-A +A
? إبراهيم علوي (جدة)
بعبارات الامتنان والشكر، تحدث الأديب المرهف عبدالله عمر خياط للحضور في ليلة تكريمه من قبل مؤسسة «عكاظ» قائلا: «كان في اعتقادي أنني كنت أحتاج إلى سبع سنوات من عمر شبابي كي أنال شهادة البكالوريوس من جامعة القاهرة مثلما حصل عليها زملائي، لكني تعثرت بعد شهادة المتوسطة في مكة المكرمة، وكانت على أيامنا تسمى شهادة الكفاءة، والتفت اليوم إلى ماضي حياتي، فاكتشف أنني قضيت خمسا وستين سنة في القراءة والكتابة المتواصلة، ولولا ذلك لفتحت محلا للخياطة كما في المثل: (صنعة أبوك لا يغلبوك)».
وأضاف: «لقد كنت على مفترق طريقين، إما العمل خياطا في دكان والدي، أو العمل في وظيفة حكومية. وقد اخترت الثانية، فعملت في شرطة مكة المكرمة، وبعد أربع سنوات وجدت نفسي على مفترق طريقين.. إما العمل في مجال الأمن، أو في الميدان الصحفي، ومرة أخرى اخترت الطريق الثانية، وأعني طريق القراءة والكتابة، وما كان أبي ولا جدي في هذا الطريق».

وقال المحتفى به إن لي أسوة بأسد بن الفرات.. فاتح صقلية.. إحدى جزر إيطاليا.. فقد قال عندما كان يقود أسطولا من 500 سفينة: «والله يا أيها الناس ما ولي لي أب ولا جد ولاية قط، ولا رأى أحد من أسلافي مثل ما أرى. إنما الذي بلغته فبالعلم، أتعبوا فيه أذهانكم وكدوا به أجسادكم تبلغوا به خير الدنيا والآخرة».
وأضاف لا يظنن أحد بعد سماع هذا الكلام أنني فتحت الأندلس، لكني بحمد الله قضيت 65 عاما.. في قراءة كتب الأدب، وكتب متنوعة كثيرة بما يناسب مهنتي ككاتب صحفي يومي.
ونقل الخياط الحضور إلى المصاعب التي كان رجال الشرطة يواجهونها قديما، فقال «ما يدريني لو أني بقيت في شرطة الحجون أو جرول في مكة المكرمة، فربما سقطت في حفرة من الحفر التي يحفرها الخصوم ضد المشتكين من البادية عندما ننتقل إلى قراهم للتحقيق في الشكوى التي غالبا ما تكون كيدية».
وقال «كان اختياري ــ بحمد الله ــ هو الاختيار السليم، وكل ميسر لما خلق له. لكني أقول ــ كما قال الحكماء ــ من لم تكن له بداية محرقة لم تكن له نهاية مشرقة، والفضل في تكويني بعد توفيق الله يعود لوالدي ووالدتي ــ طيب الله ثراهما ــ وإخوتي لتربيتهم وإكرامهم لي، ثم إلى الأساتذة رؤساء التحرير السابقين، ومن عملت تحت إدارتهم أو زاملتهم في الحقل الصحفي، وذلك لما لقيته منهم من تشجيع ودعم وتوجيه».
وأعاد عبدالله الخياط الفضل ثانيا إلى القارئ الكريم، والذي بيني وبينه علاقة مثل علاقة لاعب التنس بمن يقابله. فالقارئ هو اللاعب الأول في ملعب كرة التنس أو المضرب.
واستطرد «الذي لا مراء فيه أن القارئ هو الطرف الأول، فبدونه لا تتم اللعبة، وبالتالي ما كان لعبدالله خياط من وجود بدون القارئ الذي أظل مدينا له ما حييت».
وواصل حديثه موضحا للحضور أن تاريخه مع «عكاظ».. وكتابته لعمود (مع الفجر) يمتدان لخمسين عاما.. وقال لئلا أطيل عليكم بما كان لي مع «عكاظ» من تاريخ.. فإني سأكتفي بسطور من رسالة كتبها لي خلال رئاستي لتحرير عكاظ زميل منافس من أعضاء مؤسسة «اليمامة» الصحفية التي تصدر عنها جريدة الرياض، وهو الأديب فهد العريفي، إذ يقول في رسالته بعد مقدمة يتحدث فيها عن انتشار «عكاظ» ونفادها مبكرا من أسواق الرياض:
«حقا.. إنها هي الصحيفة الوحيدة في بلادنا التي يجد الإنسان على صفحاتها شيئا ضروريا يفتقده في الصحف الأخرى.. يجد الفكر والنقد.. والتوجيه.. وهذا القول ليس من قبيل الإطراء وكيل المدح، فأنت من أدرى الناس بي وباشمئزازي الذي يصل في بعض الأحيان إلى درجة ــ الحماقة ــ من بعض الصحف وبعض القائمين عليها.. ولكنها الحقيقة يا صديقي».
وأضاف هذه شهادة من عضو في مؤسسة «اليمامة» المنافسة لـ«عكاظ» وقد أصبح الأستاذ العريفي مديرا عاما لها فيما بعد، ولقد سارت صحيفة عكاظ من نجاح إلى نجاح حتى حازت قصب السبق لتصبح اليوم الصحيفة الأولى أو بالأحرى صحيفة المليون قارئ.
.. واليوم، وأنا أحظى بهذا التكريم وهذا الحضور من الشخصيات الكريمة، رجالا ونساء، فإنني أعتبر هذا هو الوسام الحقيقي تقديرا لمسيرتي الصحفية، وإن كانت المناسبة الرسمية التي تفضل بها أخي الكريم عبدالله كامل رئيس مجلس إدارة مؤسستنا العتيدة عكاظ.. هي تكريمي بمناسبة حصولي على الوسام الذي منحني إياه اتحاد الصحفيين العرب في حفل كبير بالقاهرة حضره رئيس الوزراء المصري المهندس إبراهيم محلب، بعد أن التقينا بالرئيس عبدالفتاح السيسي، وكان الترشيح قد أتى من هيئة الصحافة السعودية لي كرمز للصحفيين والكتاب السعوديين، والذي كان لأخي سعادة الدكتور هاشم عبده هاشم دور في هذا الترشيح، فله شكري وامتناني.
وختم الخياط كلمته ببيتين من شعر الإمام الشافعي:
كلما أدبني الدهر أراني نقص عقلي
وإذا ما ازددت علما زادني علما بجهلي