-A +A
حامد الاقبالي (الليث) عبدالله المقاطي (ظلم)
تهريب المتسللين وغيرهم من مخالفي انظمة الاقامة والعمل رغم انه نشاط محظور الا ان له سماسرته ونشطاءه وبينهم تجار وملاك عقار واصحاب ارصدة بنكية يتعاملون في اسواق الاسهم وللأسف يتاجر هؤلاء بأمن الوطن من اجل حفنه من المال ويخاطرون بانفسهم وبغيرهم عبر مسالك بالغة الوعورة تفضي في كثير من الاحيان الى ازهاق عشرات الارواح. جولة «عكاظ» على الخطوط الخلفية لتهريب المتخلفين والمتسللين والمخدرات والتي تمتد من طريق أضم حتى غميقة وانتهاء بالميزان في الغالة مروراً بالطريق الساحلي كشفت الكثير من خفايا هذا النشاط من حيل في منتهى الدهاء للافلات من العقوبات النظامية التي يتم تطبيقها بحق هؤلاء المهربين وكذا للافلات من نقاط التفتيش ومراكز الشرطة الساحلية.
طرق التهريب والسمسرة

تبدأ طرق التهريب من محافظة محايل عسير وتستمر عبر دروب ترابية الى مسافة 500 كلم هربا من عيون رجال الأمن المنتشرة على طول الطرقات والمنافذ.
ولاجتياز هذه الطرقات الوعرة يستخدم المهربون سيارات الدفع الرباعي لاختراق التضاريس والهرب في حال ملاحقتهم امنياً.
ويعتبر طريق الحبقة 90 كلم جنوب الليث منفذاً لهم للوصول الى قرى شمال الليث ومن ثم يقررون الاتجاه حسب طلب المهرَبين «بفتح الراء» سواء الى مكة المكرمة للعمرة والحج او الى جدة للعمل.. وعند وصولهم الى قرية الحبقة تتوزعهم ثلاثة مداخل ومنافذ ترابية قبيل الانطلاقة الاخيرة لاجتياز النقطة الأصعب وهي نقطة تفتيش الغالة 15 كلم والتي يتحكم فيها امن الطرق ودورياته التي تمسح الطريق على مدار الساعة.
وهذه المنافذ هي منفذ كشميرة وفج غريب، وام جرفان والتي تؤدي الى غميقة ومن ثم الصوالحة والميزان بالغالة بعد نقطة التفتيش بحوالى 5 كلم.
كيف يتم التهريب
يتم التهريب عبر سماسرة يتقاضون 10% عن كل عملية تهريب متسللين كما جاء في افادات المهربين في تحقيقات الشرطة ويتراوح تهريب الشخص الواحد ما بين 300 - 400 ريال يرتفع الى 700 - 1000 ريال في المواسم وهذا المبلغ لتحميل المتسللين من محافظة محايل فقط بينما يزيد كثيرا للمهربين من خارج الحدود ويتم كل ذلك بالاتصالات يتم الاتفاق بعدها في بضع دقائق ولا يأتي المهرب الا بعد اتفاق مسبق مع السمسار لتجهيز «الحمولة» مباشرة بدلاً من عناء البحث عنهم.
هوامير التهريب
ويعتبر بعض المهربين ان عمليات تهريب الركاب والاسلحة والقات والمخدرات وكافة انواع الممنوعات رغم مخاطرها الهائلة «تجارة وشطارة» وليس لسد الحاجة او لقمة العيش كما يعتقد البعض خطأ حيث وصل عدد سيارات المهربين في يوم واحد 10 سيارات كما رصدتها شرطة غميقة «27 كلم شرق الليث» ويتزايد هذا العدد الى 50 سيارة في موسم الحج محملة بالمتسللين والمخالفين والمجرمين الفارين من العدالة من احدى الدول المجاورة. وتشكل نسبة المتسللين من هؤلاء 95% من المقبوض عليهم.
وعلمت «عكاظ» ان دوريات شرطة غميقة تتعطل احياناً بسبب صعوبة التضاريس بالمنطقة اثناء مطاردتها للمهربين عبر الصحارى والجبال الشاهقة والطرق الوعرة في الوقت الذي يشرف فيه مخفر غميقة على اكثر من 20 قرية.
مفارقات المهربين
تحسباً للقبض عليهم يلجأ المهربون الى الحيل الذكية للخروج من الموقف العصيب بأقل خسائر ممكنة حيث يقوم 90% من هؤلاء بنقل ملكية السيارات التي يستخدمونها بأسماء زوجاتهم او اولادهم او ابائهم وذلك قبيل عملية التهريب للحيلولة دون مصادرتها.
وكشفت الضبطيات ان معظم السيارات مسجلة بغير اسماء المهربين كما ان بعض المقبوض عليهم دخل المجال من باب العمل الاضافي واتضح ان احدهم لديه رصيد مالي كبير في احد المصارف اضافة الى تملكه لخمس سيارات وتبين ان بعض الآباء يعلمون ابناءهم التهريب وفي هذا الصدد تم القبض على الاب متلبساً بعملية تهريب عبر طريق ترابي وبعد ايام ضبط ابنه محملا سيارته بالمتسللين.
اما المهرب «خ. ج» فانه لم يكتف بوجود سجل تجاري لديه اضافة الى عمله كتاجر عقار بل طالت انشطته التهريب المحظور حيث تم ضبطه محملا سيارته بالمتسللين في طريقه الى الشمال.
اصغر مهرب
اما المهرب الذي لم يتجاوز عمره 15 عاما «ف. ج» فان صغر سنه لم يمنعه من خوض غمار التهريب لكن خبرته المعدومة اوقعته في شر اعماله حيث ضبطه رجال الامن متلبساً بالجرم المشهود.
جرائم المهربين
المهربون مغامرون محترفون ولا يستبعد كثيرون ان يقوم بعض هؤلاء بالقتل او محاولته تحت تأثير المخدرات بالنسبة لمن يتعاطون هذه السموم ولعل نجاة اثنين من رجال الامن بشرطة غميقة اكبر شاهد على ذلك حيث قام مهرب يسانده آخر بمحاولة الاصطدام بسيارة الدورية والتي انقلبت على الفور بمن فيها وفر المهربان بحمولة 20 متسللا في سيارتي «صالون» عبر طريق عيار لتتلقفهم دورية اخرى كانت في انتظارهم قبل ان تنقلب احدى السيارتين وتتناثر اجساد المتسللين على الطريق لكن العناية الالهية انقذت الجميع بمن فيهم رجال الامن.
ومن ثم تم القبض على المهربين والمتسللين واحالتهم الى الجوازات لتطبيق العقوبة بحقهم.
ومما جعل هؤلاء المهربين يستمرون في غيهم هو العقوبات البسيطة التي لا تتناسب مع جرمهم فغالبا ما يتم تسليم السيارة الى ذوي الجاني ان كانت بغير اسمه اما هو فيقضي عقوبة السجن لعدة اشهر ثم يعود لمزاولة مخالفاته مرة اخرى.
يشار الى ان كثيرا من المقبوض عليهم من المهربين اتضح انهم يتعاطون حبوب الهلوسة والحشيش.
مغامرات مميتة
خلال الشهرين الماضيين شهدت طرقات المملكة عددا من المآسي راح ضحيتها مخالفون ومهربون في الحوادث المرورية اضافة الى الموت عطشاً في الصحارى.. من بينها ما حدث مؤخرا على طريق الطائف - الرياض حيث لقي 5 اشخاص بينهم مهرب مصرعهم فيما اصيب 25 اخرون من مخالفي انظمة الاقامة والعمل في حادثين وقع الاول عندما لاذ مهرب ومرافقه اثناء محاولتهم تهريب 13 مخالفا بالهرب من نقطة تفتيش المويه على طريق الطائف - الرياض وبعدما ضيقت دوريات امن الطرق الخناق على المهرب خرج عن الطريق المسفلت باتجاه الصحراء وبعد ان قطع نحو 30 كيلو مترا انحرفت السيارة لتنقلب عدة مرات مما اسفر عن وفاته واثنين من المخالفين فيما اصيب مرافقه و11 مخالفاً اخر.
وفي الثاني الذي وقع بعد نحو 48 ساعة لقي مخالفان مصرعهما فيما اصيب 13 مخالفا ومهربهم باصابات متفرقة في جنوب الطائف.
كما ان مدينة ظلم سبق وان سجلت عددا من الحوادث المأساوية منها وفاة مهرب واحد المخالفين الذين كان ينوي تهريبهم بسبب العطش بعد تعطل سيارتهم في الصحراء فيما انقذت العناية الالهية ثم جهود رجال الامن عددا من المخالفين التائهين في هذه الحادثة. كما توفيت امرأة وتم انقاذ 20 مخالفا في نفود العرق شرق محافظة الخرمة بعد تعطل السيارة في الصحراء.
وفي ظلم ايضا لقيت مخالفة افريقية مصرعها واصيب 17 مخالفا للاقامة بالاضافة الى مهربهم السعودي بجروح بعد انقلاب سيارتهم الجمس في الصحراء بسبب وعورة الطريق والسرعة العالية كما تسببت وعورة الطريق في حادثين صحراويين مماثلين نتج عنهما اصابة اكثر من 25 مخالفا.
فيما توفي مهرب اخر واصيبت مخالفة كان ينوي تهريبها بعد تعرضهم لحادث مروري بالقرب من الحوميات بسبب التهور.
ويشهد طريق الساحل حوادث مروعة للمغامرين بتهريب المخالفين حيث سبق ان قتل 11 مخالفا ومهربهم بعد اصطدام سيارتهم الهايلوكس باحدى الشاحنات وكان سبب الحادث اطفاء اضواء السيارة من قبل المهرب تجنباً للدوريات.
تجدر الاشارة الى ان جميع المخالفين الذين يتم تهريبهم يكونون من متخلفي الحج او العمرة او من المتسللين من الدول المجاورة علما بان العمليات بعد مواسم الحج والعمرة تكون باتجاه المناطق الوسطى والشرقية والقرى للبحث عن الاعمال والهروب من الحملات الأمنية فيما تتحول قبل مواسم الحج والعمرة بايام قليلة للمشاعر من اجل البحث عن العمل ولقاء الاقارب القادمين من الخارج في هذه المواسم.
واكد العقيد خلف الله الطويرقي مدير جوازات الطائف لـ«عكاظ» بان الجوازات لديها نقطة تفتيش ثابتة على طريق مكة - الطائف «السيل» تقوم بدورها في ضبط المخالفين للاقامة والمهربين اما بخصوص الطرق السريعة فليست من اختصاص الجوازات حيث تقوم هناك الجهات الأمنية الاخرى ممثلة في مخافر الشرطة ودوريات امن الطرق في ضبط المخالفين والمهربين ليتم تحويلهم لنا حيث نقوم نحن بتطبيق الغرامات والجزاءات على المهرب فيما يتم ترحيل المخالفين بعد انهاء كل الاجراءات المتعلقة بهم مشيرا الى ان الغرامات وفترات السجن للمخالفين تختلف باختلاف عدد المخالفين الذين يتم ضبطهم مع المهربين حيث تزيد الغرامة ومدة السجن مع زيادة عدد المخالفين.
الى ذلك اكد مصدر مسؤول في القوات الخاصة بامن الطرق بالغربية لـ«عكاظ» ان دور القوات الخاصة لأمن الطرق في عمليات وقف تهريب المخالفين يتمثل في ضبط المهرب والمخالفين وتحويلهم الى جهات الاختصاص من خلال نقاط التفتيش الثابتة والمتحركة على الطرقات ومن خلال الدوريات التي تقوم بمسح الطرق وعن عمليات المطاردة وخروج المهربين من الطرق السريعة في اتجاه الصحارى بعد مطاردتهم واشار المصدر الى ان دوريات امن الطرق تلاحق المشتبه بهم عند فرارهم من اجل ضبطهم سواء كانوا من المهربين او غيرهم ليتم اخذ الاجراءات اللازمة بحقهم.