-A +A
محمد أحمد الحساني
بعض الذين يتصدون للإفتاء في أمور فقهية لا يكتفون بإيراد الحكم والدليل من القرآن الكريم أو السنة المطهرة حول ما يسألون عنه من أمور العبادات والمعاملات، بل يتجاوزون ذلك إلى محاولة إعطاء تفسيرات علمية وعقلية لم ترد في القرآن أو السنة عن أسباب التحليل أو التحريم، وإنما سمعوا بتلك التفسيرات من علماء نقلوا عن علماء عاشوا في عصر سابق، فأوصلهم اجتهادهم في عصرهم إلى تبني تفسير علمي أو لغوي لأمر من الأمور التي تكون محل اهتمام السائلين، مع أنه ليس مطلوبا من المفتي أو الفقيه أو المفسر أو العالم الجمع بين العلم الشرعي الذي أنعم الله به عليه وبين علوم الأحياء والفيزياء أو الطب أو الفلك أو الجيولوجيا بل يكفيه البراعة في تخصصه الفقهي والشرعي، فيدخل في جدال مع أصحاب الاختصاص، ويحضرني وأنا أكتب هذه السطور أن فتوى صدرت بأن قطرة الأنف تفطر الصائم فلا يجوز له استعمالها حتى يفطر لأنها تصل إلى جوفه، أما قطرة العين أو الأذن فلا بأس باستعمالها لعدم وصولهما إلى الجوف فرد طبيب مختص مؤكدا أن جميع تلك القطرات تصل إلى جوف من يستعملها ولذلك لا ينبغي ربط جواز الاستعمال أو عدم جوازه بأسباب وتفسيرات علمية بل يكتفي المؤمن باتباع الدليل الصحيح والحكم الشرعي والقطعي مع الأخذ بما يحل أو يحرم دون ربط الأمر بأي تفسيرات علمية.
وعندما تحرم بعض أنواع اللحوم أو يتبع أكلها نقض الوضوء أو يكون حض على تناول لحوم أو فواكه معينة، فإن على المسلم الاكتفاء بما أمر به دون البحث المضني وربما غير الموفق عن أسباب علمية تقف وراء التحريم إلا إذا جاءت تلك الأسباب ضمن كتاب الله عز وجل والسنة المطهرة، لأن التوسع في طلب تفسير علمي أو مادي لكل عبادة أو معاملة إسلامية يؤدي إلى القول على الله بغير علم وربما أدى ذلك إلى الانشغال بالتفسيرات عما أمر به العبد من عبادات أو معاملات.