-A +A
سعيد السريحي
خيرا فعل عضو هيئة كبار العلماء الشيخ قيس المبارك حين رفع الحرج عن النساء المسلمات عند احتكامهن إلى القوانين الوضعية عند مطالبتهن بحقوقهن الزوجية، ما دامت تلك القوانين تكفل لهن تلك الحقوق في حال وقوع طلاق أو خلاف لهن مع أزواجهن.
وإذا كان الشيخ قد حرص على التنبيه على ألا تأخذ المرأة مما تقره تلك القوانين الوضعية إلا ما يقره الشرع لها، وإذا ما فاض ما أقرته تلك القوانين عما يقره الشرع توجب عليها إعادته لمن أقامت عليه الدعوى، فإن من شأن فعل المرأة المسلمة ذلك أن يقدم نموذجا مثاليا للمرأة المسلمة التي تتنازل عما تقره القوانين لها تمسكا بما يقره لها الشرع، غير أن للمسألة وجها آخر لا يتوقف عند حد حق المرأة قانونا أو شرعا، وهو وجه يتصل بتكلفة المحاماة والمقاضاة التي ينبغي على المرأة دفعها في سبيل النظر إلى قضيتها، وهي تكلفة تتناسب في حجمها عادة مع ما يحكم به لها القانون، وليس لما تستخلصه لنفسها بحكم الشرع، وذلك يعني أن اكتفاءها بما يقره الشرع لها وإعادة ما تبقى لطليقها ينبغي أن يكون مقيدا باستخلاص تكلفة المقاضاة والمحاماة مما تعيده لذلك الزوج. والحقوق في البلدان التي تتعامل بالقوانين الوضعية لا تنفصل عن جملة القوانين التي تطبق في تلك البلدان، فنظام الضرائب في تلك البلدان لن ينظر إلى ما تنازلت عنه تلك المرأة عن طيب خاطر من حقوقها، وهذا يعني أن اكتفاءها بما أقره الشرع لها لن يمكنها من تغطية الضرائب التي سوف تطالب بها بعد ذلك. رفع الشيخ المبارك الحرج عن أولئك النسوة المسلمات اللواتي لا مجال لهن غير الاحتكام إلى قوانين بلدان هن مواطنات فيهن، رفع الحرج عنهن في هذا الباب أوقعهن بما اشترطه الشيخ في أبواب حرج أخرى لا سبيل لهن من الخلاص منها بغير تقييد ما تحدث به الشيخ.