-A +A
? خالد طاشكندي (جدة)
تحظى قضية مستقبل الصحافة الورقية باهتمام عالمي على مدى الأعوام الماضية، وعكست النشاطات والمنتديات والدراسات والأبحاث والإحصائيات التي عنيت بهذا الموضوع على الساحة المحلية مدى الاهتمام بمستقبلها وما يحيط به من توقعات وحسابات، في ظل التطور المتسارع والمذهل لشبكة الإنترنت، ومنها الانتشار الواسع للصحافة الإلكترونية، ونقل الأحداث والتغطيات الإخبارية عبر شبكات التواصل الاجتماعي، وما أحدثته من نقلة نوعية وغير مسبوقة في حياتنا اليومية والاجتماعية والاقتصادية وعلى جميع الأصعدة. ولكن تورط هذا الإعلام الإلكتروني في الترويج أحيانا للشائعات والأخبار المغلوطة جعل الورقية أكثر مصداقية عند القراء.
المنافسة المحتدمة بين الصحف الورقية والإلكترونية لم تكن مغايرة عما يحدث في العالم من حولنا، وتأثير هذه المنافسة على نسب التوزيع في غالبية مؤسسات الإعلام الورقي.

وأمام هذا الوضع الشائك، توجهت «عكاظ» نحو استقصاء الوضع الراهن واستطلاع رأي الخبراء لاستشراف مستقل الحركة الإعلامية في ظل التحديات الراهنة وماذا سيكون عليه الوضع خلال عام 2015؟.
إلى ذلك، أكد الكاتب الصحفي الدكتور أحمد العرفج صعوبة الاستغناء عن الصحافة الورقية في الوقت الراهن مقابل الصحافة الإلكترونية لعدة فوارق جوهرية؛ أبرزها: أن الصحافة الورقية تتميز عن الإلكترونية في طرح الرأي والتحليل وتوثيق المصدر، بينما تميزت بعض الصحف الإلكترونية فقط في نقل الخبر وتحقيق السبق الصحفي.
وأضاف لـ«عكاظ» أنه بالرغم من تواجد قرابة 700 صحيفة إلكترونية، إلا أنه لم يتميز منها سوى ثلاث فقط، أما باقي الصحف الإلكترونية، فإن غالبيتها تعتمد على نقل الأخبار من الصحف الورقية وتفتقر لجودة الأداء المهني.
وتابع العرفج: إن نسب التوزيع في الصحافة الورقية ما زالت جيدة، وباستطاعتها جذب الإعلانات وتحقيق مدخولات كافية لبقائها عدة سنوات قادمة؛ لأنه من الصعب الاستغناء التام عن الصحافة الورقية التقليدية، ونستشهد في ذلك بدخول تقنية البريد الإلكتروني، التي قيل إنها ستقضي على الرسائل البريدية التقليدية، إلا أنه بالرغم من مضي قرابة عقد ونصف من الزمن على انتشار «الإيميل» وسهولة استخدامه وسرعة نقله للمخاطبات والمعلومات، إلا أن البريد التقليدي ما زال محافظا على بقائه وانتشاره كوسيلة مراسلات تقليدية على مستوى العالم.
من جهته، يرى المستشار التقني وخبير المنصات الإلكترونية المهندس يوسف عمر أنه لم يعد يخفى على العاملين في المجال الإعلامي مدى صعوبة الوضع الذي تمر به الصحافة الورقية، كون مبيعات تلك الصحف ومعدلات توزيعها انخفضت بسبب تفضيل شريحة كبيرة من القراء للاطلاع الإلكتروني، ولكن بالرغم من أن الصحف الورقية اهتزت جزئيا نتيجة لهذه التحولات والتطور السريع للتقنية وكثافة الإقبال المتنامي عليها، إلا أنها لن تزول بسهولة كما يتوقع البعض، بل ستبقى لعدة سنوات قادمة، لأنه ما زالت هناك شرائح عديدة من القراء لا تستخدم التقنيات الرقمية بكثرة أو غير ملمة بالتعامل معها، وخصوصا كبار السن ومحدودي الدخل، بالإضافة إلى من يفضلون قراءة الصحف الورقية واعتادوا على ذلك.
وأشار، في تصريحات لـ«عكاظ»، إلى أن الصحف الإلكترونية ليست بديلا جاهزا للصحافة الورقية؛ لأسباب متعلقة بطبيعة أداء الكثير من هذه الصحف، والتي تفتقد إلى المصداقية وتميل إلى الإثارة، ولكن النقلة الكبيرة التي جذبت العديد من القراء نحو التقنية في السنوات القليلة هي بسبب توجه مؤسسات الصحافة الورقية وقيامها بإنشاء مواقع إلكترونية؛ نظرا لزيادة الإقبال على التقنية من ناحية، ودخول صحف إلكترونية مستقلة على خط المنافسة من ناحية أخرى، وأصبح السباق الآن في تطوير أفضل السبل التقنية لنقل الخبر.
ولم يخالف الصحفي بدر الروقي (من صحيفة سبق الإلكترونية) طروحات المشاركين بهذا الخصوص، قائلا: «العديد من الصحف الإلكترونية لم تنضج بعد لتكون منافسا قويا للمؤسسات الصحفية التقليدية، خصوصا أن الجهات الرسمية وشريحة كبيرة من القراء ما زالت تعتمد على الصحف الورقية كمصدر موثوق للمعلومة.
وأوضح الروقي أن الصحف الإلكترونية التي تميزت بجودة أخبارها ومصداقيتها محدودة جدا ولا تتعدى أربع صحف فقط، وأن فارق الإمكانيات المادية بين الصحف الورقية والإلكترونية كبير جدا، وهو ما ينعكس على الأداء والفارق المهني، ولكن هذا لا يمنع أن نؤكد بأن بعض الصحف الإلكترونية تميزت في سرعة نقل الخبر وسبقت الصحف الورقية في ذلك، إلا أن دخول جميع الصحف الورقية مجال التقنية وإنشاءها مواقع إلكترونية وبثها للأخبار العاجلة بشكل متزامن مع توقيت الحدث، مع إضافة الخصائص التفاعلية مع القراء، أحرج الصحف الإلكترونية وبات يشكل خطرا على بقائها والقدرة على المنافسة المستقبلية في ظل فرق الإمكانات.
فيما يرى أستاذ الإعلام الدكتور سعود كاتب أن الصحافة الورقية التقليدية تموت تدريجيا، وعلى وجه التحديد «الصحافة المطبوعة» في طريقها للزوال، ولم تعد أمامها حلول منطقية سوى بناء استراتيجية للتحول نحو البديل التقني؛ لأن الأغلبية العظمى من القراء أصبحت تفضل الاطلاع وقراءة الأخبار عبر الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية.
وشدد على أن مشكلة تراجع توزيع الصحف الورقية باتت تهدد عموم هذه المهنة على مستوى العالم، وليس في المملكة فقط، وأن الجيل الجديد لا يهتم كثيرا باقتناء الصحف، ويفضل بشكل كبير أخذ المعلومة السريعة والمختصرة من وسائل الإعلام الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.