-A +A
? أحمد اللحياني (مكة المكرمة)
استبشر الجميع بحملة تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية التي أعلنت عنها وزارة العمل العام الماضي، حيث تدافع عشرات الالاف من العمال الوافدين واصحاب العمل لتصحيح أوضاعهم، إذ غصت بهم إدارات الجوازات في كافة انحاء المملكة.. عمليات التصحيح رأته كافة الجهات فرصة لا تعوض في التخلص من العمالة الفائضة والسائبة وغير النظامية والاستفادة من المهلة المقررة في كسب الايدي الماهرة المتوافرة في سوق العمل والتخلص من غير الماهرة وغير النظامية، خصوصا ان هذه الفئة اصبحت عالة وعبئا على غيرها واشغلت مختلف الجهات بملفاتها وقضاياها.. لا سيما المؤسسات الاجتماعية والمحاكم والشرط.
مع عودة حملة تصحيح جديدة يتحدث البعض ان الاولى لم تؤت ثمارها ولم تحقق الاهداف التي وضعت من اجلها، برغم الحملات التفتيشية المشددة على المنشآت الأهلية في القطاع الخاص.. ويعزو البعض ذلك إلى عدم استمرار الحملات بصورة منتظمة تحد من انتشار العمالة السائبة غير النظامية وتستر البعض على العمال خصوصا مؤسسات وهمية تعتبر العمال السائبين مصدر دخل ثابت لها، وبحسب هؤلاء فإن الحملات تضاءلت بعد اسابيع من انتهاء المهلة المحددة لتعود فوضى العمالة السائبة الى الشوارع، حتى ان الوضع عاد الى حالة ما قبل التصحيح.
تعكير الصفو
مواطنون وصفوا الحملات تلك بأنها اشبه بفقاعات صابون سرعان ما تعود العمالة إلى فوضويتها السابقة طالما ان هناك من يستغل الانظمة والقوانين لصالحه واستغلال فجوات اللوائح في تمكين الأجانب من ممارسة التجارة لصالح حسابهم والتلاعب بالثروات، مع العلم أن النظام يسمح لرؤوس الأموال الأجنبية الاستثمار وفق ضوابط وشروط مقننة.
واستطلعت «عكاظ» الشارع والتقت بمجموعة من المواطنين وعمال أجانب يعملون لحسابهم بعد حملة تصحيح الأوضاع، يقول رجل الاعمال محمد الصاعدي: عندما أعلنت حملة تصحيح الأوضاع استبشر رجال الأعمال كثيرا بفرصة التخلص على ما يعكر تجارتهم ويكبدهم خسائر فادحة ناتجة من بعض الوافدين الذين أصبحوا يديرون محلات خاصة بهم فأصبحت الأسواق التجارية تعج بهم بفضل ظاهرة التستر على الأجنبي وتمكينه من ممارسة الانشطة التجارية تحت غطاء مؤسسات يمتلكها مواطنون للاسف.
لهث وراء الأرباح
الصاعدي يضيف ان بعض اصحاب المؤسسات يلهثون وراء الربح بأي ثمن لتمكين الاجنبي من ضرب المستثمر السعودي داخل وطنه، والتسبب في عزوف كثير من الشباب الطموح من مزاولة التجارة والأعمال الحرة. وهناك محلات تجارية تديرها عمالة وافدة أصبح لها نفوذ قوي في السوق بل وصل الأمر إلى فتح فروع متعددة داخل المملكة وإدارتها عبر عمالة تستقدم من أبناء جلدتهم دون حسيب أو رقيب، ويستشهد الصاعدي بصالونات الحلاقة الرجالية والبوفيه وأسواق الخضار والتموينات المنزلية، مشيرا إلى أن هناك عمالة وافدة بسطت نفوذها على سوق الجملة خاصة في مجال الخردوات والمفروشات وأدوات التجميل، لافتا إلى أن حملات اللجان المشكلة لتصحيح الأوضاع لم تستطع الاطاحة بهم بسبب حرصهم التام على التخفي وخداع لجان الرصد والمتابعة.
سمسرة في الخفاء
عبداللطيف الحازمي مهني في مجال نسخ المفاتيح، يرى أن هناك اختراقا واضحا من العمالة الوافدة على الانظمة وتمكنهم بذلك في السيطرة على بعض أسواق العمل حيث أن هناك ضعاف نفوس من المواطنين اعتادوا على فتح المحلات التجارية واستقدام العمالة الوافدة وتسليمهم تلك المحلات مقابل مبلغ مالي معلوم يدفع لصاحب المحل عند نهاية كل شهر، وهو الامر الذي حشد أسواق العمل بالكثير من العمالة السائبة التي تعبث بأنظمة العمل واجراءاته المعروفة وسد الطريق امام المواطنين.
الحازمي يضيف انه تفاءل خيرا بالحملة التصحيحية الاولى وكان الأمل يحدوه برؤية سواعد الوطن تدير المحلات وتدفع بعجلة التنمية نحو آفاق واسعة خاصة أن هناك من أبناء الوطن من لم يكملوا مسيرتهم التعليمية بسبب ظروفهم الأسرية فآن لهم الأوان أن يمسكوا بزمام هذه الأسواق ويبتغوا من فضل الله ولكن جاءت الأوضاع مخيبة للآمال، حيث عاد الكتان على ما كان وعاد المستثمر الأجنبي إلى وضعه السابق ، وأبان الحازمي أن توقف الحملات في البحث عن المتلاعبين بأنظمة البلاد ساعد رجوع تلك العمالة مجددا وهيمنتها على أسواق العمل والتجارة والأعمال المهنية، ويأمل الحازمي ضرورة إصدار قرار يمنع استقدام العمالة المهنية خصوصا وان مؤسسات التدريب المهني تدفع سنويا بالاف الشباب المهنيين في مختلف التخصصات كالسباكة والنجارة والتبريد والتكييف وغيرها.. والاعتماد على المؤسسات التقنية يعين شباب الوطن في دخول هذه الاسواق المرغوبة وسد العاجز الحاصل في هذا المجال.
قسمة ونصيب
العامل الباكستاني محمد أيوب معلم أعمال ارضيات وبلاط، يقول : الحملات لم تعد تزعجنا كثيرا ما دام أوضاعنا رسمية أمام لجان التفتيش من وزارتي العمل والتجارة، ويضيف انه قدم إلى البلاد بتأشيرة نظامية ويعمل تحت كفالة احدى مؤسسات بيع البلاط والسيراميك، واقر انه يعمل لحسابه وفق عقود رسمية تبرم بين صاحب المؤسسة والعميل، بموجبها يتقاضى أجرة أعماله وينال الكفيل مبلغا رمزيا مقابل ذلك، وأبان أيوب أن معظم معلمي البلاط وكافة الأعمال الإنشائية تسير وفق النظام المتبع منذ عشرات السنين، وفي النهاية ينتفع جميع الاطراف وكل راض بقسمته ونصيبه.
تستر على بائع شطائر
العامل إحسان عبدالحق آسيوي يعمل في محل لبيع الشطائر والمرطبات في حي شعبي يقول: في البداية كنت اتقاضى راتبا شهريا من صاحب المحل وبعد عدة اشهر اتفق كفيلي معي على تسليمي المحل وادارته مقابل مبلغ شهري أدفعه، على أن أتحمل مصاريف المحل وقيمة الإيجار السنوي وكافة الأوراق الثبوتية، ويرى إحسان أن هذه الطريقة جعلت كثيرا من العمالة الوافدة تسيطر على المحلات، يشجعهم على ذلك غياب صاحب المحل او انشغاله الدائم او تكليف غيره لإدارته.
كفيلي غير نشيط
ذات الحالة تنطبق على آدم حسين ضيوفو أفريقي يعمل في مجال الهدم والحفر وحمل الأمتعة، يقول : منذ 10 سنوات و أنا أعمل في هذا المجال، وكفالتي لدى مؤسسة معنية بالمقاولات، وحيث إن كفيلي ليس لديه أعمال نشطة في الوقت الراهن أقوم حاليا بالعمل لحسابي الخاص في مجال الحفر وشق القنوات وكذلك التكسير ونقل المخلفات وغيرها من الاعمال اليدوية الشاقة، وبحسب المتعارف عليه أدفع لكفيلي مبلغا من المال عند بداية تجديد الإقامة سنويا وكرت العمل بمبلغ 2500 ريال. وكما ترون تجدونني جالسا على قارعة الطريق انتظر فرصتي من بعض المواطنين لحفر خزانات الماء والصرف الصحي وتكسير الصخور ونقل مخلفات البناء.
مكاسب للمعقبين والمكاتب
وأضاف آدم أنه في مثل هذه الأعمال تعود الناس على الاستعانة بعمال ليس لهم ارتباط مباشر بالمؤسسات والكفلاء ويكون التعاقد مباشرة مع العميل دون الرجوع للكفيل أو المؤسسة، لافتا إلى أن عمالا أفارقة يمارسون هذه الأعمال، وأشار إلى أن هناك حملات أمنية تستهدفهم في أماكن تجمعهم وسرعان ما ينطلق الجميع نحو الأزقة الضيفة ويتلاشى تواجدهم لعدة ساعات حتى تهدأ الأوضاع ويعود الحال إلى سابقه بنشاط وحيوية.
في المقابل يرى مراقبون في سوق العمل عدم نجاح الحملات التصحيحية لأوضاع العمالة السائبة، والنجاح الوحيد هو انها حققت مكاسب مادية لمكاتب الخدمات العامة والتعقيب وبعض العمال ممن نجحوا في تغيير مسميات مهنهم والحصول على كفيل جديد يكمل ما عجز عنه المواطن في إغراق البلد بملايين العمال.. ويبقى السؤال الذي يبحث عن إجابة واضحة وصريحة هل حققت وزارة العمل أهدافها من تصحيح أوضاع العمالة الأجنبية ؟.

خطط ميدانية وآليات فجائية لملاحقة المخالفين



? متعب العواد (حائل)
أسهمت العقوبات المقررة على المخالفين بعد الفترة التصحيحية في ضبط الإجراءات سواء على الأشخاص أو الشركات حيث لعبت شرط المناطق دورها المأمول في مهام الضبط لمخالفي الإقامة والعمل ومجهولي الهوية وناقليهم حيث اتخذت شرط المناطق كافة الخطط الميدانية والتجهيز ووضع الآلية المناسبة للتنفيذ.
في حائل، تواصل شرطة المنطقة حملات سرية وفجائية ودقيقة للتعامل مع المخالفين حيث شكلت لجانا تضم مديري الشرطة، الجوازات، السجون، لإجراء التنسيق والتعاون وتذليل الصعوبات التي تواجه هذه المهمة.
وأسفرت الحملات الأمنية التي قادتها شرطة منطقة حائل خلال الأيام الماضية عن ضبط 1500 مخالف ومتخلف وتمت إحالتهم لجهات الاختصاص لاستكمال الإجراءات النظامية مثل الغرامات والترحيل والسجن وفق لائحة العقوبات التي شرعت لكل مخالفة.
مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام الناطق الإعلامي في شرطة حائل العميد عبدالعزيز الزنيدي، أكد استمرار الحملات طيلة العام لتطبيق الأنظمة وحفظ حقوق العامل وصاحب العمل.

خطة أكثر تركيزا في المستقبل


? عبدالخالق ناصر الغامدي (الباحة)
إبراهيم أحمد زلفان مدير مكتب العمل والعمال في الباحة ذكر لـ«عكاظ» أن الجولات السابقة التي قادها بالتعاون مع لجان من الإمارة والشرطة والجوازات حققت أهدافا كبيرة وتعمل هذه اللجان على مدار اليوم على جميع المواقع إضافة إلى خطط أخرى في الفترة المقبلة ستكون أكثر متابعة ودقة وتركيز على المواقع التي تتجمع فيها العمالة كالأسواق والمحال التجارية بمختلف الأنشطة في أيام الدوام والإجازات أيضا.