الكثير من القصص التي تؤكد غياب الأب وتولي «خورشيد» أمر الطالب.
لذلك أزمة العمالة التي نشهدها ضارة بنا ونافعة لأبنائنا.
والله المستعان..