-A +A
عبده خال
في مقال الأمس توقفت في القول بأن كثيرا من سلوكياتنا السلبية نمارسها من غير غضاضة أو شعور بالذنب.
وأكثر سلوكياتنا نمارسها ضد الغير من غير أن نثوب إلى رشدنا فيما نحدثه في حياة الآخرين من أضرار سواء كانت أضررا فعلية أو قولية، ولأننا مسلمون -كما ندعي- علينا مراجعة كل سلوكياتنا فإن وجدناها لا تستقيم مع الدين أو الخلق الإنساني يصبح من الضروري جدا التخلي عن تلك الممارسات التي نمارسها يوميا.

وفي هذه الأيام ينشط سوق العاملات في المنازل نشاطا مذهلا، ولأن سلوكنا الاجتماعي يتغير في هذا الشهر، فالكل يبحث عن عاملة منزل وبأي مبلغ، وحين يعثر على هذه العاملة يستخدمها في منزله (وهو يعلم أنها هاربة من كفيلها)، ولا يشعر بأي ذنب اقترفه بذلك التستر أو لذاك الضرر الذي مارسه ضد مواطن آخر.
وأغلب العاملات في المنازل لديهن خبرة (مكتسبة أو منقولة) أن شهر رمضان فرصة لزيادة الدخل ولو أن العاملة منهن هربت من منزل كفيلها ووجدت مجتمعا إسلاميا لن يقبل بها (كون هروبها ضررا على شخص آخر) فإنها لن تبادر بالهروب.
ولا أحد منا يفكر بالضرر الذي أحدثه بأخ له حين رضي استخدام مخدومة هاربة، ويعلم هذا المستخدم أنه مقدم على صوم وعمرة وصلاة ونشط لأفعال تلك العبادات ومع ذاك لا يتذكر أنه ارتكب ظلما في حق أخيه المسلم.
هذه هي السلوكيات المتناقضة التي لا نشعر بها ونمارسها ممارسة لا تتعكر معها النفس أو البال، فالقضية لدينا تقف عند المحرم الذي يطبق فيه حد دنيوي بينما المحرمات التي تعد من سلوكيات المؤمن الحق كثير منا لا يلتزم بها كونها لا توقعنا تحت العقوبة المباشرة.
ولأن الإنسان يستجيب ويرتدع عن فعل أي ضرر متى ما استشعر بالعقوبة حاضرة بينما يسوف ويماطل حينما يستشعر بأنه قادر على الإفلات من أي ضرر اقترفه، وهذا الملمح تنبه له الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما قال: (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن).
ولهذا لابد من استصدار قانون يحمي حقوق الآخرين من التسيب الحادث في سوق العاملات، قانون يعاقب الخادمة ومن يستخدمها.