-A +A
عبدالمحسن هلال
أعلنت، أمس الأول، الميزانية العامة، وكما توقع الجميع لم تتأثر كثيرا بأزمة أسعار النفط، وقد استبشر الجميع بخيرها العميم، بالخصوص وزراءنا الأفاضل الذين عليهم أن يحققوا فرحة المواطن بها في سعيه لقوته اليومي ومعاناته مع أسعار السلع والخدمات المتصاعدة وأسعار النفط المنخفضة خشية تسريعها لمعدل التضخم محليا، إذا تجاوزنا تأثيرها على الميزانية بعجز قد يظهر، وإذا ظهر قد يكون بحدود 145 مليار ريال، وبالتالي تأثيره على الإنفاق الحكومي المحفز الأول لحركة السوق لدينا. وقد أحسنت وزارة التجارة بالتنبه مبكرا لإمكانية الربط هذه، فبدأت حملة لمراقبة الأسعار، غير أن جهود وزارة واحدة لا تكفي، أظننا بحاجة لحملة وطنية من القطاعين العام والخاص ومشاركة الأهالي لمراقبة أسعار السلع والخدمات. بالمناسبة، هل تم إعلان وفاة جمعية حماية المستهلك؟
المواطن العادي لا يفقه في تداخل هذه التأثيرات، ولا يكاد يفهم أرقام الميزانية، والأرقام وحدها لا تكفي إن لم تترجم لمشاريع يلمس فائدتها المواطن، ولا يهتم بصعود وهبوط أسعار النفط والأسهم والعقار، همه الوحيد زنبيل المقاضي، تتابع عينه ارتفاع الأسعار في سوقه عكس هبوط الأسعار في كافة دول العلم تأثرا بأزمة النفط. سيقول الاقتصاديون هو تأثير التضخم المستورد، سيشير خبراء النفط إلى أنها أزمة وقتية، سيفتي خبراء الأسهم بترابط الأسواق، سيطالب المتخصصون بترشيد الإنفاق، ورجال المال سيوصون بمزيد منه لتحريك مقاولاتهم. أين المواطن العادي بين هؤلاء الهوامير ولغتهم غير المفهومة له، ما تأثيرها على زنبيله العتيد.

لم يخرج بعض المسؤولين ليشرحوا لهذا المواطن طلاسم ما يحدث لرياله، باستثناء وزير البترول الذي خرج ليؤكد أنه ما زال غير قلق حتى لو وصل سعر البرميل 20 دولارا، ووزير المالية الذي طمأننا عن الميزانية. لكن أين وزير العمل عن تأثير ذلك على الأجور والبطالة والعمالة الأجنبية، أين مؤسسة النقد والأمر يعنيها أكثر من غيرها، ما تأثير التضخم المتزايد على الحلم الوردي لوزارة التخطيط بمجتمع المعرفة أو على مشاريع وزارة الإسكان؟ ليت كل وزير، أقله المتحدث باسم الوزارة، يتعود عقد اجتماع إعلامي شهري يشرح فيه ما تم إنجازه من مشاريع وخدمات، أقل القليل إصدار بيان صحفي، ففي ظل غياب المعلومة واختفاء الشفافية ماذا يتبقى للمواطن للاطمئنان على رياله وزنبيل مقاضيه إلا البحث بكل مكان ومصدر ليصبح عرضة للشائعات ومعلومات ربما تكون مغلوطة.