-A +A
حوار: د. هاشم عبده هاشم

•• لم تمض سوى «بضع» ساعات على إعلان وزير الدفاع القائد العام للقوات المسلحة المصرية الفريق أول عبدالفتاح السيسي عن خارطة المستقبل.. لبلاده وسط كوكبة من رجالات وسيدات مصر تمثل كافة قطاعات المسؤولية في الدولة والمجتمع بكل مؤسساته يوم 3/7/2013م حتى قالت المملكة العربية السعودية كلمتها الحاسمة بوقوفها السريع والقوي والمبادر إلى جانب مصر.. وشعب مصر.. وجيش مصر في استعادة مصر ومنع انهيار الدولة والحفاظ على مكتسبات الشعب والأمة بعد عام من الإشراف على الهاوية والذهاب بالبلاد بعيدا عن قيمها الحضارية والإنسانية وكذلك عن مكانتها الإقليمية والدولية واختطافها بعيدا عن الوطن والأمة..



هذا الموقف التاريخي من خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز والمتمثل في تهنئته للمستشار عدلي منصور رئيس المحكمة الدستورية العليا بتعيينه رئيسا مؤقتا للبلاد بعد ساعات قليلة على إعلان خارطة المستقبل، هو الذي عزز ثورة الشعب واستنفار القوات المسلحة المصرية للوقوف خلفه وثبت دعائم مستقبل مصر نحو مزيد من التلاحم بين شعبها وشعوب الأمتين العربية والإسلامية وكافة شعوب العالم المحبة للسلام وفي مقدمة الجميع شعب المملكة العربية السعودية..



هذه الوقفة التاريخية القوية والمبكرة كان لها أثر كبير للغاية في دعم الإرادة المصرية وتصحيح الأوضاع وترسيخ قواعد الدولة كما قال لي.. فخامة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي عندما استقبلني في قصر القبة يوم الأربعاء الماضي وردد على مسامعي أكثر من مرة خلال هذا اللقاء قوله «إن مصر.. وكل المصريين.. لن ينسوا هذه الوقفة الصادقة والأمينة والفورية للملك عبدالله إلى جانبنا في لحظة تاريخية حاسمة» وعندما قلت لفخامته «ألا تشعر بالخوف على مصر الآن أو في المستقبل؟! قال مصر اليوم أقوى من أي وقت مضى.. فلا تخافوا على مصر المؤمنة بالله.. ثم بشعبها.. وكذلك بشقيقتها الكبرى المملكة العربية السعودية بقيادة حكيم العرب».



•• وعندما تعرضت مصر منذ يومين لعملية غادرة في سيناء وسقط العشرات من أبنائها شهداء الدفاع عن وطنهم.. وظهر السيسي من جديد ليؤكد لشعبه وشعوب الأمة والعالم.. أن أحدا لن يكسر مصر.. وإرادة شعب مصر تذكرت نبرة صوته التي كانت تتردد في ذهني طوال حديثي معه وهو يقول: «المستقبل لنا وليذهب الأعداء.. والحاقدون إلى الجحيم» وتبقى مصر فوق الجميع وتبقى الأخوة العربية الصادقة علامة فارقة في استرداد المنطقة من حالة العبث والفوضى التي تعيش فيها الآن ولا يريدون لنا الخروج منها..



•• لقد قال لنا «السيسي» كل شيء أردنا أن نقف عليه معه.. ونتعرف من خلاله على شخصيته.. فكان هذا الحديث الموسع معه.. تجسيدا لإرادة العمل القوية على بقاء الأوطان وتعاظم شأنها في ظل تلاحم شعوبها وقياداتها وذلك ما يحدث في مصر الآن.. وذلك ما ينبئ عن المستقبل الأجمل الذي رسمه.. ويرسمه الرجل لإخراج بلاده من الأوضاع الصعبة التي مرت وتمر بها.. وتقف المملكة بكل قوة وتصميم إلى جانبها لتخرج المنطقة بأسرها من دوامة المؤامرات التي أرادت تدميرها.. والدفع بشعوبها إلى اليأس.. وهيهات أن يتحقق لهم ذلك ما دام فينا من الرجال من يحمون أوطاننا ويخافون عليها ويؤمنون سلامتها..



•• أما قصة هذا الحديث فإنها تبدأ منذ اللحظة التي قال فيها الملك عبدالله كلمته الحاسمة وقوفا إلى جانب مصر وشعب وقيادة مصر.. وتأكدت مع الأيام في ظل الشخصية التي لمعت في سماء مصر حتى قبل إعلان خارطة المستقبل وبعد تعلق الشعب المصري به واختياره لقيادة مستقبل مصر.. ومواكبة هذه الصحيفة لهذا التطور الهام ليس فقط في مصر العروبة والإسلام.. وإنما في المنطقة بأسرها.. تلك المواكبة التي صدرت عن قناعة مطلقة في حق مصر في الحياة وفي الأمان وفي حق الرجل الذي التفت قلوب المصريين حوله واختارته لكي يأخذ بيدها إلى بر الأمان.. ومن ثم إلى المستقبل الأجمل.. ولذلك كان الاتصال مباشرا بيني وبين الرئاسة لتأتي الاستجابة لاستقبال «عكاظ» كأول وسيلة إعلامية عربية تلتقي بفخامته.. وتطمئن منه على مستقبل مصر.. وتستطلع آراءه عن مستقبل هذه الأمة.. الذي وصفه الرئيس السيسي بأنه مطمئن ما دام أن في هذه الأمة رجلا في مقام «حكيم العرب»..



و«عكاظ» إذ تقدر لفخامته حفاوته بها ومنحها وقتا ثمينا في أصعب الظروف وأدقها في حياة مصر والمصريين.. وإلى تفاصيل الحوار:











الإصلاح يحتاج إلى وقت ودون اندفاع







• فخامة الرئيس.. بعد (أربعة) أشهر من تسلم السلطة.. ماذا تريد أن تقول لأبناء مصر.. وبماذا تعدهم؟!







•• أقول لأبناء مصر الآمال كبيرة والطموحات لا تنتهي.. والعمل والتفاني والإخلاص هي السبل الوحيدة لتحقيق هذه الآمال والطموحات، ونحن في سباق مع الزمن.. نحاول أن ننجز بمعونة من الله ما تحتاجه بلادنا على كافة الأصعدة وذلك بجهد وسواعد أبناء الشعب المصري وبمعاونة أشقائنا الأوفياء، وفي القلب منهم المملكة العربية السعودية، كما أنني أود أن أشكر الشعب المصري العظيم على وعيه وحسن تقديره للأمور، وتقبله لعدد من القرارات الصعبة.. ولكنها كانت ضرورية لإصلاح الخلل في الاقتصاد المصري، كما أود أن أشيد بالتفاف هذا الشعب حول الأهداف والمشروعات القومية، وليس أدل على ذلك من توفير 64 مليار جنيه خلال ثمانية أيام فقط من أجل تنفيذ مشروع قناة السويس الجديدة، إنني أجدد وعدي لهذا الشعب بتحقيق آماله وطموحاته، إلا أنني أؤكد مرة أخرى أن الجهد المشترك والعمل الجماعي والمشاركة المجتمعية تعد عاملا محوريا لتحقيق الخير والرخاء لوطننا كما أن العمل السياسي في هذه المرحلة الدقيقة يتعين أن يراعي الأوضاع التي تسود مصر ومنطقة الشرق الأوسط، فالإصلاح المنشود يتطلب مزيدا من الوقت لتحقيقه دون اندفاع محفوف بالمخاطر، مع منح الفرصة للتجربة الديمقراطية المصرية لكي تنضج.







طلاب يُستغَلون لتأليب الرأي العام







• بعد تجدد الفوضى أمام جامعة الأزهر وجامعة القاهرة وجامعة الإسكندرية وسواها..كيف ستتعامل مع الحالة الطلابية للمحسوبين على الإخوان وسواهم؟







•• إننا نؤسس لدولة سيادة القانون، التي تحترم استقلال القضاء وتؤمن بمساواته بين الجميع، من يسيء ويختار نهجا يستهدف النيل من مقدرات الوطن عليه أن يتحمل تبعات اختياره وأن يتحمل مسؤولية أفعاله، وأؤكد أن غالبية طلاب الجامعات المصرية لا يبغون سوى العلم والمساهمة في صناعة مستقبل هذا الوطن، ولكن القلة من المنتمين لهذه التيارات المنحرفة فكريا والمتطرفة عقائديا تحاول أن ترفع صوتها في محاولات يائسة للخروج عن النظام وتأليب الرأي العام، ولكنني أؤكد لك أن شعب مصر واعٍ ومدرك لمثل هذه المحاولات ولن يستجيب لها وسيعمل دائما على الإعلاء من مصلحة الوطن.







مصر آمنة.. وترحب بالمستثمرين فيها







• أصدقكم القول - فخامة الرئيس - أنني كنت أشعر بشيء من القلق وأنا أركب الطائرة قادما إلى مصر الغالية على الجميع لكنني فوجئت بأن الحياة هنا لم تكن طبيعية فحسب، وإنما أصبحت - أيضا - مغرية بالتردد على القاهرة والعمل والاستثمار أو الدراسة أو السياحة فيها.. وإن حاول البعض تصوير الوضع الأمني السائد على أنه أقرب إلى فرض حالة الطوارئ ..فماذا تقولون فخامتكم في هذا الصدد؟







•• أؤكد لك ولشعب المملكة الشقيق.. مصر آمنة مطمئنة.. «أهلها في رباط إلى يوم القيامة» وستظل بعناية من الله آمنة، مصداقا لقوله تعالى «ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين». أدعوك وجميع الأشقاء في المملكة من مستثمرين وسائحين لزيارة مصر فليس من رأى كمن سمع، اطلعوا بأنفسكم على حقيقة الأوضاع وانقلوها نقلا أمينا صادقا دون تزيين أو تزييف.. فقط الحقيقة.. مصر بإذن الله مقبلة على مرحلة جديدة وستشهد إصدار حزمة تشريعات استثمارية ستجعلها من أكثر دول العالم جذبا للاستثمار.. الفرص واعدة وفي شتى المجالات التجارية والصناعية والزراعية، وكافة المقومات متوافرة.







هناك من لايرغبون في تطور البلد







• هناك أصوات تتردد من داخل مصر وخارجها تقول: إن الدولة المصرية تواجه تحديا حقيقيا.. فهي تقف أمام خيارين صعبين.. فإما أن تفتح صفحة جديدة وتستوعب كل الخصوم.. وإما ان تمضي في سياسة الفرز والإقصاء للإخوان من جهة والمحسوبين على الحزب الوطني السابق من جهة ثانية، وبالتالي تبقي على جذوة الصراع تحت الأرض بكل ما تحملها من أخطار محتملة في أي لحظة.. فإلى أين تتجه الأمور في رأي فخامتكم.. وما هي حساباتكم في التوجه نحو أي خيار من الخيارين أو سواهما؟







•• أقدر أن هذه الأصوات إما أنها لم تع التغير الذي حدث في مصر على مدار السنوات الثلاث الماضية أو أنها لا ترغب في تطور هذا البلد الطيب الآمن وتحوله ديمقراطيا واقتصاديا.. كيف يُغفل هؤلاء الإرادة الشعبية.. كيف نسوا أو تناسوا ما أنجزه الشعب المصري خلال تلك الأعوام الثلاثة.. الشعب هو صاحب الكلمة الفصل.. والقادر على تمييز الغث من السمين، إنني أثق في خيارات الشعب المصري وأعول عليه، وكما سجل نجاحات ملموسة في إقرار الدستور والانتخابات الرئاسية سيكمل طريقه عبر إجراء الانتخابات البرلمانية لتكتمل بذلك المنظومة المؤسسية للدولة المصرية بانتخاب البرلمان المقبل.. أما من قتل أبناء هذا الشعب أو حرمه قوت يومه فلا أعتقد أن الشعب سيسمح له أن يتحدث بصوته أو أن يعبر عن آرائه أو أن يطالب باحتياجاته مرة أخرى.







الوطنية في المشاركة دون البحث عن المكاسب الشخصية







• تسير الأمور في بلادكم وفق خارطة المستقبل التي كشفتم عنها ليلة (3/ يوليو 2013م) وأنجز منها بندان حتى الآن.. لكن يظل هناك شعور بالقلق لدى البعض من عودة بعض الفئات إلى السلطة التشريعية من بوابة البرلمان القادم.. لاسيما في ظل تباعد مواقف وخطط وبرامج الأحزاب السياسية والنخب الثقافية والاقتصادية والحقوقية في البلاد.. فإلى أين تتجه الأمور.. وماذا تقول لشعب مصر الذي سينتخب نوابه؟ وماذا تقول لمن سيخوضون هذه الانتخابات أو يتقدمون لاختيار ممثليهم، وماذا تقول كذلك لكل من يتابعون الشأن المصري.. سواء من الأشقاء ..أو الأصدقاء.. أو حتى الخصوم؟







•• كما ذكرت لك أنني أثق في خيارات الشعب المصري، وأعاود تذكير الجميع بأن الصلاحيات الممنوحة للبرلمان المقبل موسعة، ومسؤولياته جسيمة، سواء في شق الرقابة على أعمال الحكومة أو في شق التشريع، حيث ستحتاج البلاد إلى صياغة وتعديل العديد من القوانين لتتوافق مع نصوص الدستور الجديد الذي أقره الشعب في يناير 2014، ومن ثم فإن الناخبين المصريين مدعوون إلى التدقيق وحسن الاختيار ، والبعد عن الكلمات الرنانة والوعود الجوفاء، والتركيز من أجل اختيار العناصر التي لديها القدرة على الإنجاز والعطاء للوطن ولأبناء الشعب المصري.



أما من سيخوضون هذه الانتخابات فأقول لهم إن تولي السلطة في مصر أو القرب من دوائرها لم يعد مغنما والمجال لا يتسع إلا لمن يجد في نفسه القدرة على العمل والعطاء الإنجاز دون البحث عن مكاسب شخصية أو مصالح ضيقة لن تتحق، وأذكرهم جميعا بأن الوصول إلى المنصب ليس نهاية المطاف، ولهم في الماضي القريب عبرة، فالشعب لن يسمح بالبقاء إلا للإصلح.. وأدعو الأحزاب السياسية المصرية إلى العمل معا، فضلا عن تشجيع الشباب على المشاركة في الحياة السياسية والدفع بالكوادر الشابة لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة.. يجب أن نعد جيلا ثانيا وثالثا من السياسيين والحزبيين والبرلمانيين.. نجدد الدماء في شرايين مجلس النواب.. ونمنح الفرصة لمن أشعلوا جذوة الثورة ليساهموا في صنع مستقبل مصر.







القوات المسلحة لا تتجاوز صلاحيات المؤسسات الأخرى







• فخامة الرئيس.. لن أتحدث عن الدور المشرف الذي لعبته القوات المسلحة في حسم الموقف لصالح مصر وشعب مصر.. لكنني أتساءل.. عن خطوط التماس والالتقاء والتكامل (الآن) بين رئاسة الجمهورية.. وبين المؤسسة العسكرية التي توليت قيادتها في أدق الظروف وأصعبها؟







•• إننا نقيم دولة المؤسسات.. الدولة الراسخة التي لا يرتبط أداء مؤسساتها بتغير النظم السياسية.. ومؤسسة القوات المسلحة.. جزء عزيز ليس فقط من مؤسسات الدولة وإنما من نسيج هذا الوطن، كما أن العلاقة بين الشعب المصري والجيش علاقة فريدة، قوية ووطيدة، فدور الجيش المصري لا يقتصر فقط على زمن الحرب وإنما يمتد في أوقات السلم فعلى سبيل المثال تشارك القوات المسلحة في المشروعات القومية الكبرى وشق الطرق وإنشاء الكباري، فضلا عن تقديم الخدمات العلاجية للعديد من المدنيين في مستشفيات القوات المسلحة، التي تنحاز دائما لإرادة الشعب، ولأن هذه المؤسسة العريقة هي رمز الانضباط والالتزام فهي تؤدي دورها وواجبها الوطني على أكمل وجه وتتحمل أعباء جسيمة في المرحلة الراهنة تضاف إلى دورها الرئيسي في الدفاع عن أرض الوطن وأمن شعبه..إلا أن ذلك يتم في إطار الالتزام بدورها دون افتئات على صلاحيات لمؤسسات أخرى تجاوز لحدود دورها المشرف.







العلاقة بين الشعب وقيادته المسلحة راسخة







• سألت هذا السؤال فخامة الرئيس.. لأن هناك من يحاول تسميم هذا العلاقة بنشر شائعات صفيقة عن أن هناك حالة عدم رضا داخل الجيش عن الوضع العام برمته.. وأن الجيش قد يضطلع بمهمة مماثلة لتلك المهمة التاريخية التي حفظت مصر من الانهيار.. فكيف تردون على مثل هذا الدس الإعلامي الرخيص؟







•• لقد تضمن سؤالك الإجابة ذاتها فقلت «إشاعات» ووصفتها بأنها «صفيقة».. إن أي حديث يثار في هذا الاتجاه، إنما هو نابع من حقد البعض على العلاقة الراسخة بين الشعب والجيش، والتي لن تتزعزع بإذن الله بل تزداد متانة وقوة يوما بعد يوم.







مشكلات مصر المتراكمة لاتحل في بضعة أشهر







• كيف ترون – فخامة الرئيس - وضع مصر الاقتصادي الآن.. وبماذا تفسرون بطء الدورة الاقتصادية واستمرار توقف مئات المصانع عن الإنتاج وتردد المستثمرين الأجانب في المجيء إلى بلادكم وبالذات في ضوء تأخر صدور أنظمة وتشريعات تحد من الإجراءات والقيود البيروقراطية ولا توفر الضمانات الكافية لرساميل أجنبية جاهزة للعمل هنا؟







•• أود أن أطمئنك بأن الاقتصاد المصري بخير ويتعافى.. وأستند هنا إلى لغة الأرقام.. فلقد شهد الربع الرابع من العام المالي 2013 - 2014، تحسنا في معدل النمو ليصل إلى 3.7 % وهو ما يشير إلى بدء دوران عجلة النشاط الاقتصادي بعد تحقيق الاستقرار السياسي، كما ارتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي خلال العام 2013 / 2014 حيث قدر بنحو تريليوني جنيه، وبلغ معدل نمو الاستثمارات الكلية 12.9 % بإجمالي 280.6 مليار جنيه بعد أن كانت قد تراجعت بنسبة 3.7 % خلال عام 2012/ 2013 مما يعكس تحسن مناخ الاستثمار وعودة الثقة في الاقتصاد المصري. ولقد قامت مؤسسات التصنيف الاقتصادي الدولية، وآخرها وكالة «موديز» برفع درجة استقرار الاقتصاد المصري من سلبي إلى مستقر، وهو الأمر الذي يوضح أن خطط الحكومة على الصعيد الاقتصادي بدأت تؤتي ثمارها المرجوة.



كما أود أن أؤكد على أن إرث عقود من المشكلات المتراكمة لا يمكن تسويته في غضون أشهر قليلة.. فزمن المعجزات قد ولى.. إننا نعمل حاليا على إصدار حزمة من التشريعات الاستثمارية تتضمن تطبيق نموذج «الشباك الواحد» للتيسير على المستثمرين سواء المصريون أو العرب والأجانب.. وكلما تعافى الاقتصاد المصري، ازدادت الاستثمارات في مصر.







تزايد الثقة الدولية في الاقتصاد المصري







• تخوضون - فخامة الرئيس - معركة بالغة التعقيد.. ففي الوقت الذي يتطلب الإصلاح الاقتصادي الشامل إيجاد موارد جديدة ووقتا وجهدا وعملا واسعا وخلاقا وتضحيات كبيرة.. فإنكم تسارعون إلى البدء في تنفيذ مشاريع عملاقة مثل قناة السويس الثانية.. وقد نجحتم حتى الآن في تمويل الجزء الأكبر من تلك المشروعات الضخمة بأموال أبناء الشعب المصري وبمساهمة بعض الدول العربية الشقيقة الحريصة على استقرار بلادكم وسلامتها..



هل مصر قادرة على المضي بنفس القوة والصلابة في هذا الاتجاه ، وما هي خططكم وبرامجكم لدعم هذه التوجهات.. وتوفير الموارد الكافية لإعادة بناء مصر من جديد؟



•• إن مرحلة البناء المقبلة وما ستشهده من مشروعات ضخمة تتطلب توفير التمويل على كافة المستويات، إلا أن ذلك لن يمنعنا من تعبئة مواردنا الوطنية وتعظيم الاستفادة من مساهمات المصريين سواء بالداخل أو بالخارج، وذلك جنبا إلى جنب مع جهود التعاون الدولي للمساهمة في تنفيذ المشروعات الوطنية، سواء من خلال المنح والمساعدات أو القروض الميسرة من مؤسسات التمويل العربية والإسلامية. وأود في هذا الصدد أن أنوه إلى القروض التي يتم الحصول عليها من المؤسسات المالية الدولية، ومنها على سبيل المثال المفاوضات الجارية مع البنك الدولي للمساهمة في تمويل مشروع استصلاح المليون فدان، تزيد الثقة في الاقتصاد المصري وتؤكد على قدرته على الوفاء ببعض المعايير الاقتصادية التي تحددها هذه المؤسسات، مما يصب في صالح بيئة الأعمال في مصر وجذب الاستثمارات الأجنبية، وكذا رفع التصنيف الائتماني لمصر، وهو ما حدث مؤخرا بالفعل كما ذكرت لك.







الملف الليبي في مقدمة البؤر الملتهبة من حولنا







• هناك مخاوف كبيرة على مصر من تطور الأوضاع الحالية في ليبيا الشقيقة وانعكاساتها على المنطقة بصورة عامة ومصر العربية بصورة أكثر تحديدا بالرغم من الجهود المضنية التي تبذلونها للسيطرة على مجمل الوضع.. وسؤالي هو: هل مصر على تواصل مباشر مع كافة أطراف الصراع هناك؟ وكيف ترون المؤشرات الأولى لمستقبل ليبيا؟







•• الملف الليبي أحد أبرز البؤر الملتهبة على حدود مصر، وتؤثر حالة عدم الاستقرار في ليبيا على الأمن القومي المصري، وتجلى ذلك بوضوح خلال السنوات الثلاث الماضية. هناك تناحر بين فصائل مسلحة بعضها يرتدي ثوب الإسلام، وتدعمه بكل قوة بعض الأطراف الطامعة في زعزعة الاستقرار وتأجيج الصراع الداخلي وتشكيل أداة ضغط إرهابية على مصر. ويروجون أن هناك في ليبيا حكومتين إحداهما إسلامية، والأخرى مشكوك في شرعيتها رغم أنها منتخبة شعبيا، ونؤكد مرارا للحكومة الشرعية في ليبيا مساندة مصر الدائمة لاستقرار هذا البلد الشقيق، والذي لن يتحقق سوى بأن تمارس القوى الدولية ضغوطا على الأطراف الداعمة لتأجيج الصراعات في ليبيا، من أجل أن توقف أفعالها. وفي هذا الإطار جاءت استضافة مصر لمؤتمر دول جوار ليبيا في أغسطس الماضي، كما أعلنت مصر عن مبادرتها للتسوية السياسية السلمية للوضع في ليبيا، فضلا عن استعدادنا لتدريب القوات الليبية وتوفير متطلبات الحكومة الشرعية في ليبيا، ودعم المؤسسات الشرعية التي جاءت بإرادة حرة للشعب الليبي، وفي مقدمتها البرلمان والحكومة الجديدة، بالإضافة إلى دعم الجيش الوطني الليبي.







نعم .. نحن في قلب سايكس بيكو جديدة







•هل نحن بانتظار «سايكس بيكو» جديدة.. فخامة الرئيس؟







•• عندها طرح فخامته سؤالا استنكاريا قائلا: هل نتوقع.. ثم أجاب: لا.. «سايكس بيكو» موجودة.. وجاري تنفيذ بنودها على الأرض..







• وكيف تتعاملون مع هذا الوضع.. وما الذي يجب على سائر دول المنطقة أن تفعل للحيلولة دون تطبيق هذا المخطط الخطير؟







•• ما نقوم به الآن في بلادنا.. من تعزيز وترسيخ أركان الدولة المصرية القوية.. وما يتم من تفاهمات عالية المستوى مع دول المنطقة وفي مقدمتها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة والكويت وغيرها.. يصب في هذا الاتجاه.. ولا خيار لنا دونه البتة.. وكما قلت سابقا فإن وضع أيدينا معا.. وتسخير قدراتنا وإمكاناتنا الهائلة لهذا الغرض كفيل بأن يعطل أي مشاريع تتم على حسابنا وضد مصالح أوطاننا وشعوبنا.. ولحسن الحظ فإن الشعوب العربية وفي مقدمتها شعب مصر متنبهون لما يحاك ضدهم ويراد بأوطانهم ولن يدخروا أي جهد أو عطاء أو تضحية من أجل صيانتها.