لا تزال ذاكرة المدينة الحدودية الصغيرة النائية – حالة عمار ، التي لا تبعد كثيرا عن مدينة تبوك باتجاه الشمال - تحتفظ بقصائده ...وتهمس لأطلال المدى بجمال لا متناه ..
« لا توجد نافذة تحتضن البرق أو تعبئ الضوء في سلال العاشقين»
« فكيف تقول لها: أحبك دون أن تفر العصافير من حقل الذرة»
« الشعر مرآة الحياة ..وتحديدا حياة كاتبه أو مبدعه.. هو أيضا حكاية العمر ..حكاية الطفل متنقلا بين عذاباته، ومثقلا بأحلامه التي يتعثر بها، عبر متاهات الطريق.. في رحلته الطويلة، التي تبدأ ذات حلم ، وقد تنتهي قبل اكتمال القصيدة .. قبل الوصول إلى الوردة المستحيلة ، التي تخبئها امرأة الشعر بين جدائلها ، وتنأى في البياض ، أو في عبق الياسيمين».... هكذا يصف الشاعر منصور الجهني الشعر .. منصور عوض الجهني شاعر مدهش و مبدع و يعتبر من رواد قصيدة النثر ومؤلم هذا التجاهل لمثل هذا المبدع المختلف وانا لا اشك ابدا بأن الابداع الحقيقي مضيء بذاته لكن الكثير من الضوء الزائف يمكن ان يصرف العيون عن ماهو حقيقي لذا أرى من واجبنا أن نشير إلى ماهو أصيل و نذكر به.. فلنتذكر الشاعر الجميل منصور الجهني دائما.
يقول عنه الدكتور محمد الشنطي (إن أبرز ما يميز منصور الجهني الاتكاء على جماليات البساطة، من هنا كان توظيفه لمنهج الحكي الشعبي، إضافة إلى المزج بين الخيال والمنطق، والاتكاء على الجانب اللوني مع اختراقه لغة العقل بشعرية الخطاب).
كتب عنه الوفي الكاتب عبدالرحمن العكيمي : «... ومنصور شاعر مطبوع يمتلك أدوات الكتابة الإبداعية ويتكئ على مخزون ثقافي كاف لبناء رؤية شعرية خلاقة أصدر ديوانه الأول (قبل أن) عن دار الأصفهاني في جدة، وجاءت جل قصائد الديوان في الفترة من عام 1989م وحتى العام 1992م حافلة بخطاب شعري له خصوصيته وهو يراوح بين الكثافة الشعرية والتلقائية المباشرة المسكونة بالأبعاد الدلالية».
أما الاستاذ محمود تراوري فقول عنه : « ربما يستعيد المتابعون الحقيقيون لحراك الشعر في المملكة، اسم الشاعر الجميل (منصور الجهني) الذي كان ضمن طلائع شعراء اجترحوا فضاء قصيدة النثر في تسعينيات القرن الماضي، وأصدر ديوان (قبل أن)، قبل أن يتوارى هو في تفاصيل مدينته الصغيرة الواقعة على تخوم منطقة تبوك (حالة عمار)، مكرسا ملامح شخصيته الوديعة المتخففة من الادعاءات وأمراض النرجسية وشهوة الحضور. أوائل التسعينيات، أصدر منصور ديوانه، ومج الضجيج الذي يفتعله المدججون بشهوة الحضور والأنا...»
من قصيدة « النوافذ» لمنصور الجهني:
« النوافذ ..كلما جئتها سمعت صدى أغنية..وقع خطى قادمة مـن عتمة المساء كلما رأيت طيـف امرأة تمشي على الماء ورأيـت ظلي تائها..خلف سراب القصيدة»
ومن قصيدة بعنوان «ربما» «تمتدّ المسافة في صمت يتشطرني الى اثنين: راحل خلف غيوم الخريف .. في عباءتها ،وآخر.. تحاصره المرايا يرسم قمرا في شتاء المواعيد وينتظر ربما يورق خشب الباب يصير نخلة او غصن ياسمين».
عندما يكتب منصور يسيل عطر الشعر من كل كلمة وحرف:
« القصائد التي فجأة.. أيقظت في صمتي شهوة الغناء، وقادتني عبر طرقات الليل الى رائحة الحناء.. في حقول القرى البعيدة ،تعبر الآن.. كسرب طيور مهاجرة .. نحو مـوانئ الـدفء، بينما نتف من ريش تتطاير في هواء ثقيل، صدى أصوات يتردد عبر سماء نحاسية، طيور وروار تغرد في مساءات قرى نائية ،نعيق غربان في سكون ضحى كسول، زقزقة شحارير فوق أغصان أثل يابسة، نقيـق ضفادع، خرير مياه.. يفضح سر النبـع، خيانة المرايا، توتر القوس المشدود على حافة الهاوية، أيائل تطارد ظلالها فوق صخور ملساء، وقع حوافر وأخفاف، أهازيج، أعـراس بدو، وميض بروق بعيدة، إيقاعات حداء، طقوس تفتح نوافـذ الليل..فأراني هناك..سائرا خلف ظل خلف ظل خلف ظل..خلف قافلة من ظلال..تهيم عبر أودية، عبـر تلال، عبـر منحدرات، تتبع سراب أزمنة... في فضاء أثيــري، تعبر مـدنا في جغرافيا الحلم، بابل، أثينا، صور، قرطاجنة.. من أي باب أدخل.. وهل أتبع هذا المغني الذي لايبصر..غير نجم في أقاصي القصيدة..لايراه سواه ..، هل أمضي خلفه.. ام ارجع؟، لم يبق لي غير زيت شحيح وسراج يشحب، والمغني لايتعب، أي طريق أسلك..؟ أي حانة منسية هناك.. تنتظر خطاي.. حيث شعراء مطرودون من مدن الحكمة، من خيام القبائل، من قصور السلاطين.. شعراء متعبون.. يعودون من ارتحالهم الطويل في ضباب المتاهات، من تشردهم في صقيع المنافي، يترجلون من سفـن الليل، مـن خيول القصائد، ينفضون غبار الموائد.. يديرون كؤوس الغيم.. فيدنو النخل عند أطراف الأصابع، يدنو البحر، والنوافذ، والوطن البعيد.. وتبدأ الأغنية..»
رسالة: تذكروا من علمونا عشق الحرف .. لا تنسوهم!.
« لا توجد نافذة تحتضن البرق أو تعبئ الضوء في سلال العاشقين»
« فكيف تقول لها: أحبك دون أن تفر العصافير من حقل الذرة»
« الشعر مرآة الحياة ..وتحديدا حياة كاتبه أو مبدعه.. هو أيضا حكاية العمر ..حكاية الطفل متنقلا بين عذاباته، ومثقلا بأحلامه التي يتعثر بها، عبر متاهات الطريق.. في رحلته الطويلة، التي تبدأ ذات حلم ، وقد تنتهي قبل اكتمال القصيدة .. قبل الوصول إلى الوردة المستحيلة ، التي تخبئها امرأة الشعر بين جدائلها ، وتنأى في البياض ، أو في عبق الياسيمين».... هكذا يصف الشاعر منصور الجهني الشعر .. منصور عوض الجهني شاعر مدهش و مبدع و يعتبر من رواد قصيدة النثر ومؤلم هذا التجاهل لمثل هذا المبدع المختلف وانا لا اشك ابدا بأن الابداع الحقيقي مضيء بذاته لكن الكثير من الضوء الزائف يمكن ان يصرف العيون عن ماهو حقيقي لذا أرى من واجبنا أن نشير إلى ماهو أصيل و نذكر به.. فلنتذكر الشاعر الجميل منصور الجهني دائما.
يقول عنه الدكتور محمد الشنطي (إن أبرز ما يميز منصور الجهني الاتكاء على جماليات البساطة، من هنا كان توظيفه لمنهج الحكي الشعبي، إضافة إلى المزج بين الخيال والمنطق، والاتكاء على الجانب اللوني مع اختراقه لغة العقل بشعرية الخطاب).
كتب عنه الوفي الكاتب عبدالرحمن العكيمي : «... ومنصور شاعر مطبوع يمتلك أدوات الكتابة الإبداعية ويتكئ على مخزون ثقافي كاف لبناء رؤية شعرية خلاقة أصدر ديوانه الأول (قبل أن) عن دار الأصفهاني في جدة، وجاءت جل قصائد الديوان في الفترة من عام 1989م وحتى العام 1992م حافلة بخطاب شعري له خصوصيته وهو يراوح بين الكثافة الشعرية والتلقائية المباشرة المسكونة بالأبعاد الدلالية».
أما الاستاذ محمود تراوري فقول عنه : « ربما يستعيد المتابعون الحقيقيون لحراك الشعر في المملكة، اسم الشاعر الجميل (منصور الجهني) الذي كان ضمن طلائع شعراء اجترحوا فضاء قصيدة النثر في تسعينيات القرن الماضي، وأصدر ديوان (قبل أن)، قبل أن يتوارى هو في تفاصيل مدينته الصغيرة الواقعة على تخوم منطقة تبوك (حالة عمار)، مكرسا ملامح شخصيته الوديعة المتخففة من الادعاءات وأمراض النرجسية وشهوة الحضور. أوائل التسعينيات، أصدر منصور ديوانه، ومج الضجيج الذي يفتعله المدججون بشهوة الحضور والأنا...»
من قصيدة « النوافذ» لمنصور الجهني:
« النوافذ ..كلما جئتها سمعت صدى أغنية..وقع خطى قادمة مـن عتمة المساء كلما رأيت طيـف امرأة تمشي على الماء ورأيـت ظلي تائها..خلف سراب القصيدة»
ومن قصيدة بعنوان «ربما» «تمتدّ المسافة في صمت يتشطرني الى اثنين: راحل خلف غيوم الخريف .. في عباءتها ،وآخر.. تحاصره المرايا يرسم قمرا في شتاء المواعيد وينتظر ربما يورق خشب الباب يصير نخلة او غصن ياسمين».
عندما يكتب منصور يسيل عطر الشعر من كل كلمة وحرف:
« القصائد التي فجأة.. أيقظت في صمتي شهوة الغناء، وقادتني عبر طرقات الليل الى رائحة الحناء.. في حقول القرى البعيدة ،تعبر الآن.. كسرب طيور مهاجرة .. نحو مـوانئ الـدفء، بينما نتف من ريش تتطاير في هواء ثقيل، صدى أصوات يتردد عبر سماء نحاسية، طيور وروار تغرد في مساءات قرى نائية ،نعيق غربان في سكون ضحى كسول، زقزقة شحارير فوق أغصان أثل يابسة، نقيـق ضفادع، خرير مياه.. يفضح سر النبـع، خيانة المرايا، توتر القوس المشدود على حافة الهاوية، أيائل تطارد ظلالها فوق صخور ملساء، وقع حوافر وأخفاف، أهازيج، أعـراس بدو، وميض بروق بعيدة، إيقاعات حداء، طقوس تفتح نوافـذ الليل..فأراني هناك..سائرا خلف ظل خلف ظل خلف ظل..خلف قافلة من ظلال..تهيم عبر أودية، عبـر تلال، عبـر منحدرات، تتبع سراب أزمنة... في فضاء أثيــري، تعبر مـدنا في جغرافيا الحلم، بابل، أثينا، صور، قرطاجنة.. من أي باب أدخل.. وهل أتبع هذا المغني الذي لايبصر..غير نجم في أقاصي القصيدة..لايراه سواه ..، هل أمضي خلفه.. ام ارجع؟، لم يبق لي غير زيت شحيح وسراج يشحب، والمغني لايتعب، أي طريق أسلك..؟ أي حانة منسية هناك.. تنتظر خطاي.. حيث شعراء مطرودون من مدن الحكمة، من خيام القبائل، من قصور السلاطين.. شعراء متعبون.. يعودون من ارتحالهم الطويل في ضباب المتاهات، من تشردهم في صقيع المنافي، يترجلون من سفـن الليل، مـن خيول القصائد، ينفضون غبار الموائد.. يديرون كؤوس الغيم.. فيدنو النخل عند أطراف الأصابع، يدنو البحر، والنوافذ، والوطن البعيد.. وتبدأ الأغنية..»
رسالة: تذكروا من علمونا عشق الحرف .. لا تنسوهم!.