-A +A
عبدالله الحارثي
نلاحظ في طرقاتنا، وبشكل لافت، أن العمل في تنفيذ المشاريع يتم ببطء شديد، لدرجة أن العمال الذين ينفذون هذه المشاريع لا نكاد نراهم فيها، وقد تختفي معداتهم في لمح البصر وتتحول المشاريع إلى حفريات.
الأخطاء لا تصدمنا في مثل هذه الحالات، ولكن صدمتنا الحقيقية تكمن في غياب الرقابة عليها وعدم محاسبة المقصرين، فالملاحظ أن غياب الساعة الزمنية في المشاريع أدى إلى تقاعس المؤسسات والشركات المنفذة عن القيام بأعمالها كما يجب وفي المدد المحددة.

هذا يحدث في مشاريع صغيرة داخل الأحياء السكنية، وأخرى كبرى في الطرقات الرئيسية، وكثيرا ما نستمع لمبررات من نوع «المشروع واجه عوائق أجبرت المقاول على طلب تمديد مدة التسليم»، وغيرها من الأعذار الواهية، ولو أن أمانات المناطق والجهات المعنية فرضت العقوبات وأعلنتها عبر وسائل الإعلام لأصبحت رادعا لهم ولغيرهم، حتى لا يتكرر ما حدث في مشروع كوبري تقاطع التحلية مع طريق الأمير ماجد بجدة، فبعد أن قطع المشروع شوطا كبيرا، وعندما بدأ حفر النفق، فوجئ المنفذ بوجود أنبوب عطل المشروع لسنوات حتى تمت معالجة المشكلة، ومثل هذا التقاطع وما حدث فيه تعج به شوارعنا ويعوق تنفيذ مشاريع حيوية جدا.
بعض المشاريع يتم ترسيتها على مقاولين، وبسبب غياب التنسيق أو التأهيل، ينجم عنها ارتباك في الحركة المرورية في ظل غياب التخطيط ومعرفة خارطة المشاريع السابقة في ذات الموقع في منطقة المشروع، وحتما سيتم اكتشاف عوائق تجبر الجهة المنفذة على إجراء تعديلات في التصاميم الهندسية للمشروع، وهو ما يتطلب وقتا إضافيا لتنفيذه بعد التعديلات، وقد تطول المدد أو تتعثر المشاريع، والمواطن هو من يدفع ثمن الخلل وبيروقراطية الإجراءات المتداولة بين الأجهزة المعنية.
الحالات التي وقعت من هذا النوع كثيرة، وهي تعيدنا إلى مرحلة ما قبل التنفيذ، والذي يفترض فيها أنه قبل ترسية المشروع لا بد من معرفة الخدمات التي سبق إيصالها من خلال هذه المواقع ودراستها وتحليل الأخطار المحتملة والعوائق التي قد تواجه التنفيذ، ومن ثم وضع المدد الزمنية للإنجاز والعقوبات التي تفرض في حالة التأخير.
ولا أعتقد أن الأجهزة الخدمية المعنية بتنفيذ المشاريع لا يوجد لديها تصنيف للشركات والمؤسسات، وبالذات التي تتسبب بين الفترة والأخرى في التأخير والتعثر، ومع ذلك نجد أنه يتم ترسية مشاريع جديدة عليها، وكأن الأمر مرتبط بالفكر التقليدي الشائع «الأقل عرضا يكسب المناقصة»، وهو ما يجب التخلص منه.
الرقابة، وإن وجدت على المشاريع، فهي لا توازي حجم الضرر الذي تتعرض له مركباتنا وتأخر أبنائنا عن مدارسهم والآباء والأمهات عن أعمالهم، وحتى المرضى يعانون الأمرين على هذه الطرقات لوصولهم إلى المستشفيات؛ بسبب اختناقات الحركة المرورية، وحري بهذه القطاعات أن تراجع خططها الهندسية في تنفيذ المشاريع ولا يجب أن تعمل جهة بمعزل عن غيرها.