يعتبر صندوق تنمية الموارد البشرية أحد الأذرع الرئيسية المحفزة لبرامج السعودة في القطاع الخاص. ويعتبر مستوى الأجور للعمالة السعودية في القطاع الخاص في السنين الماضية أحد أسباب امتناع العمالة السعودية للعمل في مؤسسات القطاع الخاص. وهي معادلة صعبة لم تعالج إلا من خلال صندوق تنمية الموارد البشرية برنامج (مكافأة أجور التوطين) وهو برنامج يقوم بصرف مكافآت للمنشآت في النطاق الأصفر والأخضر والبلاتيني بناء على نسبة محددة من نمو الرواتب المدفوعة للموظفين السعوديين المسجلين في التأمينات الاجتماعية وهو برنامج أسس ليحقق ثلاثة أهداف رئيسية الأول تحفيز منشآت القطاع الخاص لرفع أجور السعوديين العاملين لديها والثاني لتحفيز منشآت القطاع الخاص لتوظيف سعوديين جدد والهدف الثالث تحفيز منشآت القطاع الخاص لرفع تصنيفها في برنامج نطاقات. والحقيقة على أرض الواقع الفعلي استفادت في عام 2013م عدد 87.6 ألف منشأة قامت بزيادة رواتب موظفيها في النصف الثاني من نفس العام وصرف الصندوق لهذه المنشآت 1,47 مليار ريال مكافأة دخلت في حساباتهم الكترونيا وفي خلال خمسة أيام من تقديم الطلب الكترونيا وبدون متابعات وإجراءات بيروقراطية وهي ليست دعاية للصندوق ولكنني شاهد على ذلك حيث كنت من ضمن هذه المنشآت التي حصلت على (مكافأة الأجور)، وفي نفس العام 2014م صرف الصندوق 1.54 مليار ريال مكافأة لحوالى (60) ألف منشأة رفعت أجور موظفيها في النصف الأول من العام ولم يقتصر صندوق الموارد البشرية المكافأة على المنشآت التي تشغل العمالة السعودية وإنما امتدت المكافأة لتشمل ريادة الأعمال في المملكة، ويقصد بهم الشباب السعوديين الذين يعملون لحسابهم الخاص حيث استفادت المؤسسات الصغيرة بنسبة 74.1% والمؤسسات المتوسطة بنسبة 24% والمنشآت الكبيرة بنسبة 1.7% و0.2% .. وهذا يؤكد أن الصندوق يهدف أيضا إلى دعم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بمكافآت الأجور. وحسب تقرير المسؤولين في الصندوق تأتي منطقة الرياض على قائمة المناطق التي حصلت منشآتها على مكافآت الأجور بقيمة 344 مليون ريال لحوالى (3000) منشأة في الأسبوع الأول من الدفعة الثانية ثم تليها منطقة مكة المكرمة بمبلغ (184.9) مليون ريال لحوالى (2332) منشأة ثم المنطقة الشرقية بحوالى 169.6 مليون ريال ثم تليها بقية المناطق. وتبدأ مكافأة أجور التوطينات من 5000 ريال وتصل إلى عشرة ملايين ريال للمنشأة الواحدة وهي ما تمثل نسبة 50% من إجمالي زيادة رواتب موظفيها السعوديين والتي تم دفعها خلال الفترة السابقة. وبهذا أثبت صندوق تنمية الموارد البشرية أنه يعيد الأموال المستقطعة مسبقا من منشآت القطاع الخاص كرسوم خدمات لخدمات يحتاجها في أعماله وتقوم الدولة بتحويلها لصندوق تنمية الموارد، ويعاد صرفها على تطوير الكفاءات السعودية من خلال دعم برامج التدريب والتأهيل للشباب السعوديين ودعم مراكز التدريب في مختلف المسارات التدريبية التي يحتاجها القطاع الخاص، وأيضا يعاد إرجاعها لمنشآت القطاع الأهلي التي تتعاون في تحسين بيئة العمل من باب زيادة الأجور والتي تكون أحيانا عبئا على المنشآت مما يساهم في تخفيض نسب الربحية أو زيادة التكلفة وعكسها على الأسعار المقدمة للمستهلكين. ولضمان عدم انعكاسها على ارتفاع التكاليف يتدخل صندوق تنمية الموارد بدفع (مكافأة أجور التوطين) وهي في الحقيقة إعادة لجزء مما تم دفعه من قبل المنشآت السعودية ولقد ساهمت هذه المكافآت في دعم المنشآت السعودية التي فرض عليها الحد الأدنى من الأجور مثل المدارس الأهلية ومنشآت الحراسات الأمنية الخاصة ورواتب الجامعيين وغيرهم. ومع هذه البرامج الإيجابية التي يقدمها صندوق تنمية الموارد البشرية يصبح استمرار دفع رسوم الخدمات مقبولا من قبل المنشآت السعودية ولها مبرر. وستنعكس إيرادات مكافآت الأجور في ميزانيات المنشآت التي حصلت على هذه المكافآت في بند إيرادات غير متوقعة، وهي في الحقيقة إيرادات لم تكن متوقعة في ظل تعود القطاع الخاص بأن يدفع الرسوم ولا ينتظر عوائده المالية مباشرة.. وإذا جاز لي توجيه رسالة إلى منشآت القطاع الخاص وأنا أحدهم هي العمل على تعديل الرواتب بما يضمن تحسين بيئة العمل الجاذبة للشباب السعوديين والاستفادة من برنامج مكافأة الأجور. علما بأن زيادة الرواتب للسعوديين ستنعكس إيجابا على تدوير السيولة في السوق السعودية بدلا من تصديرها إلى أسواق خارجية كما هي في حالة العمالة الأجنبية..