-A +A
سعيد السريحي
قبل ما يقارب النصف قرن أجريت أنا وصديقي صالح بوقري حوارا مع الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري - رحمه الله - لنشره في مجلة كانت تصدرها جماعة الصحافة بمدرسة الشاطئ الثانوية بجدة، وحين نشرنا الحوار نبهنا بعض أساتذتنا أننا أسقطنا لقب «الأستاذ» في حديثنا عن الأنصاري ومعه، مؤكدين لنا أن هذا لا يليق به ولا يليق بنا كذلك.
وجدنا تلك الملاحظة فرصة ملائمة لزيارة الأنصاري مرة ثالثة، وكنا قد زرناه فور صدور المجلة وأهديناه عددا منها، كي نعتذر له عن ذلك الخطأ وسقوط لقب «أستاذ» سهوا من حديثنا معه الذي نشرته الصحيفة.

ابتسم الأنصاري وهو يستمع إلينا نتلعثم في اعتذارنا، وشعرنا أنه قد أدرك أننا نتحجج بذلك الاعتذار لزيارته مجددا، أكد ترحيبه بنا لزيارته في أي وقت، كما أبدى استعداده للنظر فيما كنا نحاوله من كتابة الشعر والقصة ونشره في مجلة المنهل، وأنهى حديثه معنا معلقا على خطأ إسقاط لقب الأستاذ من اسمه قائلا: (لقب أستاذ عم حتى خم وناله من لا يستحقه فترفع عنه من يستحقه).
تذكرت كلمات الأنصاري وأنا أتابع موضوعين منفصلين متصلين في آن واحد، الأول منهما ذلك الخبر الذي يؤكد على أن وزارة الداخلية ستطبق العقوبات التي حددها النظام الجزائي لجرائم التزوير في المملكة بحق كل من يثبت تورطه في تزوير الشهادات العلمية، والتي تتضمن المحاكمة والسجن والإبعاد، والوضع على قائمة المنع من دخول المملكة بشكل نهائي لمزوري الشهادات العلمية من الوافدين، أما الثاني فيتصل بظاهرة الشهادات التي تمنحها جامعات وهمية لا يزيد أكثرها على أن تكون مكاتب لبيع الشهادات التي لا تلبث أن تصبح وسيلة للتباهي الاجتماعي فلا يذكر صاحبها بدون إلصاق اللقب باسمه، وهي الظاهرة التي يترصدها وسم «هلكوني» الذي طرحه الدكتور موافق الرويلي على موقع تويتر، كما يترصدها مجلس الشورى بقرارات لا تزال قيد الدراسة.
بين التزوير الذي تتوعد وزارة الداخلية أصحابه بالعقوبات والتدليس الذي بات يمارسه كثير من حملة الشهادات الوهمية لنا أن نردد ما قاله الأنصاري من أن هذه الألقاب عمت حتى خمت ونالها من لا يستحقها فترفع عنها من يستحقها.