يتفق أغلب المتابعين على وجود حالة طائفية تقف خلف الأحداث الجارية في لبنان والعراق, وقد تُحرك بعض القرارات بهذا الاتجاه أو ذاك, ويتفقون أيضاً على ضرورة توافق الطوائف نحو وحدة وتماسك كل من البلدين وإرساء السلم الاجتماعي فيهما. إلا أن الأمور لا تزال معلقة بين استمرار العنف في العراق وغياب المخرج في لبنان. فإذا كان سيناريو القطيعة بين طوائف المجتمع المتعدد الطوائف مرفوضاً، روحياً واجتماعياً وسياسياً، فيكون أمام الطوائف سيناريوهات مختلفة تندرج جميعها تحت خط التلاقي لا القطيعة، تختلف عن بعضها في الخطوط العريضة لكيفية التلاقي وصيغه وتطوره.
من تلك السيناريوهات النموذج اللبناني الديمقراطي القائم على التوازنات بين الطوائف واستحقاقاتها، ولكن يعيبه الحاجة المستمرة للتطوير في آلياته، لأن الجمود فيهما ساهم في وقوع أحداث ساخنة، بصورة دموية أحياناً، ويهيئ الأرضية لحروب أهلية وطائفية لا يتمنى أي طرف لبناني وقوعها.
وهناك النموذج الهندي الذي يُركز على إقامة المجتمع المدني الديمقراطي والمساواة بين المواطنين وإشراك جميع المناطق في إدارة البلاد، دون الاعتماد على الفرز الطائفي، وإن كان مراعياً لوجوده اجتماعياً ودينياً وعرفاً في النظام العام.
فالهند التي زاد تعدادها السكاني على مليار نسمة، يتشكل مجتمعها من طوائف متعددة- كالمسلمين والهندوس والمسيحيين والسيخ والبوذيين واليهود وقبائل تعتنق المذاهب الإحيائية- موزعة على 21 ولاية، وصدر دستور الهند عام 1950م حيث عمل جواهر لال نهرو على تأسيسه وترسيخه، لضمان وحدة البلاد مما أتاح لمختلف المناطق الهندية الاشتراك في حكومة الاتحاد الوطني. ورغم ارتفاع نسبة الأمية في الهند إلا أن الشعب يقبل بحماس على الانتخابات ويتمسك بالحريات المدنية المنصوص عليها في دستوره.
قد يقول قائل: إن الهند عانت من الأحداث الطائفية بحيث تسقط كنموذج لصحة فكرة تلاقي الطوائف، مثلها كلبنان في ذلك! نقول: الفرق بيـن النظامين في لبنان والهند أن الأول تأسس على المحاصصة الطائفية بينما الثاني لم تكن المحاصصة أصلاً في الدستور والنظام. ثانياً: عدم استدامة الأحداث الطائفية في الهند يجعلها نموذجاً إيجابياً من الممكن الاستفادة منه والاحتذاء به، بينما استدامتها في لبنان وعدم التوصل لمخرج ينهي على مدى فترات طويلة الاحتكاكات الطائفية، يجعل الفارق في الصورتين بين وواضح. ثالثاً: هناك حدود وطنية للعلاقات والامتدادات بين الطوائف الهندية ومثيلاتها خارج الحدود بحيث لا يقل مستوى تأثير تلك الامتدادات على الطوائف الهندية. رابعاً: لبنان له أعداء يريدون بقاءه في حالة من الصراع الدائم.
وأخيراً، تتمحور الصراعات الطائفية في الهند في شكلين أساسيين: الشكل الأول: الصراع بين الهندوس والسيخ تبلورت ذروته في عملية اغتيال رئيسة الوزراء انديرا غاندي عام 1984 من قبيل 3 من حرسها الخاص من السيخ، وتكررت الحالة ذاتها باغتيال ابنها راجيف غاندي كرئيس للوزراء في سنوات لاحقة من تعيينه(1990). والشكل الثاني: الصراع بين الهندوس والمسلمين كانت ذروته أسبوعاً دامياً في ديسمبر 1992 في جميع أنحاء البلاد ونتج عنه ألف قتيل. رغم كل ذلك لم تتأسس البلاد أو النظام على بعد طائفي مما جعل التجربة في تلاقي الطوائف قابلة للدراسة والاحتذاء لتستفيد منها كل المجتمعات التي تعاني صراع الطوائف. والله من وراء القصد.
ص.ب 2421 الدمام 31451 - kshabib@hotmail.com
من تلك السيناريوهات النموذج اللبناني الديمقراطي القائم على التوازنات بين الطوائف واستحقاقاتها، ولكن يعيبه الحاجة المستمرة للتطوير في آلياته، لأن الجمود فيهما ساهم في وقوع أحداث ساخنة، بصورة دموية أحياناً، ويهيئ الأرضية لحروب أهلية وطائفية لا يتمنى أي طرف لبناني وقوعها.
وهناك النموذج الهندي الذي يُركز على إقامة المجتمع المدني الديمقراطي والمساواة بين المواطنين وإشراك جميع المناطق في إدارة البلاد، دون الاعتماد على الفرز الطائفي، وإن كان مراعياً لوجوده اجتماعياً ودينياً وعرفاً في النظام العام.
فالهند التي زاد تعدادها السكاني على مليار نسمة، يتشكل مجتمعها من طوائف متعددة- كالمسلمين والهندوس والمسيحيين والسيخ والبوذيين واليهود وقبائل تعتنق المذاهب الإحيائية- موزعة على 21 ولاية، وصدر دستور الهند عام 1950م حيث عمل جواهر لال نهرو على تأسيسه وترسيخه، لضمان وحدة البلاد مما أتاح لمختلف المناطق الهندية الاشتراك في حكومة الاتحاد الوطني. ورغم ارتفاع نسبة الأمية في الهند إلا أن الشعب يقبل بحماس على الانتخابات ويتمسك بالحريات المدنية المنصوص عليها في دستوره.
قد يقول قائل: إن الهند عانت من الأحداث الطائفية بحيث تسقط كنموذج لصحة فكرة تلاقي الطوائف، مثلها كلبنان في ذلك! نقول: الفرق بيـن النظامين في لبنان والهند أن الأول تأسس على المحاصصة الطائفية بينما الثاني لم تكن المحاصصة أصلاً في الدستور والنظام. ثانياً: عدم استدامة الأحداث الطائفية في الهند يجعلها نموذجاً إيجابياً من الممكن الاستفادة منه والاحتذاء به، بينما استدامتها في لبنان وعدم التوصل لمخرج ينهي على مدى فترات طويلة الاحتكاكات الطائفية، يجعل الفارق في الصورتين بين وواضح. ثالثاً: هناك حدود وطنية للعلاقات والامتدادات بين الطوائف الهندية ومثيلاتها خارج الحدود بحيث لا يقل مستوى تأثير تلك الامتدادات على الطوائف الهندية. رابعاً: لبنان له أعداء يريدون بقاءه في حالة من الصراع الدائم.
وأخيراً، تتمحور الصراعات الطائفية في الهند في شكلين أساسيين: الشكل الأول: الصراع بين الهندوس والسيخ تبلورت ذروته في عملية اغتيال رئيسة الوزراء انديرا غاندي عام 1984 من قبيل 3 من حرسها الخاص من السيخ، وتكررت الحالة ذاتها باغتيال ابنها راجيف غاندي كرئيس للوزراء في سنوات لاحقة من تعيينه(1990). والشكل الثاني: الصراع بين الهندوس والمسلمين كانت ذروته أسبوعاً دامياً في ديسمبر 1992 في جميع أنحاء البلاد ونتج عنه ألف قتيل. رغم كل ذلك لم تتأسس البلاد أو النظام على بعد طائفي مما جعل التجربة في تلاقي الطوائف قابلة للدراسة والاحتذاء لتستفيد منها كل المجتمعات التي تعاني صراع الطوائف. والله من وراء القصد.
ص.ب 2421 الدمام 31451 - kshabib@hotmail.com