الاستثمار الأهلي في التعليم والصحة يكاد يصنف أنه في القائمة الأخيرة من اهتمامات الاستثمار في القطاع الخاص. وقد يعود ذلك للعديد من الأسباب، منها أنه استثمار طويل المدى من زاوية العوائد الربحية وحتى يصل إلى نقاط التعادل في ميزانية التشغيل (أي يتساوى الإيراد مع المصروف ومن ثم تحقيق الأرباح)، ويستغرق هذا سنوات عديدة. ويختلف في التعليم حسب نوعه، سواء كان تعليما نظاميا أو التعليم الجامعي أو مراكز تدريب، وأيضا يختلف الوضع بين المستشفيات الصحية المتخصصة والعامة والمراكز والمستوصفات الصحية. وقد يكون أسباب عدم الاهتمام في الاستثمار في التعليم والصحة هو الإجراءات البيروقراطية المعقدة للحصول على التراخيص اللازمة لبدء العمل، سواء كانت تراخيص بلدية ولها متطلبات مستعصية منها توفر الأراضي المناسبة على شوارع تجارية وحسب المساحات المحددة على أن تكون الأرض مخصصة تعليمية أو صحية ثم موافقة الجيران من الأربعة الجوانب. شريطة عدم توفر نشاط مماثل تعليمي أو صحي، أيا كان نوعه، على مسافة نصف كيلو لكل اتجاه من الاتجاهات الأربعة، ثم أخذ موافقة الدفاع المدني وهيئة البيئة وإدارة المرور وإدارة الحماية من السيول، ثم الموافقة على الاستقدام للعمالة المطلوبة؛ شريطة أن يكون قد استنفذ المستثمر كل إمكاناته البحثية في الحصول على عمالة سعودية متخصصة أو توجيهه لشركات تأجير العمالة الأجنبية التي يصل متوسط قيمة استقدام الفرد 20 ألف ريال ومدة الانتظار 6 أشهر وبدون ضمان، أو البديل الآخر استئجار العمالة المطلوبة من شركات الاستقدام بضعف قيمتها السوقية. أما قضية البحث عن التمويل في غياب صناديق متخصصة لتمويل التعليم بأنواعه والصحة بأنواعها تحال مشاريع التمويل للتعليم والصحة إلى صندوق الاستثمارات تحت إشراف وزارة المالية ويواجه المستثمرون معوقات كبيرة أمام الشروط التعجيزية لضمان تمويل المشاريع التعليمية والصحية. أما معوقات العمل بعد التشغيل بعد تجاوز جميع الصعوبات تبدأ من تسعير قيمة الخدمة التعليمية والصحية المقدمة لراغبيها، وذلك حسب دراسات الجدوى واقتصاديات تشغيل المشاريع، إلا أنه يفاجأ أن تسعير الخدمة محددة من الوزارة المعنية ولا يستطيع زيادة أي تكاليف في التسعيرة إلا بموافقة الوزارة المعنية دون النظر إلى عنصر ارتفاع تكلفة العمالة في الاستقدام وارتفاع تكلفة الأجور للسعوديين بناء على قرارات السعودة التي نؤيدها ويدعمها صندوق الموارد البشرية، إلا أنه دعم موقت لمدة سنتين وجزء من الراتب، رغم أن اقتصادنا حر ورأسمالي ونحن دولة رأسمالية يتوقع فيها أن يترك التسعير للسوق حسب نوعية الخدمة وجودتها ومستوى الخدمة ومستوى الكفاءات المتميزة للعمالة المتخصصة من أساتذة أو دكاترة في الجامعات والمستشفيات ويترك القرار للمستهلك في اختيار الخدمة الأفضل له جودة وسعرا أو يختار إحدى البدائل الأخرى المتاحة حسب قدرته الاقتصادية. هذا جزء من معاناة القطاع الأهلي للاستثمار في التعليم والصحة. وإذا جاز لي الاقتراح لاقترحت وضع خطة وسياسة تحفيزية للمستثمرين السعوديين وغير السعوديين للاستثمار في التعليم والصحة، وهي الأكثر احتياجا في بلادنا، وعلى رأس هذه الحوافز إنشاء صندوقين تنمويين الأول لتمويل مشاريع التعليم بصفة عامة (التعليم النظامي والجامعي والتدريبي)، والثاني صندوق تنموي للاستثمار في المشاريع الصحية (مستشفيات عامة ومتخصصة ومستوصفات ووحدات صحية)، على أن تزال جميع الشروط والمتطلبات التعجيزية للحصول على القروض، منها ــ وعلى وجه الخصوص ــ (الضمانات المطلوبة). كما أقترح إعادة النظر في شروط البلدية التعجيزية في بناء المدارس والمستشفيات ووضع شروط تحفيزية داعمة وليس طاردة للاستثمار في هذين المجالين. ومن هذه المتطلبات التحفيزية تحويل الأراضي الاستثمارية التابعة للأمانات والمؤجرة عن طريقها إلى أراضي للاستثمار التعليمي والصحي فقط، بدلا من التجاري مراكز تجارية أو أسواق أو مطاعم أو منتزهات. وأخيرا أطالب الغرف التجارية بضرورة تبني متطلبات الاستثمار التعليمي والصحي والمدافعة والمرافعة أمام الجهات المعنية لضمان إزالة المعوقات أمام الاستثمار التعليمي والصحي. والقطاع الأهلي التعليمي والصحي مشترك في جميع الغرف السعودية وأعداد معاملة التصديق التابعة له كبيرة ويومية، فهو في أمس الحاجة إلى دعم الغرف التجارية. كما أتمنى على الغرف التجارية إعداد الدراسات الاقتصادية المبدئية لمعرفة احتياجات كل مدينة من الخدمات التعليمية والصحية والتعرف على المعوقات التي تواجههم، ويكفينا في جدة هذا الكم الكبير من المراكز التجارية للأسواق والمحلات التجارية المتكررة، والتي تواجه منافسة شرسة بين بعضها، وسيكون البقاء للأقوى رغم أنها أموال بنوك ممولة لهذه المشاريع.