-A +A
أحلام محمد علاقي
حضرت درسا في التأمل بواسطة سيدة بريطانية عاشت في جبال التبت وتنقلت بأرجاء العالم طلبا لأسرار التأمل والتواصل مع الذات والطاقات الكونية وهي تعتبر من الـ Meditation gurus أو معلمي التأمل المميزين. وبعد الدرس ناقشنا قدرة النفس البشرية الهائلة على الإحساس بما لايمكن تفسيره بالمنطق والحواس المعروفة فنحن لا نعرف عن علم الماورائيات إلا القليل.
فعلم النفس يدرس الباراسيكولوجي المعني بدراسة الظواهر التي لايمكن تفسيرها بالحواس الخمس وتسمى اختصارا بـ ESP كالحاسة السادسة أو التخاطب الروحي عن بعد أو تحريك الأشياء بلا لمسها والـ Retrocognition وهو معرفة أحداث من الماضي بواسطة شخص معاصر وغيرها.

وأعترف لكم أصدقائي اعترافا خطيرا وهو أنني من أكبر المؤمنين بوجود الحاسة السادسة.
ورغم أنني قد قابلت نظرات الفزع والرفض من بعض الأصدقاء «الذين كانوا يظنونني عاقلة ومنطقية» قبل إدلائي بهذا التصريح إلا أنني لن أنكره. فكثيرا ما صدقت أحلامي (ولكل مسمى من اسمه نصيب) فأصبح أصدقائي يتخوفون منها ورغم أنني لا أحكي الأحلام السيئة إلا أن رموز الأحلام الغامضة والمتناقضة تفسر بوضوح بعد وقوع الحدث وسبحان الله.
ومثلي الكثيرون. فكل إنسان لديه وسائله للتواصل مع الكون وتكون شفافية بعض الناس أكبر من الآخرين أو ربما كون تقبلهم للحوار مع عالم الماورائيات أوضح لأنهم لا يغلقون بابه.
فكم منا تذكر شخصا فجأة ــ لم يره منذ سنوات ــ فإذا به يقابله مصادفة! وكم منا اشتهى طعاما معينا لم يأكله منذ زمن وإذا به أمامه بطريقة أو بأخرى.. وكم منا قال كلمة فلتت من لسانه دون تفكير وإذا بها نبوءة تتحقق.. وكم منا شعر بضيق معين بلا سبب ليكتشف أن حدثا حزينا وقع في نفس الوقت لشخص عزيز .. وكم منا رأى حلما كبشارة أو تحذير.
قالت لي صديقة أثق في حديثها بأن لها قريبا متوفى كان يأتيها في الحلم دائما، فيقف ولا يتكلم ولكنه يشير إلى حجرة مخزن قديمة بمنزله. وحينما تكرر الحلم قررت صديقتي أن تخبر ابنة المتوفى عن الحلم. وبعد تفتيش المكان عثر أبناؤه على صكوك مهمة ومستندات مال اقترضه من شخص فأعادوه له بفضل الحلم.
ينكر البعض رسائل الأحلام كما يرفضون الاعتراف بالحاسة السادسة. ولكنها معروفة من أقدم الأزمان وفي الكثير من الثقافات.
والتنبؤ بشيء قبل حدوثه سبحان الله قد لا يكون بالتفكير والإحساس المجرد بل بالشم أيضا. وهذا من أغرب الأمور. وعندما تحدثت خبيرة التأمل عن ذلك قالت بأن البعض «يشم» رائحة مكان معين أو شيء أو شخص من الماضي، وسبحان الله يحدث شيء مهم في ذلك المكان أو يحدث تواصل مع الشيء أو الشخص! استغرب الجميع يومها وقال البعض بأنها تبالغ.
ولكنني لم أستغرب وقلت لها إن القرآن يحكي عن ذلك! ساد الصمت وسألتني السيدة؟ حقا؟ كيف وفي أي مناسبة؟ قلت لها في سورة يوسف حينما فقد يعقوب ابنه المحبوب يوسف سنوات طويلة وفقد البصر فجأة وهو قاعد بأرض كنعان بفلسطين، فقال لمن حوله من أهله «إني لأجد ريح يوسف» وهذا في نفس الوقت الذي خرجت فيه القافلة من أرض مصر، وبينهما مسيرة أيام بالبر. فكيف استطاع يعقوب شم رائحة يوسف على بعد كبير كهذا؟
نعم إنها معجزة ربانية وخص الله بها بشرا قليلين مثل الأنبياء. ولكن سبحان الله ربما يوجد من الناس من يكون لديه شيء شبيه بهذه الحاسة فأحاسيسهم تصدق وأحلامهم تتحقق.
وسورة يوسف فيها الكثير من الأمثلة عن قصة الأحلام هذه. فحلم يوسف عن الكواكب والشمس والقمر فيه معجزات: معجزة حلمه كرؤيا، وغرابة تفسير والده يعقوب للحلم تفسيرا دقيقا قبل تحققه بسنوات طويلة، ومعجزة رحمة الله الذي أنقذ يوسف من السجن ليصبح بمكان قوة بعد ضعف ورغد بعد سجن وعز بعد انكسار. وكان يوسف مثل يعقوب قادرا على تفسير الأحلام بدقة كما نعرف من قصة حلم البقرات السبع.
وبنهاية درس التأمل، قالت لي معلمة التأمل البريطانية وهي تشكرني: «سوف أذهب الآن لأقرأ عن قصة يوسف في القرآن فرغم أنها مذكورة في الإنجيل، إلا أن سرد تفاصيلها في القرآن من أجمل ما سمعت طوال حياتي»..