-A +A
محمد المختار الفال
تحركت المملكة، بصورة فاجأت العالم، لتقود تحالفا متماسكا، من أشقائها وأصدقائها؛ لتوجيه ضربة موجعة لأطماع الحوثيين ومن يحركهم ليكونوا رأس حربة تشاغب على المملكة وتشغلها عن دورها الكبير في توحيد الكلمة وبسط الأمن والاستقرار في المنطقة ومواجهة مخاطر الإرهاب والتطرف والتشدد..
وشكل قرار الضربة صدمة للكثيرين، إذ لم يتوقعوا أن تقدم المملكة على هذه الخطوة السريعة الصاعقة؛ لأنها ــ في رأيهم ــ لا تتفق مع منهجها وأسلوبها المعروف في معالجة القضايا الإقليمية.. ومع ذلك كان القرار المفاجئ موضع إعجاب وتقدير الخبراء الاستراتيجيين والسياسيين والعسكريين؛ لأنه تم بسرية تامة واستقلالية في الرأي حتى إن أقرب الحلفاء لم يطلع على تفاصيله، بل إن البعض لم يعلم عنه شيئا إلا بعد إعلانه..

وهذه السرية في صناعة القرار والتخطيط العلمي والحسابات العملية الدقيقة والاعتماد على القوة الذاتية بمساندة من يشترك في المصير الواحد كلها كانت من عوامل نجاح الضربات الجوية والاحترازات الميدانية رغم وعورة الطبوغرافيا اليمنية واتباع الانقلابيين وحلفائهم أسلوب الاختباء في الكهوف والاختلاط بالسكان واستغلال المواقع المدنية لتخزين السلاح والتخفي من نيران طائرات العاصفة..
ولأن القيادة اليمنية الشرعية هي التي طلبت تدخل المملكة لإيقاف انهيار الدولة وحماية البلاد من التفكك والاحتراب، فهي ــ أيضا ــ التي طلبت إيقاف «عاصفة الحزم» وفتح الأبواب لإعادة أمل اليمنيين في العودة إلى العقل والاحتكام إلى نتائج الحوار الوطني الذي جسد القواسم المشتركة بين كل القوى السياسية الفاعلة، وقد استجابت المملكة لرغبة القيادة اليمنية الشرعية في إنهاء «العاصفة»، كما استجابت لطلب التدخل، مع التزامها بالوقوف مع اليمن ودعم مشروع إعادة الأمل وحمايته بالقوة اللازمة سياسيا وعسكريا حتى لا تتعثر الجهود السياسية التي تقوم بها الشرعية اليمنية بمساندة المجتمع الدولي للخروج من دائرة العنف..
ومن الطبيعي أن يكون «الأمل» مشروعا لكل اليمنيين، يعملون من أجل رعايته بالعمل لتحويله إلى واقع يبدل حال ما هم عليه من نزاعات وخلافات تسحقهم وتدمر وطنهم. وهو مشروع يتطلب جهودا ومعارك سياسية لا تقل ضراوة عن الميادين العسكرية، بل تفوقها تعقيدا، فالمعركة السياسية تحتاج إلى الكثير من الوسائل والأسلحة الظاهرة والخفية، والنجاح المثمر فيها يحتاج إلى وضوح الرؤية وتوفير الأسباب وتقويتها بالعزم والحزم. فالأمل يحتاج إلى حزم حتى تظهر نتائجه.