-A +A
عزيزة المانع
يقال إننا قبل أيام استقبلنا عاما جديدا، فهل هو حقا جديد؟؟ وما معنى جديد؟ ما صفة العام الجديد؟
أحمد شوقي ينكر أن في الأعوام جديدا، هو يرى الأعوام تتالى عاما بعد عام متماثلة لا فرق بينها، فكيف يوصف أحدها بالجديد!!

سنون تعاد ودهر يعيد ... لعمرك ما في الليالي جديد
فما يسميه الناس بالعام الجديد، ما هو إلا سحابة تقتحم علينا أيامنا فتحولنا إلى دمى تلهو بها، تصوغ أحلامنا وكوابيسنا، أفراحنا وأحزاننا، نجاحنا وخيباتنا، وفي النهاية ترتدي أجنحتها وتولي منقشعة بعيدا عن سمائنا.
في ليلة ميلاد العام تتدفق عبر الخيال أمانٍ ناعمة ملساء، جرعات من المورفين تزرع ابتسامات مثلجة على شفاه الناس، تحمل بين يديها وهما ساخنا أن تغيرا جميلا في طريقه إليهم.
الناس يدركون عقليا أن العام الوليد لا يملك بساطا مسحورا يمتطونه فيجتازون به إلى عالم السعادة الذي يتخيلون، ولا هو يأتي محملا بأردية البهجة يختارون منها ما يشتهون ليبدلوا أرديتهم الكئيبة بما هو أبهى وأنضر، هم يدركون ذلك تمام الإدراك، لكنهم يتجاهلون تلك الحقيقة، ويظلون يصرون في نهاية كل عام على نسج أوهام توقع حدوث ما هو أجمل، فينشط خيالهم محلقا في فضاءات من السحر، يراقص فراشات الأحلام في ضوء نجوم العام الوليد.
عقل الإنسان الواعي، يدرك أن لا فرق بين عام يأتي وآخر يرحل، فالأعوام دأبت تمر مثقلة بأحمال متنوعة الألوان، فيها الزاهي وفيها الداكن، بعضها فجرها بارد وليلها بلا قمر، وبعضها شمسها مشرقة وسماؤها تشع حبا ودفئا، بعضها يأتي غيمة داكنة تسكب الظلام في القلب، وبعضها يأتي مكحلة تزين الأجفان بالضوء، لا شيء يميز عاما عن عام، لكن الناس مع ذلك، يظلون يصرون على وصف العام الوليد بالجديد، لا يعنيهم في كثير أو قليل معرفة ما هو الجديد فيه، وأي جديد ينشدون؟!
في ليلة ميلاد العام، يذهب الناس إلى فرشهم بعد أن تكون قلوبهم تخدرت بجرعات من فاليوم الأماني الراقصة وسرب الأحلام الجميلة والدعوات الحارة، فينامون وجفونهم مثقلة بالأمل في انبثاق صباح أجمل وأحلى، صباح يخلعون فيه عن قلوبهم ما يحزنها وما يرهقها وتكرهه. فعسى الله أن لا يخيب الأحلام وأن يأتي العام، ولو لمرة، مختلفا.
نتضرع إلى الله أن يجعله عام خير وعزة لأمتنا العربية، وأن يرفع عنها ما أنهكها من الفتن والحروب والكوارث.