بقراءة واعية للظروف الحالية بالمنطقة الملتهبة حروبا وعدم استقرار سياسي واقتصادي، ومع تذبذب أسعار النفط عالميا، لم يكن مفاجئا أن تحمل توقعات ميزانية العام المقبل المعلنة أمس مؤشرات العجز، ولاسيما في ظل الهيمنة الكاملة لقطاع النفط على اقتصادنا، إلا أن رؤية خادم الحرمين الشريفين في الاستمرار في صناعة التنمية اللازمة جعل الإنفاق هذا العام يفوق العام الماضي مع توجيه المسؤولين بالترشيد والبحث عن موارد أخرى ومصادر بديلة للدخل، ولذلك جاءت الميزانية حاملة لدلالات تدعو للحراك صوب تغيير استراتيجية البناء وهو ما دعا إليه خادم الحرمين الشريفين في كلمته بضرورة التكامل بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث كان خطاب الملك واضحا ومباشرا حين قال: «لا يخفى عليكم ما يمر به الاقتصاد العالمي من ضعف في النمو، أسهم إضافة إلى ما تمر به السوق البترولية العالمية من تطورات في انخفاض كبير في أسعار البترول وقد جاءت توجيهاتنا للمسؤولين بأن تأخذ ميزانية العام القادم بعين الاعتبار هذه التطورات وترشيد الإنفاق، مع الحرْص على كل ما من شأنه خدمة المواطنين وتحسين الخدمات المقدمة لهم، والتنفيذ الدقيق والكفْء لبرامج ومشاريع الميزانية، وما تم إقراره من مشاريع وبرامج لهذا العام المالي والأعوام الماضية، وما يسْهم في استدامة وضْع المالية العامة القوي، وأن تعطى الأولوية في العام المالي القادم لاستكمال تنفيذ المشاريع المقرة في الميزانيات السابقة، وهي مشاريع كبيرة» .
رؤية الملك الثاقبة
** كان خادم الحرمين الشريفين ملامسا بدقة لمتطلبات المرحلة المقبلة وصناعا للمستقبل بالوفاء بكافة الالتزامات التي من شأنها تحقيق خدمات نوعية للمواطنين، طارحا -حفظه الله- رؤية جديدة للخروج من عنق الأزمات المالية المستقبلة بالتكامل بين القطاعين العام والخاص، حيث قال: «نحن متفائلون من أن النمو الاقتصادي سيستمر -بإذن الله- مدفوعاً بنشاط القطاع الخاص، واستمرار تعزيز التكامل بين القطاعْين العام والخاص، ومواصلة تحسين أداء القطاع الحكومي، وتطوير التعليم باعتباره أساس التنمية، ومعالجة اخْتلالات سوق العمل لإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين والتنمية المتوازنة بين المناطق، والاستخدام الأمْثل للموارد».
هذا الخطاب الذي سبق ميزانية حملت توقعات بعجز مستقبلي.. كان بمثابة جرس إنذار لكافة قطاعات ووزارات الدولة بضرورة الركون للترشيد في الإنفاق والعمل على الجودة في التنفيذ لمشاريع التنمية وهو بلا شك ما يقود صوب تحقيق تنمية شاملة متوازنة كما يريدها ملك الإصلاح ورائد التنمية الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
الخطورة في الهيمنة النفطية
وحين يتفق خبراء التنمية والاقتصاد على التقليل من المدى الذي يمكن أن تصل إليه أسعار النفط، وثقتهم أنه لا خطر إطلاقاً من وصول الأسعار إلى مستويات متدنية؛ كأن تتراجع مثلاً إلى 40 دولاراً للبرميل؛ في ظل التكلفة العالية لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة والتي قد تتراوح بين 60 – 70 دولاراً للبرميل؛ فإن أي تراجع للأسعار بشكل متدهور سيتسبب في تراجع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري، والذي بدوره سيدفع الأسعار للارتفاع من جديد؛ بالتالي لا يوجد علينا خطر كبير من حدوث تراجع كبير في أسعار النفط على الإطلاق، وأسعار النفط ستكون في الغالب في نطاقات مقبولة نسبياً؛ إلا أنه -وبسبب النمو الكبير والمستمر في حجم الإنفاق الحكومي خلال العشر سنوات الماضية- فإنه من المؤكد أن يعود العجز في ميزانية الدولة والميزانيات المقبلة ما لم يتم تحجيم هذا الإنفاق، وهذا أمر ممكن جداً، في ظل النمو المبالغ فيه جداً في معدلات هذا الإنفاق حالياً؛ مما يعني وجود إمكانية كبيرة لترشيده ورفع كفاءته وهذا ما دعت إليه الميزانية البارحة في بيانها العام.
16 بندا لتقنين الإنفاق
** كل هذه المعطيات دفعت بالميزانية العامة للدولة لاتخاذ خطوات دقيقة لضمان الترشيد المستقبلي فجاءت في مراسيمها الملكية البارحة واقعية وشفافة وحذرة، حيث أرست خارطة طريق للإنفاق والترشيد في المرحلة المقبلة لمواكبة التحديات الكبرى في التقلبات العالمية في أسعار النفط وما تمر به المنطقة من ظروف غير مستقرة، وحملت خارطة الطريق في المرسوم الأول 16 بندا شدد على أهمية استيفاء الإيرادات طبقاً للأنظمة المالية وإيداعها جميعها بحساب جاري وزارة المالية في مؤسـسة النقد العربي السعودي حرصا على تسرب إيرادادت في قطاعات حكومية خارج دائرة الرقابة المركزية، كما حملت في قراراتها أمس حظر سبع صلاحيات وقصرها في ظروف محددة حيث وردت عبارة «لا يجوز» سبع مرات في المرسوم الملكي كنوع من الضبط والتقنين للمرحلة المقبلة.
ومنح المرسوم الأول من ميزانية الدولة أمس تفويضا لوزير المالية بإضافة المبالغ اللازمة للصرف على المشاريع الممولة من فائض إيرادات 7 سنوات ماضية وهي الميزانيات التي حولت سلفا لاحتياطي الدولة، وفي هذا التفويض بالسحب المقيد في البند الخامس من المرسوم الملكي الأول من الميزانية إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة، وذلك مع مراعاة ما تنص عليه المادة (سادسا) من المرسوم والتي نصت على تفويض وزير المالية بالتحويل من حساب احتياطي الدولة أو الاقتراض لتغطية عجز الميزانية. وهنا سيكون الخيار أمام وزارة المالية بالتنسيق مع القيادة العليا بين الاقتراض أو تسيير المشاريع وفق ما خصص لها وترحيل ما تعثر لميزانيات مقبلة، وفي هذا الأمر – كما أعتقد – نوعا من كسر للجمود في الصلاحية لتحقيق أعلى معدلات التسارع في إنجاز المشاريع الضخمة التي لم تستكمل بعد وتحقيقا لمصالح عليا للدولة.
مرونة في مناقلات البنود
** وجاء في البند السابع من المرسوم الأول لميزانية معالجة منضبطة لكافة المعوقات الإجرائية التي قد تواجه الأجهزة التنفيذية للدولة ممثلة في الوزراء ولاسيما ونحن على بوابة مرحلة جديدة يقودها جيل من الوزراء الحديثي عهد بالعمل الوزاري، حيث حمل 6 فقرات مرنة تسمح وفق ضوابط شديدة ودقيقة بالمناقلات بين بنود الميزانية المخصصة لكل وزارة حيث تتم المناقلات بين اعتمادات فصول وفروع الميزانية بقرار من وزير المالية بناءً على تقرير مشترك بيْنه والوزير المختص أو رئيس الجهة ذات الميزانية المستقلة وهو ما يعطي مساحة حرة لكل وزير للتحرك في تقييم الأولويات لديه فيما تتم المناقلات بين بنود كل من الباب الأول والباب الثاني، وبين برامج التشغيل والصيانة السنوية في الباب الثالث بقرار من الوزير المختص أو رئيس الجهة ذات الميزانية المستقلة على ألا يزيد ما ينْقل إلى أي بند أو برنامج أو يضاف إلى أي منهما عن نصف اعتماده الأصلي، فيمـا عدا بنود وبرامج الرواتب وما يزيد عن نصف الاعتماد فيكون النقل منها بقرار من وزير المالية وهنا نوعا من التقنين المنضبط غير المعطل لصلاحيات الوزراء والقادر على حفظ مصروفات الميزانية في الوجوه المخصصة لها. وفي هذا البند كانت خطوة معالجة الوفرات المتحققة من تكاليف المشاريع المعتمدة، حيث تتم المناقلات بينها بقرار من الوزير المختص أو رئيس الجهة ذات الميزانية المستقلة بشرط ألا يزيد ما يضاف إلى تكاليف أي مشروع معتمد على نسبة (10) بالمئة من التكاليف الكلية المعتمدة له.
قصر الصلاحيات
** وجاء في أداة النهي والتقييد في الصرف في الميزانية الجديدة في البند الثامن الذي حظر استعمال الاعتماد في غير ما خصص له أو إصدار أمر بالالتزام أو بالصرف بما يتجاوز الاعتماد أو الالتزام بأي مصروف ليس له اعتماد في الميزانية مبتدأ البند بكلمة «لا يجوز» في دلالة على المنع المطلق. وفي البند التاسع كانت مسألة التقدير واردة لضمان عدم تعطيل المصالح وسريان الأعمال في كل المصالح الحكومية دون تعثر حيث نص البند على عدم جواز إصدار قرار أو إبرام عقد من شأن أي منهما أن يرتب التزاماً على سنة مالية مقْبلة مستثنيا من ذلك ثلثي حالات الأولى العقود ذات التنفيذ المستمر أو التنفيذ الدوْري كعقود الإيجار والعمل والخدمات وتوريد الإعاشة والأدوية والمستلزمات الطبية وعقود الخدمات الاستشارية التي يتكرر رصْد اعتمادات سنوية لها وهنا تحتم الضرورة الاستثناء فيما الحالة الثانية هي عقود التوريد المعتمدة تكاليفها في الباب الثاني التي تتطلب التعاقد لأكثر من سنة على أن تكون قيمة العقد السنوية في حدود اعتمادات الميزانية ويتخذ من اعتماد السنة المالية الأولى مقياساً لتحديد قيمة العقد وألا يرْتبط على المبلغ المعتمد لأغراض أخرى والحالة الثالثة عقود برامج التشغيل والصيانة وتنفيذ المشاريع شريْطة أن يتم الالتزام في حدود التكاليف المعتمدة لكل برنامج أو مشروع.
منع التجاوزات الفردية
** وحرصا على عدم تجاوز المسؤولين لصلاحياتهم في الصرف على مشاريع التنمية كل فيما يخص قصر البند العاشر من المرسوم الأول صلاحية صرف المبالغ التي تم الالتزام بها خلال السنوات الماضية بما يتجاوز الاعتماد المقرر تعين على رئيس مجلس الوزراء فقط إذا كان التجاوز ناتجاً عن تصرف غير مبررْ وهنا خط أحمر لكافة المسؤولين بعدم تجاوز صلاحياتهم في الصرف حيث ستكون المساءلة من أعلى سلطة إدارية في البلد، فيما عالج البند ظهور المشاريع الأخرى التي تظهر خلال السنة المالية 1436 / 1437 غير المتجاوزة للمقرر بمنح وزير المالية أو من ينيْبه الإذن بصرف تلك المبالغ من اعتمادات السنة المالية 1436 / 1437 حرصا على عدم تعطيل المشاريع.
التنظيم الإداري والتوظيف المنضبط
** وجاء البند الحادي عشر مانحا للجنة العليا للتنظيم الإداري صلاحيات أوسع في تتبع اعتماد التشكيلات الإدارية لكل جهة حسبما صدرت بها الميزانية العامة وعدم جواز تعديلها إلا بقرار من اللجنة ذاتها وهنا مؤشر للانضباطية المقبلة في التعيين والتوظيف لضمان عدم الإخلال بالتنظيمات الإدارية فيما نص البند الثاني عشر بعدم جواز تعيين أو ترقية الموظفين والمستخدمين والعمال إلا على الوظائف المعتمدة في الميزانية وبالشروط والأوضاع المبينة في الأنظمة واللوائح المتبعة مع عدم جواز إحداث وظائف أو مراتب أو رتب خلاف ما هو معتمد بالميزانية خلال السنة المالية كما لا يجوز رفع المراتب والرتب المعتمدة بالميزانية.
ولكي لا تصاب الوظائف الحكومية بالجمود ولاسيما في بعض الحالات التي تتطلب معالجة أجاز المرسوم أمس لوزير الخدمة المدنية تحوير مسميات الوظائف وفقاً لمقتضيات قواعد تصنيف الوظائف، وتخفيض المراتب، وذلك بناءً على توصية من لجنة مكونة من مندوبين من وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية والجهة ذات العلاقة فيما أجاز أيضا لوزير المالية نقل الوظائف المعتمدة بين فصول وفروع الميزانية وداخل التشكيل الإداري الواحد، وذلك بناءً على توصية من لجنة مكونة من مندوبين من وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية والجهة ذات العلاقة.
رؤية الملك الثاقبة
** كان خادم الحرمين الشريفين ملامسا بدقة لمتطلبات المرحلة المقبلة وصناعا للمستقبل بالوفاء بكافة الالتزامات التي من شأنها تحقيق خدمات نوعية للمواطنين، طارحا -حفظه الله- رؤية جديدة للخروج من عنق الأزمات المالية المستقبلة بالتكامل بين القطاعين العام والخاص، حيث قال: «نحن متفائلون من أن النمو الاقتصادي سيستمر -بإذن الله- مدفوعاً بنشاط القطاع الخاص، واستمرار تعزيز التكامل بين القطاعْين العام والخاص، ومواصلة تحسين أداء القطاع الحكومي، وتطوير التعليم باعتباره أساس التنمية، ومعالجة اخْتلالات سوق العمل لإيجاد مزيد من فرص العمل للمواطنين والتنمية المتوازنة بين المناطق، والاستخدام الأمْثل للموارد».
هذا الخطاب الذي سبق ميزانية حملت توقعات بعجز مستقبلي.. كان بمثابة جرس إنذار لكافة قطاعات ووزارات الدولة بضرورة الركون للترشيد في الإنفاق والعمل على الجودة في التنفيذ لمشاريع التنمية وهو بلا شك ما يقود صوب تحقيق تنمية شاملة متوازنة كما يريدها ملك الإصلاح ورائد التنمية الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
الخطورة في الهيمنة النفطية
وحين يتفق خبراء التنمية والاقتصاد على التقليل من المدى الذي يمكن أن تصل إليه أسعار النفط، وثقتهم أنه لا خطر إطلاقاً من وصول الأسعار إلى مستويات متدنية؛ كأن تتراجع مثلاً إلى 40 دولاراً للبرميل؛ في ظل التكلفة العالية لإنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة والتي قد تتراوح بين 60 – 70 دولاراً للبرميل؛ فإن أي تراجع للأسعار بشكل متدهور سيتسبب في تراجع إنتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري، والذي بدوره سيدفع الأسعار للارتفاع من جديد؛ بالتالي لا يوجد علينا خطر كبير من حدوث تراجع كبير في أسعار النفط على الإطلاق، وأسعار النفط ستكون في الغالب في نطاقات مقبولة نسبياً؛ إلا أنه -وبسبب النمو الكبير والمستمر في حجم الإنفاق الحكومي خلال العشر سنوات الماضية- فإنه من المؤكد أن يعود العجز في ميزانية الدولة والميزانيات المقبلة ما لم يتم تحجيم هذا الإنفاق، وهذا أمر ممكن جداً، في ظل النمو المبالغ فيه جداً في معدلات هذا الإنفاق حالياً؛ مما يعني وجود إمكانية كبيرة لترشيده ورفع كفاءته وهذا ما دعت إليه الميزانية البارحة في بيانها العام.
16 بندا لتقنين الإنفاق
** كل هذه المعطيات دفعت بالميزانية العامة للدولة لاتخاذ خطوات دقيقة لضمان الترشيد المستقبلي فجاءت في مراسيمها الملكية البارحة واقعية وشفافة وحذرة، حيث أرست خارطة طريق للإنفاق والترشيد في المرحلة المقبلة لمواكبة التحديات الكبرى في التقلبات العالمية في أسعار النفط وما تمر به المنطقة من ظروف غير مستقرة، وحملت خارطة الطريق في المرسوم الأول 16 بندا شدد على أهمية استيفاء الإيرادات طبقاً للأنظمة المالية وإيداعها جميعها بحساب جاري وزارة المالية في مؤسـسة النقد العربي السعودي حرصا على تسرب إيرادادت في قطاعات حكومية خارج دائرة الرقابة المركزية، كما حملت في قراراتها أمس حظر سبع صلاحيات وقصرها في ظروف محددة حيث وردت عبارة «لا يجوز» سبع مرات في المرسوم الملكي كنوع من الضبط والتقنين للمرحلة المقبلة.
ومنح المرسوم الأول من ميزانية الدولة أمس تفويضا لوزير المالية بإضافة المبالغ اللازمة للصرف على المشاريع الممولة من فائض إيرادات 7 سنوات ماضية وهي الميزانيات التي حولت سلفا لاحتياطي الدولة، وفي هذا التفويض بالسحب المقيد في البند الخامس من المرسوم الملكي الأول من الميزانية إلا بمرسوم ملكي في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة، وذلك مع مراعاة ما تنص عليه المادة (سادسا) من المرسوم والتي نصت على تفويض وزير المالية بالتحويل من حساب احتياطي الدولة أو الاقتراض لتغطية عجز الميزانية. وهنا سيكون الخيار أمام وزارة المالية بالتنسيق مع القيادة العليا بين الاقتراض أو تسيير المشاريع وفق ما خصص لها وترحيل ما تعثر لميزانيات مقبلة، وفي هذا الأمر – كما أعتقد – نوعا من كسر للجمود في الصلاحية لتحقيق أعلى معدلات التسارع في إنجاز المشاريع الضخمة التي لم تستكمل بعد وتحقيقا لمصالح عليا للدولة.
مرونة في مناقلات البنود
** وجاء في البند السابع من المرسوم الأول لميزانية معالجة منضبطة لكافة المعوقات الإجرائية التي قد تواجه الأجهزة التنفيذية للدولة ممثلة في الوزراء ولاسيما ونحن على بوابة مرحلة جديدة يقودها جيل من الوزراء الحديثي عهد بالعمل الوزاري، حيث حمل 6 فقرات مرنة تسمح وفق ضوابط شديدة ودقيقة بالمناقلات بين بنود الميزانية المخصصة لكل وزارة حيث تتم المناقلات بين اعتمادات فصول وفروع الميزانية بقرار من وزير المالية بناءً على تقرير مشترك بيْنه والوزير المختص أو رئيس الجهة ذات الميزانية المستقلة وهو ما يعطي مساحة حرة لكل وزير للتحرك في تقييم الأولويات لديه فيما تتم المناقلات بين بنود كل من الباب الأول والباب الثاني، وبين برامج التشغيل والصيانة السنوية في الباب الثالث بقرار من الوزير المختص أو رئيس الجهة ذات الميزانية المستقلة على ألا يزيد ما ينْقل إلى أي بند أو برنامج أو يضاف إلى أي منهما عن نصف اعتماده الأصلي، فيمـا عدا بنود وبرامج الرواتب وما يزيد عن نصف الاعتماد فيكون النقل منها بقرار من وزير المالية وهنا نوعا من التقنين المنضبط غير المعطل لصلاحيات الوزراء والقادر على حفظ مصروفات الميزانية في الوجوه المخصصة لها. وفي هذا البند كانت خطوة معالجة الوفرات المتحققة من تكاليف المشاريع المعتمدة، حيث تتم المناقلات بينها بقرار من الوزير المختص أو رئيس الجهة ذات الميزانية المستقلة بشرط ألا يزيد ما يضاف إلى تكاليف أي مشروع معتمد على نسبة (10) بالمئة من التكاليف الكلية المعتمدة له.
قصر الصلاحيات
** وجاء في أداة النهي والتقييد في الصرف في الميزانية الجديدة في البند الثامن الذي حظر استعمال الاعتماد في غير ما خصص له أو إصدار أمر بالالتزام أو بالصرف بما يتجاوز الاعتماد أو الالتزام بأي مصروف ليس له اعتماد في الميزانية مبتدأ البند بكلمة «لا يجوز» في دلالة على المنع المطلق. وفي البند التاسع كانت مسألة التقدير واردة لضمان عدم تعطيل المصالح وسريان الأعمال في كل المصالح الحكومية دون تعثر حيث نص البند على عدم جواز إصدار قرار أو إبرام عقد من شأن أي منهما أن يرتب التزاماً على سنة مالية مقْبلة مستثنيا من ذلك ثلثي حالات الأولى العقود ذات التنفيذ المستمر أو التنفيذ الدوْري كعقود الإيجار والعمل والخدمات وتوريد الإعاشة والأدوية والمستلزمات الطبية وعقود الخدمات الاستشارية التي يتكرر رصْد اعتمادات سنوية لها وهنا تحتم الضرورة الاستثناء فيما الحالة الثانية هي عقود التوريد المعتمدة تكاليفها في الباب الثاني التي تتطلب التعاقد لأكثر من سنة على أن تكون قيمة العقد السنوية في حدود اعتمادات الميزانية ويتخذ من اعتماد السنة المالية الأولى مقياساً لتحديد قيمة العقد وألا يرْتبط على المبلغ المعتمد لأغراض أخرى والحالة الثالثة عقود برامج التشغيل والصيانة وتنفيذ المشاريع شريْطة أن يتم الالتزام في حدود التكاليف المعتمدة لكل برنامج أو مشروع.
منع التجاوزات الفردية
** وحرصا على عدم تجاوز المسؤولين لصلاحياتهم في الصرف على مشاريع التنمية كل فيما يخص قصر البند العاشر من المرسوم الأول صلاحية صرف المبالغ التي تم الالتزام بها خلال السنوات الماضية بما يتجاوز الاعتماد المقرر تعين على رئيس مجلس الوزراء فقط إذا كان التجاوز ناتجاً عن تصرف غير مبررْ وهنا خط أحمر لكافة المسؤولين بعدم تجاوز صلاحياتهم في الصرف حيث ستكون المساءلة من أعلى سلطة إدارية في البلد، فيما عالج البند ظهور المشاريع الأخرى التي تظهر خلال السنة المالية 1436 / 1437 غير المتجاوزة للمقرر بمنح وزير المالية أو من ينيْبه الإذن بصرف تلك المبالغ من اعتمادات السنة المالية 1436 / 1437 حرصا على عدم تعطيل المشاريع.
التنظيم الإداري والتوظيف المنضبط
** وجاء البند الحادي عشر مانحا للجنة العليا للتنظيم الإداري صلاحيات أوسع في تتبع اعتماد التشكيلات الإدارية لكل جهة حسبما صدرت بها الميزانية العامة وعدم جواز تعديلها إلا بقرار من اللجنة ذاتها وهنا مؤشر للانضباطية المقبلة في التعيين والتوظيف لضمان عدم الإخلال بالتنظيمات الإدارية فيما نص البند الثاني عشر بعدم جواز تعيين أو ترقية الموظفين والمستخدمين والعمال إلا على الوظائف المعتمدة في الميزانية وبالشروط والأوضاع المبينة في الأنظمة واللوائح المتبعة مع عدم جواز إحداث وظائف أو مراتب أو رتب خلاف ما هو معتمد بالميزانية خلال السنة المالية كما لا يجوز رفع المراتب والرتب المعتمدة بالميزانية.
ولكي لا تصاب الوظائف الحكومية بالجمود ولاسيما في بعض الحالات التي تتطلب معالجة أجاز المرسوم أمس لوزير الخدمة المدنية تحوير مسميات الوظائف وفقاً لمقتضيات قواعد تصنيف الوظائف، وتخفيض المراتب، وذلك بناءً على توصية من لجنة مكونة من مندوبين من وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية والجهة ذات العلاقة فيما أجاز أيضا لوزير المالية نقل الوظائف المعتمدة بين فصول وفروع الميزانية وداخل التشكيل الإداري الواحد، وذلك بناءً على توصية من لجنة مكونة من مندوبين من وزارة المالية ووزارة الخدمة المدنية والجهة ذات العلاقة.