من المسلمات التي أظهرتها التجارب العالمية أن لمراكز البحوث والدراسات دورا رياديا في قيادة السياسات العالمية باعتبارها أداة لإنتاج العديد من المشاريع الاستراتيجية الفاعلة على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية وصولا إلى الأبعاد الاجتماعية والثقافية، وكما أسلفنا في مقال الأسبوع الماضي أن مراكز الدراسات الاستراتيجية تلعب دورا أساسيا في صياغة الاستراتيجيات الأمريكية وسياساتها الخارجية لما لها من تأثير مباشر وغير مباشر على مراكز صنع القرار وبشكل خاص بعد أحداث سبتمبر 2001, وهو ما جعلها في نظر بعض المتابعين بمثابة الخطوط الخلفية للبيت الأبيض ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، وغيرها من المؤسسات الفاعلة في توجيه دفة الاستراتيجيات الأمريكية حول العالم. ونظرا لأهمية مثل هذه المراكز فقد ازداد عددها في دول العالم لاسيما في أوروبا وأمريكا وتنوعت تخصصاتها في مختلف الميادين حتى وصل عددها ــ بحسب مشروع مؤشرات مراكز الأبحاث والفكر ــ إلى حوالى 6480 مركزا متخصصا في مجالات متعددة، وبنظرة سريعة نجد أن الولايات المتحدة تملك حصة الأسد في عدد هذه المراكز حيث يوجد فيها 1830 مركزا بحثيا، وفي الصين 429، تليها بريطانيا بـ 287 مركزا، وألمانيا بـ 194مركزا، ثم الهند بـ 192 مركز، ثم تأتي على التوالي كل من فرنسا والأرجنتين وروسيا واليابان وكندا، وهذا يعني أن الدول المتقدمة والاقتصادات الكبرى تحظى بأعلى أعداد من هذه المراكز. غير أن الدور الذي اضطلعت به المراكز الاستراتيجية في الوطن العربي، مختلف عما هو عليه الأمر في الغرب كما ونوعا فمن أبرز المراكز العربية مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية في مصر الذي يتبع مؤسسة الأهرام والذي يساهم من خلال الدراسات والأبحاث والتقارير العلمية وتنظيم المؤتمرات في مناقشة ورصد القضايا السياسية الدولية والعربية وتقديم متابعات تحليلية لمصر والشرق الأوسط وأفريقيا والعالم، إضافة إلى مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية في أبوظبي والذي يركز بشكل خاص على الدراسات الاقتصادية ومؤسسة كارينغي في لبنان ومركز الجزيرة للدراسات في قطر ومركز الخليج للأبحاث في السعودية ومركز الدراسات الاستراتيجية التابع للجامعة الأردنية، إلا أن هذا العدد غير كافٍ وقليل جدا مقارنة بباقي مناطق العالم وهي ذات فاعلية محدودة ولهذا فإنه من منظور سياسي استراتيجي لابد أن تنظر بلدان العالم العربي في إمكانية زيادة مثل هذه المراكز التي بلا شك ستقدم خدمات كبيرة وواسعة ومهمة لصانعي القرار.
وعطفا على ما سبق فمن المناسب أن أجعل منه مرتكزا للإشارة إلى ضرورة مجاراة الآخرين في التفكير والتخطيط والتنفيذ، وهذا ليس بغائب عن قيادتنا الرشيدة ومتخذي القرار، فدولة بأهمية المملكة العربية السعودية وحجمها وثقلها وقدرتها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي وقيادتها للعالم الإسلامي وكمحط أنظار للعالم أجمع يحتم عليها أن يكون لديها مراكز متقدمة للدراسات الاستراتيجية، خصوصاً وأن المملكة تسعى جاهدة للأخذ بالأسباب التي تساعد على مواكبة متطلبات العصر ومتغيراته والأخذ بزمام المبادرة ولا يمكن لها أن تتبوأ هذه المكانة المنشودة إلا من خلال مراكز استراتيجية تحمل على عاتقها مواكبة الأحداث والمستجدات على الساحة العربية والدولية وتغذية القرار السعودي بالأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية التي تهم المملكة أو منطقة الخليج أو العالم الاسلامي والعالم.
لقد آن الأوان وأصبحت ضرورة مجتمعية ملحة في الوقت الراهن إنشاء مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية، وبخاصة في ظل تسارع الأحداث والإيقاع السريع والمتلاحق للمتغيرات الدولية وحالة الغموض التي تلف منطقتنا العربية من جراء تفاقم المشكلات الداخلية، وتزايد الضغوط الخارجية، وتذبذب أسعار النفط بالإضافة إلى ضرورة دراسة مستقبل التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المنطقة، ليس ذلك فحسب بل ودراسة وتحديث الأنظمة الحكومية ودراسة إعادة هيكلة قطاعات عديدة عامة وخاصة بما يتواكب مع المستجدات العالمية. فالاستثمار في مراكز الدراسات والمعاهد الاستراتيجية لم يعد إنفاقا هامشيا أو نشاطا ترفيا كما يظن البعض فنحن أحوج ما نكون اليوم إلى مثل هذه المراكز المتخصصة بالشؤون المحلية والدولية ليس لمجرد تجميع المعلومات، ولكن لإنتاج الأفكار ذات العلاقة بالواقع وصنعها من أجل تحقيق إنجازات حقيقية، فهي التي تحلل وتفسر وتضع الرؤى والاحتمالات المستقبلية من خلال عمل مؤسس وممنهج تبصر من خلاله صانع القرار وترشد قراره..
وعطفا على ما سبق فمن المناسب أن أجعل منه مرتكزا للإشارة إلى ضرورة مجاراة الآخرين في التفكير والتخطيط والتنفيذ، وهذا ليس بغائب عن قيادتنا الرشيدة ومتخذي القرار، فدولة بأهمية المملكة العربية السعودية وحجمها وثقلها وقدرتها الاقتصادية وموقعها الاستراتيجي وقيادتها للعالم الإسلامي وكمحط أنظار للعالم أجمع يحتم عليها أن يكون لديها مراكز متقدمة للدراسات الاستراتيجية، خصوصاً وأن المملكة تسعى جاهدة للأخذ بالأسباب التي تساعد على مواكبة متطلبات العصر ومتغيراته والأخذ بزمام المبادرة ولا يمكن لها أن تتبوأ هذه المكانة المنشودة إلا من خلال مراكز استراتيجية تحمل على عاتقها مواكبة الأحداث والمستجدات على الساحة العربية والدولية وتغذية القرار السعودي بالأبعاد السياسية والاقتصادية والثقافية والعسكرية والأمنية التي تهم المملكة أو منطقة الخليج أو العالم الاسلامي والعالم.
لقد آن الأوان وأصبحت ضرورة مجتمعية ملحة في الوقت الراهن إنشاء مراكز البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية، وبخاصة في ظل تسارع الأحداث والإيقاع السريع والمتلاحق للمتغيرات الدولية وحالة الغموض التي تلف منطقتنا العربية من جراء تفاقم المشكلات الداخلية، وتزايد الضغوط الخارجية، وتذبذب أسعار النفط بالإضافة إلى ضرورة دراسة مستقبل التطور الاجتماعي والاقتصادي والسياسي في المنطقة، ليس ذلك فحسب بل ودراسة وتحديث الأنظمة الحكومية ودراسة إعادة هيكلة قطاعات عديدة عامة وخاصة بما يتواكب مع المستجدات العالمية. فالاستثمار في مراكز الدراسات والمعاهد الاستراتيجية لم يعد إنفاقا هامشيا أو نشاطا ترفيا كما يظن البعض فنحن أحوج ما نكون اليوم إلى مثل هذه المراكز المتخصصة بالشؤون المحلية والدولية ليس لمجرد تجميع المعلومات، ولكن لإنتاج الأفكار ذات العلاقة بالواقع وصنعها من أجل تحقيق إنجازات حقيقية، فهي التي تحلل وتفسر وتضع الرؤى والاحتمالات المستقبلية من خلال عمل مؤسس وممنهج تبصر من خلاله صانع القرار وترشد قراره..