جاء إعلان صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» عن تسرب أكثر من 30% من السعوديين من القطاع الخاص ليكشف عن عمق الأزمة التي تواجهها السعودة، لاسيما أن غالبية هذه النسبة تكون عادة في الشهور الثلاثة الأولى. وقد يعني هذا من جهة أخرى هدرا كبيرا في المال العام الذي ينفقه الصندوق من أجل دعم توظيف السعوديين. لقد سبق وأن بحت الأصوات مؤكدة وجود خلل حقيقي في سوق العمل، من أبرز معالمه التفاوت الملحوظ في الرواتب بين العمالة الوافدة التي تقبل العمل بأي راتب ولساعات طويلة، مقابل المواطن الذي يسعى للحصول على راتب يفي بمتطلباته الأساسية والتزاماته الأسرية، وغالبا ما ينتصر القطاع الخاص للعامل الوافد ذي الراتب القليل، الذي قد يقبل بالعمل لـ12 ساعة يوميا. أما ثاني الأسباب التي تزيد من التسرب فهو عدم جدية بعض الشباب في الحصول على عمل واكتفاؤهم براتب بسيط على الورق في إطار ما يعرف بـ«السعودة الوهمية»، التي تشير التأمينات الاجتماعية لارتفاعها إلى 40%، لقد عقدت العديد من الحوارات الاجتماعية التي تطرقت إلى ضرورة تحسين مناخ العمل للسعوديين في القطاع الخاص من خلال تحديد ساعات العمل ووضع حد أدنى توافقي للأجور، إلا أن كل هذه المناقشات لا تزال تراوح مكانها بسبب هيمنة القطاع الخاص ووضعه العراقيل في طريق التطبيق، ومن ثم ستظل السعودة تراوح مكانها في ظل وجود أكثر من 7 ملايين وافد ينافسون السعوديين في سوق العمل.