-A +A
عبدالمحسن هلال
عجت وسائل الإعلام، خلال الأسبوعين الماضيين، بأخبار مفرحة مبشرة عن مبتعثينا في الخارج وعن تفوقهم وبروزهم على المستوى العالمي، قد نشك في وسائل إعلامنا لعامل الوطنية والعاطفة وربما المجاملة، لكن الحق دوما ما شهدت به الأعداء، وإن كان ليس لنا عدو إلا من أنفسنا وممن مكناه منها، وإلا هل نسينا تعرض برنامج الابتعاث، بل فكرة الابتعاث ذاتها، لحملة نقد عنيفة من بعض أدعياء العلم، حاولوا تشويهه برغم نبل فكرته. الناقدون، حتى لا أقول الحاقدين، لم ينظروا إلا للجوانب السلبية وتركوا، لأنهم فاقدي الأمل، الإضافات والجوانب المضيئة المنتظرة من الابتعاث، مثلهم كمثل عمال النظافة لا تقع أعينهم إلا على القاذورات، بل لهؤلاء حسنة إماطة الأذى عن الطريق، وليس للناقمين على برامج الابتعاث إلا سوءة الإحباط والنظرة الضيقة للدين وكأنه ضد طلب العلم مع أننا مطالبون به ولو في الصين.
أشرقت الأخبار بأسماء بعض مبتعثينا وإنجازاتهم، وكم وددت ــ كتحية لهم ــ عرض كل اسم لولا ضيق المساحة، فأكتفي بأمثلة قليلة للعام الحالي فقط. حسام مأمون زواوي نال جائزة رولكس العالمية للمشاريع الطموحة واختارته مجلة تايم الرصينة كأحد أبرز قادة المستقبل في المجال الصحي، لينا القحطاني حصلت على جائزة أنتل العالم العربي عن مشروعها البصمة الكيميائية، ذات المؤتمر الذي حصدت المملكة عشر جوائز من جوائزه، منار سمان بجامعة ليدز البريطانية اختيرت ضمن فريق طبي كشف الشفرة الجينومية لنوع نادر من سرطان الفم، مها الخياط حصلت على الميدالية الذهبية في النانو بمعرض جنيف، رامي باشا في كيمياء النانو بجامعة هيل البريطانية التي رشحته لرئاسة مؤتمرها العلمي، آخر وليس أخيرا هند عبدالغفار ابتكرت سترة لحماية رجال الأمن من الرصاص بتقنية النانو.

كما قلت هم غيض من فيض وأمثلة جميلة للوحة جميلة نتخيلها لمستقبل وطننا، آمل أن يتم التحضير لاستيعابهم قبل أن يتحولوا للخارج ولا نستفيد من كم استثمارنا وحجم آمالنا فيهم، ولا عزاء لجامعاتنا التي تفتقد البيئة التعليمية المحفزة للإبداع والتنافس العلمي المولد للتفوق، والدعوة جادة لطلاب علمنا المحليين ببذل الجهد المضاعف وخارج قاعات الدرس لتوليد التميز المطلوب، وثق أن الفرصة ستأتيك سعيا إذا ما أنت أحسنت الاجتهاد بالعمل وإن بظروف أقل تمكينا.