أولت قيادة المملكة جل اهتمامها بالشأن الخليجي وعملت بكل صدق ومحبة وإخلاص على تحقيق ما فيه خير شعوب المنطقة وأمنها واستقرارها.
فمنذ القمة التأسيسية لمجلس التعاون في أبو ظبي في الحادي والعشرين من رجب 1401هـ، برزت مواقف القيادة السعودية بالفعل قبل القول في دعم العمل الخليجي والنهوض به على المستويين الداخلي والخارجي. وأكد جلالة الملك خالد بن عبدالعزيز -رحمه الله، أن هذا التجمع يعمل لخير المنطقة ولا يهدف من قريب أو بعيد بطريق مباشر أو غير مباشر للإضرار بأحد فهو ليس تكتلا عسكريا ضد أي فريق وليس محورا سياسيا ضد أي قوى.
وكان خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله، قد اضطلع بدور مهم في هذا المجال لما قدمه من عطاء ورعاية للمجلس منذ نشأته ثم انطلاقته، وحمل المسؤولية انطلاقا من الدورة الثالثة التي عقدت في المنامة في محرم عام 1403هـ.
ومنذ ذلك التاريخ تمكن بحكمته الثاقبة وبعد نظره من دعم السير بالمجلس نحو القمة متجاوزا كل الصعوبات، وليس أدل على ذلك من وقفته تجاه الغزو العراقي للكويت، ثم جاءت نقطة التحول الجذرية عندما أعلن -رحمه الله- قراره التاريخي بالاستعانة بقوات شقيقة وصديقة لمساندة القوات المسلحة السعودية في أداء واجبها الدفاعي عن الوطن والمواطنين ضد أي اعتداء.
وفي الدورة الحادية والعشرين التي عقدت في البحرين 4 شوال 1421هـ، ركز خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -ولي العهد آنذاك- على ضرورة تطوير التعاون العسكري بين الدول الأعضاء وتنمية القدرة الدفاعية الذاتية الفاعلة لدول المجلس.
ودعا الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تسريع الخطى واستجلاء مواطن الضعف والخلل في مسيرة المجلس، مؤكدا أن مجلس التعاون مدعو اليوم أكثر من أي وقت مضى لإثبات وجوده وإشعار مواطنيه بالمكاسب والفوائد.
وفي الدورة الثانية والعشرين التي عقدت في مسقط في الخامس عشر من شوال 1422هـ، واصل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -ولي العهد آنذاك- الاهتمام بقضايا الأمة الخليجية وحمل همومها إلى تلك القمة.
وواصل الملك عبدالله بن عبدالعزيز جهوده لتطوير التعاون العسكري الخليجي، وطالب في القمة التاسعة عشرة في أبو ظبي، بتحويل درع الجزيرة من قوة رمزية إلى قوة فاعلة تحمي الصديق وتردع العدو، فاقترح جملة من الآليات لتطوير التعاون عبر رسائل إلى قادة دول المجلس قبل انعقاد الدورة السادسة والعشرين في ديسمبر 2005م في أبو ظبي.
وبارك المجلس الأعلى في دورته الخامسة والعشرين، مقترحات خادم الحرمين الشريفين بشأن تطوير قوات درع الجزيرة وأحالها إلى مجلس الدفاع المشترك لدراستها ورفع التوصيات بشأنها. وفي الدورة السابعة والعشرين في الرياض نهاية 2006م، صادق المجلس على مقترح تطوير قوة درع الجزيرة.
ولم تغب القضايا العربية والإسلامية عن ذهن الملك عبدالله بن عبدالعزيز وهو يخاطب قادة دول مجلس التعاون في أي قمة من القمم الخليجية، فهي كانت حاضرة دائما في خطابه ولها نفس الاهتمام شأنها شأن القضايا الخليجية.
وفي القمة الثانية والعشرين في مسقط في 15 شوال 1422هـ، قال -حفظه الله: «إذا ما حولنا نظرنا صوب أمتنا العربية والإسلامية راعنا ما يحدث لأشقائنا في فلسطين الشقيقة من تدمير ومذابح دامية تتم تحت سمع العالم وبصره».
وقال في افتتاح القمة الخليجية في الرياض: «إن منطقتنا العربية محاصرة بعدد من المخاطر وكأنها خزان مليء بالبارود ينتظر شرارة لينفجر، وإن قضيتنا الأساسية قضية فلسطين الغالية لا زالت بين احتلال عدواني بغيض لا يخشى رقيبا أو حسيبا وبين مجتمع دولي ينظر إلى المأساة الدامية نظرة المتفرج وخلاف بين الأشقاء هو الأخطر على القضية».
وحول التطلعات الخليجية، رأى خادم الحرمين الشريفين في قمة الكويت 2009م محطة مهمة من محطات العمل الخليجي من أجل المزيد من الإنجازات التي ترضي طموح أبناء الخليج. وفي الدورة الثانية والثلاثين 19 ديسمبر 2011 في الرياض، قال خادم الحرمين الشريفين: «نجتمع اليوم في ظل تحديات تستدعي منا اليقظة، وزمن يفرض علينا وحدة الصف والكلمة. ولا شك بأنكم جميعا تعلمون بأننا مستهدفون في أمننا واستقرارنا، لذلك علينا أن نكون على قدر المسؤولية الملقاة على عاتقنا تجاه ديننا وأوطاننا». وطالب في هذه القمة، أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد يحقق الخير ويدفع الشر.
وفي القمة الثالثة والثلاثين في البحرين يوم 24 ديسمبر 2012م، جدد الملك عبدالله بن عبدالعزيز حرصه على المسيرة الخيرة للدول الأعضاء والانتقال من مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان قوي متماسك يلبي تطلعات مواطني دول المجلس.