-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
لم يأل الوطن جهدا في عمل كل ما من شأنه محاولة توفير رعاية صحية متقدمة وشاملة، ولكن المشكلة الكبرى كانت تكمن في عقدة قديمة رسخت أن وزارة الصحة هي مقبرة الوزراء دون تشخيص السبب، بل بسبب وهم واعتقاد خاطئ مفاده أن هذه الوزارة تستعصي على من يوكل إليه أمرها!!، والحقيقة أن وزارة الصحة لا ذنب لها في الأمر، بل ظلمت بهذه التهمة، ومن حق الوطن علينا أن نقدم عصارة تجربة معايشة لهذه الخدمة لأكثر من ثلاثين عاما ربما تساعد في تشخيص علتها.
وزارة الصحة تكاد تكون الوزارة الوحيدة التي تتكون من خليط متنوع من المهنيين والمتخصصين، ففيها المهندس والقانوني والمحاسب والمالي والطبيب والصيدلي والإداري والممرض والكيميائي وأخصائي المختبر والأشعة والتغذية والخدمة الاجتماعية، وسم ما شئت من التخصصات وستجدهم يعملون بها، ومع ذلك فإن جل من أوكل إليه إدارتها هم من الأطباء، وهؤلاء ليس من ضمن تعليمهم مقرر واحد من علم الإدارة، فكيف لهم إدارة هذا الكم الهائل المتنوع من البشر؟!.
وزارة الصحة، وبكل بساطة، تحتاج إلى إداري متخصص خبير ناجح في حياته الإدارية ولديه روح وملكة القيادة والقدرة على اتخاذ القرار؛ لأن المختص الإداري يستطيع أن يتخذ قرارا عادلا لا يتأثر بالتحيز لمهنة الطب ولا بروح النقابة لا نحو المهنة ولا الممتهن، إنما يدير المنشأة بروح الفريق الشامل المتكامل وبإنصاف يعتمد على حقيقة أن الرعاية الصحية هي عمل تكاملي لفريق لا يمكن أن يغني أحد أعضائه عن الآخر، ولا أن يكون أحدهم أهم أو أقل خطورة من الآخر!!.
وزارة الصحة ــ باختصار ــ تحتاج عاجلا لأحد القادة الإداريين الذين حققوا نجاحا في إدارة شركات أو مؤسسات كبرى؛ مثل سابك أو أرامكو أو الجبيل وينبع أو مؤسسة التأمينات الاجتماعية، مع منحه صلاحيات واسعة للتخلص من النواب والوكلاء الذين فشلوا في مراحل عمر الوزارة السابقة، فمن أهم مشاكل وزارة الصحة كثرة تراكم وتكدس نواب ووكلاء قدامى يستنزفون مالا ويشكلون إحباطا وعوائق لكل جديد ناشط قادم ليعمل!!، وليس أخطر على أي وزارة أو مؤسسة من تراكم تركة قديمة خبيرة في التعطيل وتثبيط الهمم.

www.alehaidib.com