-A +A
عـــبدالله الجفري
* شعرت في لحظة تكثَّف فيها حزني وتمدد اختناقي أنني في حاجة ماسة إلى دمعة، ولو حتى أستلفها من غارق في الوحدة والوحشة، أو من الموجوعين والفقراء والمعذبين الذين يتكاثرون في الأرض رغم وسائل الحضارة وأكاذيب الديمقراطية المزوّرة والخادعة للشعوب...
فالدمعة أحياناً تجفّ أو تهرب لمزيد من تكثيف الحزن، ووجدت البوابة إلى الدمعة في كلمات «فيصل اليامي» التي لحنها وغناها «علي بن محمد»، الذي يذكرني بصوت الرائد/ أبوبكر بلفقيه... كأن هذه الأغنية أعادتني إلى أغنية بلفقيه «يا عين لا تذرفي الدمعة» في وقت عصَتْ دموعنا على هذا الذرف.

لكن أغنية «عيال حارتنا» حرَّضتني أن أذرف الدمعة الغالية، وأتفاعل مع بساطة كلماتها العفوية التي تشكل بانوراما لحياة الإنسان، وتركض وراء حلمه، وتنكسر بهمومه... وقد بدأها الشاعر بهذه الأماني:
- ألا ليت الزمن يرجع ورا وإلا الليالي تدور
ويرجع وقتنا الأول، وننعم في بسطاتنا
زمان أول أحس أنه زمان فيه صدق شعور
نحب ونخلص النيّه، وتجمعنا محبتنا!
زمان ما فيه لا غيبة ولا حتى نفاق وزور
يا ليته بس لو يرجع، ونسترجع طفولتنا!
* * *
* بلغت الكلمات عمق النفس الموجوعة الفيَّاضة بالشجون الباكية، وحملنا اللحن إلى الماضي الأجمل والأصدق: «صغار قلوبنا بيضا، نعيش بعالم محصور»، فنسترجع الزمن الجميل الأنقى، وتفرُّ دمعة الدهشة والاختناق بما حولنا وجعلنا مثل الريموت كنترول... وما زال الإنسان يغني وهو يتوجَّع بجراحه، وهو مسكون بدمعة حائرة: هل تسقط أم تبقى في العين حائرة؟!
وقيل إن المغنِّي «علي بن محمد» سمع الكلمات من الشاعر فطلبها منه، لكن الشاعر قال له: إنها كلمات لا تُلحَّن ولا تُغنى... لكن المغني تفاعل مع صورها، وكأنه بعد كل شطر من القصيدة يسقط دمعة:
- ولكن دارت الأيام، وبان الخافي المستور!!
* * *
* آخر الكلام:
* من صور هذه الأغنية:
- تعبنا وصارت الدنيا تصفّ أحزاننا بالدور
وتهدينا الألم والهم غصَبْ عن عين رغبتنا
تعبنا من بلاويها.. أحد ضايق وأحد مقهور
وكل غارق بهمَّه، وفي الآخر: تشتتنا!