-A +A
يحيى رباح
في لقاء نتنياهو الأخير مع كيري، ليس هناك من جديد لأن المفاوضات الأخيرة التي كان يرعاها الوزير الأمريكي، وصلت الأمور إلى الجدار الأخير، ثم بدأت الحرب التدميرية على غزة، واستمرار التصعيد العنيف من قبل حكومة نتنياهو الذاهبة إلى انتخابات مبكرة يتنافس فيها الحلفاء إلى حد القطيعة، وتتراجع فيها شعبية نتنياهو إلى حد أنه أصبح هو نفسه العبء، فإن الرجل الذي لم يبق لديه أوراق سوى عربدة القوة ضد الشعب الفلسطيني وهي أوراق سبق وأن لعبت بها إسرائيل ولم تؤد إلى أي نتيجة سوى استفحال المشكلة، ومضاعفة حجم العزلة الإسرائيلية، والذي رفض في لقائه مع كيري أي جهود ترمي إلى تحديد موعد أو جدول زمني للانسحاب من أرض دولتنا الفلسطينية، مبررا ذلك بأن الانسحاب من الضفة سيجعل حماس تصل إلى ضواحي تل أبيب، وهذا الكلام عاجز ولا جديد فيه، فالعالم كله يقول لإسرائيل إن هذا الإرهاب يتغذى على بقاء الاحتلال الإسرائيلي، وعلى العربدة والاستهتار التي تمارسها إسرائيل، وعلى تسليم إسرائيل كدولة كل صلاحياتها لقطعان المستوطنين، ومجموعات الإرهاب الإسرائيلية وتعاظم الانحدار نحو اليمين المتطرف واليمين الإسرائيلي الديني لكي يجر المنطقة نحو حرب دينية من خلال طرح مشروع الدولة القومية اليهودية.
لا أوراق جديدة في يد نتنياهو سوى الاستمرار في قلب الأزمة، والاستعانة بإرهاب الدولة المكشوف، والتشبث بالممارسات الشاذة التي رأيناها في قطاع غزة، ونراها كل يوم في القدس، وفي الضفة مثلما رأينا جريمة اغتيال الوزير زياد أبو عين في وضح النهار مع سابق الإصرار والترصد.

على ماذا يراهن نتنياهو في موقفه المتحجر الذي يقوده كل مرة إلى الفشل؟ من يصغي جيدا إلى كلام نتنياهو، سوف يكتشف أنه يرسل رسائل إلى بعض القوى المحلية والإقليمية وإشارات لا يمكن تجاهلها، فنتنياهو الذي لم تجد كل تهديداته نفعا في إقناع القيادة الفلسطينية في النكوص عن المصالحة الفلسطينية يقوم الآن بمغازلة حماس حتى تحطم المصالحة وتعود إلى الانقسام!
موقفنا واضح جدا مبني على معطيات قوية، والإدارة السياسية لملفاتنا عالية المستوى، فنحن جزء من الشرعية الدولية، ونحن جزء من أمن واستقرار المنطقة بل نحن صلب هذا الأمن والاستقرار، ونحن منفتحون على كل الرؤى التي تخدم توجهنا الرئيسي وهو استحقاق فلسطين لدولة كاملة العضوية وعاصمتها القدس الشرقية، ولا يستطيع أن يزايد علينا أحد، فإن كل مراكز القرار الأخرى في المنطقة لا يصل وعيها بخصوص القضية الفلسطينية إلى وعي فتى في شوارع القدس، نعرف أقدارنا ومستعدون لها، ولن يكون الخزي والعار إلا من نصيب الذين ما زالوا يتوهمون وتغريهم شياطينهم بأن فلسطين ليست أكثر من حبة بن في طواحينهم الرخيصة، فإن فلسطين بشعبها وكفاحها وعدالتها هي أول الكلام وآخره.