-A +A
زهير أحمد السباعي
هل قدر لك أن تجد نفسك في جو يعبق برائحة التراث؟ يجتمع فيه المطبق مع المشبك والكباب الميرو مع اللدو واللبنية والهريسة جنبا إلى جنب مع «يا بليلة بللوها .. سبع جواهر يخدموها».. تصطف إلى جوارها بسطات السوبيا والقهوة باللوز، ودكاكين «أيامنا الحلوة»، تجدها حينا متلاصقة وحينا متناثرة متباعدة في أزقة وساحات تطل عليها بيوت نصيف وباديب وبا عشن وقابل، وتزدان واجهاتها بالفوانيس والاتاريك العلاقي، ويتمشى في طرقاتها «سنو سكين .. سنو مقص».
آلاف البشر من نساء ورجال كبار وصغار شاهدتهم في فعاليات مهرجان جدة التاريخية الذي حمل شعار «شمسك أشرقت»، يسودهم السلام ويطفح البشر على وجوههم. ما أحوجنا إلى مثل هذه المهرجانات لا أقول أياما معدودات في السنة ولكني أقول طوال أيام السنة. لا أقول في مدينة جدة وحدها وإنما في جميع مدن المملكة.

بيد أن هناك هنات بسيطة (والزين أحيانا ما يكمل) آمل من المسؤولين عن المهرجان أن يأخذوها في اعتبارهم ويسعون إلى تلافيها فيما يأتي من مهرجانات. تبحث عن حمامات فلا تكاد تجدها إلا في المساجد ــ على قلتها ــ أما بالنسبة للإناث فكان الله في عونهن. لاتزال النظافة في حاجة إلى من يأخذ بيدها، والطرقات القديمة والبيوت الأثرية في حاجة إلى من يرممها. لو أن المهرجان دام طوال أيام السنة أو أغلبها لدر دخلا ليس فقط للأسر المنتجة، وللشباب من الجنسين يخرجهم من مأزق البطالة، وإنما أيضا للجهة المنظمة على أن يخصص ريعه لتطوير المنطقة. لفت نظري أنه مع أذان العشاء أقفلت الدكاكين والبسطات أبوابها، بيد أن الشوارع ظلت غاصة بمئات الألوف من البشر . لعل المسؤولين يجدون مخرجا لهذه الظاهرة.
ما رأيته حقا أثلج صدري وبخاصة الأمن والسلام اللذين أظلا المكان برغم الازدحام الشديد، لم أر شخصيا ولم أسمع ممن ألم بالمهرجان قبلي أو بعدي أي مظاهر تدعو إلى الاستياء. أرجوا أن تتطور فكرة المهرجان لتصبح مهرجانات متواصلة تضفي الفرحة على روادها..