إن من أعظم الأمور خطرا على أهل الإسلام، وأشدها ضررا، وأبعدها من تقوى الله ومخافته ومراقبته، وأقربها إلى عظيم سخطه، وأليم عقابه، وشديد عذابه: بدعة التكفير ــ أي الحكم بالكفر على المسلم ــ وهي التي افتجرها وتولى كبرها أول مرة فرقة الخوارج الذين خرجوا على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ــ رضي الله عنه ــ بعد حادثة التحكيم الشهيرة.
وإن شدة خطر التكفير، وعظم ضرره، وسوء منقلبه، وقبح عاقبته ليتضح بمعرفة الآثار المترتبة عليه: من حل دم ومال المكفر، والتفريق بينه وبين زوجه، وقطع الأواصر بينه وبين المسلمين؛ فلا توارث بينه وبينهم، وإذا مات لم يصل عليه ولم يغسل، ولم يدفن في مقابر المسلمين.
فلا غرو أن جاء التحذير من التكفير، والتنفير من غوائله، والترهيب من الاستهانة بشأنه، والاستخفاف بأمره، في نصوص صحيحة صريحة، منها:
ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن ثابت بن الضحاك ــ رضي الله عنه ــ عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنه قال: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم، ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله».
ومنها: ما أخرجه الإمام البخاري ــ أيضا ــ في صحيحه عن أبي ذر الغفاري ــ رضي الله عنه ــ أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: «لا يرمي رجل رجلا بفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك».
وقد ذكر أهل العلم بالحديث في معنى قوله ــ صلى الله عليه وسلم: «إلا ارتدت عليه» أقوالا ساقها الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»، منها:
ــ أن معناه: رجعت عليه نقيصته لأخيه، ومعصية تكفيره.
ــ وقيل: يخشى عليه أن يؤول به ذلك إلى الكفر، كما قيل: المعاصي بريد الكفر؛ فيخاف على من أدامها وأصر عليها سوء الخاتمة.
ــ قال: وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يعرف منه الإسلام، ولم تقم له شبهة في زعمه أنه كافر، فإنه يكفر بذلك.
فمعنى الحديث: فقد رجع عليه تكفيره، فكأنه كفر نفسه؛ لكونه كفر من هو مثله، ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام».
وللحديث بقية في الأسبوع القادم ــ إن شاء الله.
* إمام وخطيب المسجد الحرام
وإن شدة خطر التكفير، وعظم ضرره، وسوء منقلبه، وقبح عاقبته ليتضح بمعرفة الآثار المترتبة عليه: من حل دم ومال المكفر، والتفريق بينه وبين زوجه، وقطع الأواصر بينه وبين المسلمين؛ فلا توارث بينه وبينهم، وإذا مات لم يصل عليه ولم يغسل، ولم يدفن في مقابر المسلمين.
فلا غرو أن جاء التحذير من التكفير، والتنفير من غوائله، والترهيب من الاستهانة بشأنه، والاستخفاف بأمره، في نصوص صحيحة صريحة، منها:
ما أخرجه الإمام البخاري في صحيحه عن ثابت بن الضحاك ــ رضي الله عنه ــ عن النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ أنه قال: «من حلف بملة غير الإسلام كاذبا، فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب به في نار جهنم، ولعن المؤمن كقتله، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله».
ومنها: ما أخرجه الإمام البخاري ــ أيضا ــ في صحيحه عن أبي ذر الغفاري ــ رضي الله عنه ــ أن رسول الله ــ صلى الله عليه وسلم ــ قال: «لا يرمي رجل رجلا بفسوق ولا يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك».
وقد ذكر أهل العلم بالحديث في معنى قوله ــ صلى الله عليه وسلم: «إلا ارتدت عليه» أقوالا ساقها الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»، منها:
ــ أن معناه: رجعت عليه نقيصته لأخيه، ومعصية تكفيره.
ــ وقيل: يخشى عليه أن يؤول به ذلك إلى الكفر، كما قيل: المعاصي بريد الكفر؛ فيخاف على من أدامها وأصر عليها سوء الخاتمة.
ــ قال: وأرجح من الجميع أن من قال ذلك لمن يعرف منه الإسلام، ولم تقم له شبهة في زعمه أنه كافر، فإنه يكفر بذلك.
فمعنى الحديث: فقد رجع عليه تكفيره، فكأنه كفر نفسه؛ لكونه كفر من هو مثله، ومن لا يكفره إلا كافر يعتقد بطلان دين الإسلام».
وللحديث بقية في الأسبوع القادم ــ إن شاء الله.
* إمام وخطيب المسجد الحرام