-A +A
ماجد قاروب
في اللقاء العلمي الدوري الذي يُنظم بين مركز القانون السعودي للتدريب وجامعة السربون في إطار اتفاقية تبادل الخبرات والمعرفة الحقوقية والتدريب عُقد مؤخراً لقاء في الجامعة شارك فيه أساتذة القانون بالكلية وتحدث كل من البروفيسور فيليب فورتويت عن موضوع التعليم القانوني للمحامين والدكتور كيس شابوت عن موضوع تعليم القضاة والدكتور برونو دونيديرو عن موضوع التعليم القانوني وتحدث المحامي ماجد محمد قاروب عن التدريب المهني للقضاة والمحامين وسلطات الضبط والتحقيق. ولفت نظري تجربة القضاء التجاري الفرنسي الذي ينتخب قضاته في المحاكم التجارية من أوساط رجال الأعمال وفق آلية متفق عليها ومتعارف العمل بها توفر أكثر من 6000 قاض تجاري في المحاكم الابتدائية التجارية متبرعين بعملهم القضائي، بحيث يقدم القاضي أعمالا قضائية بمعدل يوم في الأسبوع ويقوم بكتابة الأحكام خلال عطلة نهاية الأسبوع وذلك دون أي مقابل مالي بل تبرعا إلى قطاع الأعمال الذي ينتمي إليه على أن يكون استئناف الأحكام أمام محاكم الاستئناف التي يعمل بها قضاة متفرغون يعملون بأجر وينتمون إلى السلطة القضائية الرسمية، ومن المفارقات أن القاضي العام المحترف المنتمي للسلطة القضائية يبدأ عند سن سبعة وعشرين عاما، بينما القاضي التجاري لا يحق له ترشيح نفسه إلا بعد بلوغ ثلاثين عاما، وجرى العرف أن يكون الفائز بشرف الخدمة القضائية ممن تتجاوز أعمارهم متوسط خمسين إلى خمسة وخمسين عاما أي بعد أن أصبح مشبعاً بالخبرات التراكمية للعمل في قطاع المال والأعمال وليس في حاجة إلى أي مكتسبات مالية جديدة بل إلى مشاركة مجتمعية لقطاع الأعمال الذي له مصلحة في اختيار أفضل رجال الأعمال والإدارة والمال للخدمة القضائية ومن ضماناتهم في ذلك حجم الثقافة الحقوقية للفرد التي ألزمته إلى التعامل مع رجال القانون والمحامين من خلال ممارسته لأعماله عبر سنوات طويلة. وخلص الاجتماع العلمي الذي حضره عدد من الأساتذة والطلبة وافتتحه رئيس الجامعة إلى أن تأهيل وتدريب المحامين بشكل مستمر من أهم ضمانات تحقيق العدالة فلا تكفي اختبارات الحصول على الرخصة لمزاولة مهنة المحاماة بل يجب أن يكون هناك برامج دائمة في التخصصات الدقيقة في شتى أفرع القانون الأساسية والفرعية، وأوصى الحاضرون بضرورة زيادتها بمقدار الضعف لمقابلة حجم التطورات التشريعية والقضائية حول العالم خاصة ما أفرزته متطلبات العولمة والمنظومة الأوروبية المشتركة، كما أكد الحاضرون على ضرورة تحديد مهام الإدارات القانونية الداخلية في الشركات والمؤسسات وتحديد العلاقة التكاملية بينها وبين مكاتب المحاماة التي تتعامل معها وأكدوا ضرورة عدم مشاركة الإدارات القانونية الداخلية في أعمال القضايا لأنها لا تعبر عن القانون بقدر تبنيها وجهة نظر الإدارة ولذلك تكون هي دائما بعيداً عن الحقائق والوقائع القانونية وأقرب إلى الدفاع الأعمى عن وجه نظر الإدارة.
في ذلك اللقاء العلمي تم التعريف ببرنامج البكالوريوس الإلكتروني في القانون الذي يقدم عبر الشبكات العنكبوتية وبه أكثر من خمسين ألف طالب معظمهم من رجال الأعمال وأصحاب المهن الأخرى لإدراك المجتمع بأهمية الثقافة والعلم القانوني الذي تعتبره السربون من أهم رسائلها للمجتمع الفرنسي والأوروبي ومن أهم مسؤوليتها الاجتماعية وهو ما جعلها تباشر الدورات التدريبية القانونية المتخصصة إلكترونياً، ونبحث في مركز القانون السعودي للتدريب آلية لتقديم هذه الدورات والبكالوريوس بعد ترجمته في الشرق الأوسط للمهتمين بالثقافة الحقوقية الحقيقية التي أرجو ألا توصف لدينا بالوهمية والتزوير.. ولعلي أبدي الأسف للإرهاب الذي ضرب فرنسا الحريات والمؤسسات والقانون متمنياً أن تقود فرنسا حملة حقوقية عالمية تُعرف الإرهاب وتجرمه ليتحد العالم خلفها لمحاربة الإرهاب وليس الإسلام.