-A +A
عبدالمحسن هلال
محمودة هذه الحملة التي تشنها وزارة العدل على الصكوك المشبوهة المطبقة على أراض عمومية، وتشكر الوزارة لصحوتها التي وإن أتت متأخرة، لكنها جاءت متزامنة مع حملة وزارة الإسكان للبحث عن أراض سكنية ووزارتي التربية والصحة الباحثتين عن أراض للمدارس والمستشفيات، وباقي الجهات الحكومية الباحثة عن أماكن لإقامة منشآتها. الجميل أكثر اشتراك أكثر من جهة حكومية في استعادة هذه الأراضي العمومية المعتدى عليها من قبل أفراد في عملية إجرام منظم بدأت تتكشف هويته وأبعاده، ويحمد لهذه الجهات يقظتها المفاجئة الحسنة بعد أن سد الأفق، ففتحته بجهودها التي كلنا أمل أن تستمر ويثابر عليها فما ظهر لا شك أنه قمة الجبل الظاهرة فوق سطح البحر ودوما القاعدة أكبر.
ما تم كشفه حتى اليوم كبير ومهول، ففي جدة وحدها تمت استعادة ما مجموعه 15 مليون متر مربع، وحسب وزارة العدل أن أكثر المناطق عرضة للاعتداء على أراضيها هي مكة المكرمة والرياض والشرقية وتبوك، أوقفت الوزارة 5800 صك لمساحات تزيد على 920 مليون متر مربع في مختلف المناطق، بعضها أراض خصصت لبناء مساجد وجوامع ومدارس ومستشفيات، تصل قيمها إلى مئات المليارات من الريالات، بل إن وزير العدل أصدر مؤخرا توجيها للمحاكم بوقف النظر في طلبات الاستحكام داخل حدود الحرمين، وليته شمل كل المناطق حتى التأكد من سلامة كل الصكوك المشبوهة، بالخصوص ذات الاقطاعيات الكبيرة.

الدور الآن على وزارة الإسكان وقد هبط عليها هذا الكنز من السماء، مدعوة هي إلى التدبر أكثر والتنويع أكثر في نماذجها ووحداتها السكنية، مدعوة لمزيد من الشفافية والحيوية بعد الجمود الذي غلف أنشطتها، الآن سقطت حجتها فما تم كشفه من أراض يمكنه أن يسكن أكثر من 15 مليونا من المواطنين، والوزارة ليست مطالبة بالكثير، كل عناصر الإنتاج توفرت لديها، لم يعد عليها إلا اختيار المقاول الجيد الكفؤ، وإن اضطرها الظرف عليها أن تستعين بخدمات الشركات العالمية ذات الخبرة في مجال البناء والتشييد. نحن في سباق مع الزمن، ولابد أن يكون توقيت وسرعة حركة وزارة الإسكان مواكبا لحركة المجتمع، فقد تعطل جزء من نمو مجتمعنا الطبيعي كثيرا إلى درجة يمكنني المجازفة بالقول إنه المسؤول، بدرجة أو أخرى، عن ارتفاع معدلات الطلاق وانخفاض نسب الزواج، والاستقرار الأسري.