في عام 2006م كنت مبتعثا لجامعة أبردين في أسكتلندا لدرجة الماجستير في علم الأدوية الإكلينيكي، الجامعة العريقة التي أنشئت فيها أول كلية طب للشعوب الناطقة باللغة الإنجليزية في عام 1495م. وعندما أنهيت بنجاح القسم النظري من الدراسة كان لا بد من عمل رسالة التخرج، وكانت وسائل الإعلام وقتها تتناول يوميا موضوع الأخطاء الدوائية والأعراض الجانبية للأدوية خاصة بعد صدور تقارير حكومية مثل (الوصفة الأسكتلندية) وغيرها التي تنبه لوجود قصور في مستوى التعليم والتدريب للأطباء في مرحلة البكالوريوس مما يجعلهم غير قادرين على وصف الأدوية بمأمونية وفاعلية لمرضاهم، وبعد تقرير لمنظمة سلامة المرضى البريطانية الذي أوضح ان هنالك ربع مليون مريض يدخلون المستشفيات سنويا نتيجة أعراض جانبية للأدوية، وما يقارب من 42 ألف خطأ دوائي يحدث سنويا في إنجلترا فقط، كل هذه التقارير السلبية جعلتني أفكر في قياس مستوى الأطباء حديثي التخرج في جامعة أبردين في علم الأدوية الإكلينيكي والعلاجيات كبحث للتخرج، مشرفي في تلك الفترة وهو بالمناسبة كان مشرفي أيضا في مرحلة الدكتوراه ومسؤولا عن طلبة كلية الطب استهوته هذه الفكرة، وشرعنا بمراجعة خطة البحث سويا، وبدأت في التطبيق العملي بمقابلة الأطباء وسؤالهم تفصيليا عن خبراتهم وممارساتهم في ما يتعلق بوصف الأدوية للمرضى، وهنا كانت الكارثة!!
غالبية الأطباء أقروا بضعف مناهج التعليم في ما يختص بعلم الأدوية الإكلينيكي والعلاجيات وأنهم غير واثقين من انفسهم لوصف الأدوية بمأمونية وكفاءة وأن مستواهم ضعيف، كثير منهم وصفوا أعراضا جانبية للأدوية وتداخلات دوائية أدت إلى مضاعفات ووفيات للمرضى كان ممكنا تلافيها بالتدريب الملائم في مرحلة الدراسة.
كانت هذه النتائج عندما عرضتها في ختام السنة الدراسية صادمة لعميد كلية الطب والأساتذة، وأتذكر أن أستاذة علم حركة الدواء بالجسم، البروفيسور هوكسورث قامت بعد محاضرتي وقالت بدهشة وحزن «إنهم يقتلون المرضى!!» لصدمتها الكبيرة من النتائج.
أما مشرفي المسكين فقد تلقى تأنيبا شديدا من عميد الكلية لأنه سمح بإجراء هذا البحث الذي ينتقد أطباء أشهر وأقدم كلية طب في العالم.
لم يتنازل مشرفي عن حقنا في نشر نتائج هذا البحث وقام بجرأة بنشره في أشهر مجلة بريطانية لعلم الأدوية الإكلينيكي، وتم تداول هذا البحث في وسائل الإعلام واقتباسه بكثرة من قبل الباحثين حتى اليوم، وصار العلماء هناك يتبنون بدعم حكومي وسائل جديدة ومبتكرة لمعالجة هذا الخلل في إصلاح مناهج تعليم علم الأدوية في مرحلة البكالوريوس وإعادة تأهيل المدرسين، والتركيز على التعلم في مجموعات صغيرة تعتمد سيناريوهات علاجية معقدة وتعمل على حلها، وإتاحية التعلم ببرامج يتم اعتمادها من الكلية عن طريق الإنترنت، والتركيز ووضع اولويات لتعلم الأدوية التي تستخدم بكثرة مثل (دليل الطالب الذي يحوي 100 دواء)، وأن يكون هناك تقييم صارم في نهاية الدراسة من (ضمن التقييم الشامل) في محصول الطالب من علم الأدوية.
أما بعد التخرج فالأطباء يجب ألا يتركوا بمفردهم دون توجيه وإشراف مباشر من الأطباء الأخصائيين والاستشاريين، ويجب أن تخصص لهم دورات مستمرة في علم الأدوية الإكلينيكي، وأن يكون الطبيب قادرا على أخذ التاريخ الدوائي للمريض وكتابة وصفة آمنة ودستورية وحساب جرعات الأدوية بدقة، وأن يجدد معلوماته دوريا.
شفافيتهم جعلتهم ينتقدون أنفسهم بجرأة من أجل إصلاح الأخطاء والمحافظة على سلامة المرضى، أتمنى أن يحدث ذلك هنا أيضا!
غالبية الأطباء أقروا بضعف مناهج التعليم في ما يختص بعلم الأدوية الإكلينيكي والعلاجيات وأنهم غير واثقين من انفسهم لوصف الأدوية بمأمونية وكفاءة وأن مستواهم ضعيف، كثير منهم وصفوا أعراضا جانبية للأدوية وتداخلات دوائية أدت إلى مضاعفات ووفيات للمرضى كان ممكنا تلافيها بالتدريب الملائم في مرحلة الدراسة.
كانت هذه النتائج عندما عرضتها في ختام السنة الدراسية صادمة لعميد كلية الطب والأساتذة، وأتذكر أن أستاذة علم حركة الدواء بالجسم، البروفيسور هوكسورث قامت بعد محاضرتي وقالت بدهشة وحزن «إنهم يقتلون المرضى!!» لصدمتها الكبيرة من النتائج.
أما مشرفي المسكين فقد تلقى تأنيبا شديدا من عميد الكلية لأنه سمح بإجراء هذا البحث الذي ينتقد أطباء أشهر وأقدم كلية طب في العالم.
لم يتنازل مشرفي عن حقنا في نشر نتائج هذا البحث وقام بجرأة بنشره في أشهر مجلة بريطانية لعلم الأدوية الإكلينيكي، وتم تداول هذا البحث في وسائل الإعلام واقتباسه بكثرة من قبل الباحثين حتى اليوم، وصار العلماء هناك يتبنون بدعم حكومي وسائل جديدة ومبتكرة لمعالجة هذا الخلل في إصلاح مناهج تعليم علم الأدوية في مرحلة البكالوريوس وإعادة تأهيل المدرسين، والتركيز على التعلم في مجموعات صغيرة تعتمد سيناريوهات علاجية معقدة وتعمل على حلها، وإتاحية التعلم ببرامج يتم اعتمادها من الكلية عن طريق الإنترنت، والتركيز ووضع اولويات لتعلم الأدوية التي تستخدم بكثرة مثل (دليل الطالب الذي يحوي 100 دواء)، وأن يكون هناك تقييم صارم في نهاية الدراسة من (ضمن التقييم الشامل) في محصول الطالب من علم الأدوية.
أما بعد التخرج فالأطباء يجب ألا يتركوا بمفردهم دون توجيه وإشراف مباشر من الأطباء الأخصائيين والاستشاريين، ويجب أن تخصص لهم دورات مستمرة في علم الأدوية الإكلينيكي، وأن يكون الطبيب قادرا على أخذ التاريخ الدوائي للمريض وكتابة وصفة آمنة ودستورية وحساب جرعات الأدوية بدقة، وأن يجدد معلوماته دوريا.
شفافيتهم جعلتهم ينتقدون أنفسهم بجرأة من أجل إصلاح الأخطاء والمحافظة على سلامة المرضى، أتمنى أن يحدث ذلك هنا أيضا!