-A +A
عبدالعزيز معتوق حسنين
عنوان من ثلاث كلمات سألت عددا ممن أعرفهم: من قال هذه الكلمات الثلاث. ورغم أهمية هذه الكلمات لم يعرف الجواب الصحيح إلا عدد لا يتجاوز 1%. وقبل استمرارك في القراءة أيها القارئ الكريم اسأل نفسك. فهنيئا لك إن كان جوابك تجده في قوله عز وجل: «وَإِذَا تَوَلَّى? سَعَى? فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ». الآية. فالفساد مثل الطاعون ينتشر بين الناس ليقضي على المجتمع بكامله. فالمفسد ليس له همة إلا الفساد في الأرض. وقال مجاهد: إذا سعى في الأرض فسادا، منع الله القطر، فهلك الحرث والنسل. والله لا يحب الفساد أي: هو أعوج المقال، سيئ الفعال، فذلك قوله، وهذا فعله، كلامه كذب، واعتقاده فاسد، وأفعاله قبيحة. الفساد ظاهرة اجتماعية موجودة في كافة المجتمعات وعلى مر العصور بشكل نسبي ومتفاوت، فهو علاقة اجتماعية يتم من خلالها انتهاك قواعد العقد الاجتماعي والمبادئ والنظم القانونية المتعلقة بالمصلحة العامة مما يضر بها، عن طريق سلوك طرق غير مشروعة للوصول إلى الأهداف الخاصة. إنه ظاهرة محلية وعالمية، قديمة وحديثة، تتشابه فيها الدول المتقدمة والنامية، وإن كانت بنسب متفاوتة، ولكن يصعب أن تجد بينه وبين نسبة التقدم والديمقراطية علاقة محكمة، فتجده في الدول المتقدمة اقتصاديا والدول ذات الاقتصاد النامي، والدول الديمقراطية والدكتاتورية، والدول القديمة والحديثة، وتجده أيضا قويا طاغيا أو ضعيفا محدودا في كل من هذه وتلك. لكنه يمكن إيجاد علاقة حسابية متينة بين ضعفه وبين حسن الأداء للأجهزة والأنظمة المحاسبية والشفافية والقوانين المتينة وحرية الوصول للمعلومات. فلا فساد حيث الشفافية. إن الفساد الذي يعمل في الظلام ينتفي حيث الشفافية التي تعني الوضوح والنور. وهو يضعف حيث الحكم الرشيد بعناصره المعروفة. حكم القانون والشفافية وحسن الأداء والمحاسبة الفعالة والتوافق الوطني وفعالية المشاريع والشفافية. يؤدي الفساد إلى هدر تريليون دولار سنويا في العالم في الوقت الذي يتسبب هدر كل دولار بسبب الفساد، إلى خسارة اقتصاد الدولة. وبحسب دراسة للبنك الدولي فإن معدل دخل الفرد يزيد بثلاثة أضعاف في الدول الأقل فسادا عنه في الدول الأكثر فسادا، وأن معدل وفيات الأطفال يزيد بثلاثة أضعاف في الدول الأكثر فسادا عنه في الدول الأقل فسادا. والفساد في عالمنا العربي يتسبب بحسب دراسات البنك الدولي أيضا بهدر 40 بليون دولار سنويا تكفي لو لم تـُهدر لإيجاد 20 مليون فرصة عمل سنويا، هذا في الوقت الذي يحتاج فيه العالم العربي إلى خمسة ملايين فرصة عمل سنويا حتى يشغل الخريجون والقادرون على العمل كل عام. وقد صدر تقرير عن وزارتنا للعدل عن الفترة 1434هـ و1435هـ أن الأجانب في بلادنا يرتكبون جريمة في كل 24 دقيقة، ولا شك أن ذلك نتيجة للفساد. وقد علق الكاتب الدكتور حمود أبو طالب في نصه: وبغض النظر الآن عن مسألة ضرورة اعتماد مجتمعنا على نفسه كوضع طبيعي وضرورة حياتية، فإن فرز هذه الشريحة التي تقود الجريمة المنظمة واجتثاثها والتخلص منها وضمان عدم دخول نماذج منها أصبح مطلبا وطنيا عاجلا للحد من أخطارها المتزايدة. فصدق الله العظيم في قوله: الله لا يحب الفساد.
للتواصل ((فاكس 6079343))