-A +A
علي فايع
في مجموعته القصصية «ثرثرة خلف المحراب» الصادرة حديثاً بالشراكة بين نادي الحدود الشمالية والانتشار العربي يستسلم القاص والإعلامي حسين السنونة للواقع؛ فيتحول من صناعة نصّ قصصي لا فت إلى نقل الواقع بتفاصيله الدقيقة. لا يعني هذا أنّ النصوص القصصية التي نشرها السنونة في هذه المجموعة، وكتبها في أوقات مختلفة لا تصلح أن تكون قصصاً إبداعية، ولكنها كما أظنّ كانت بحاجة إلى الخروج من دائرة الكتابة العاطفية والانفعالية إلى الكتابة الإبداعية التي تحوّل الفكرة إلى نصّ، والنصّ الواقعي إلى نصّ إبداعي مواز لهذا الواقع ومختلف عنه !

ما لفت انتباهي في هذه المجموعة التي كتبت بعض نصوصها في عام 1999م أنها لو كتبت اليوم لما كان لها قارئ، وإن وجد فسيطوي صفحاتها الأولى معتذراً بعدم إكمال قراءتها، ليس لأنها لم تكتب بشكل دقيق أو جيد فقط، ولكن، لأنها كتبت في موضوعات لم تعد تحمل تلك الحساسية التي كانت تحملها في زمنها الذي كتبت فيه، فالمرأة التي كتب عنها عام 1999م نصاً قصصياً تحت عنوان «أجساد ثملة» لم تعد هي المرأة التي تعيش بيننا اليوم، كما أنّ الحياة التي كانت بائسة في نصه القصصي في ذلك التاريخ بالتحديد لم تعد هي الحياة اليوم، ولا التعصّب الديني الذي كان معضلة وحيدة في نصّ السنونة القصصي !


أعلم أنّ هذا الكلام ربما لا يرضي الصديق السنونة الذي تأمل في قراءتي لهذه المجموعة خيراً كثيراً، وربما سيغضب من هذا الرأي، ولكنّ الواقع يفرض علينا الاعتراف بأنّ مشكلة نصوصنا القصصية أنها تستسلم للواقع بشكل كبير، ولا تستشرف المستقبل، كما أنّ المقدمة التي كتبها الشاعر والناقد السوري يوسف إسماعيل شغري لهذه المجموعة فيمكننا الحوار حوله بأنّ الصدق الذي يلتقطه شغري في نصوص السنونة يمكن التعبير عنه بالعفوية التي تثقل النصّ القصصي أكثر من خدمته، إلاّ أنني أتفق معه ـ كقارئ ـ في أنّ الانطلاقة الفعلية لهذه النصوص كان المحرك لها البيئة المحلية والواقع الاجتماعي الذي يتصوره الكاتب، لكنه ليس بالضرورة أن يكون الواقع الفعلي؛ لأنّ زوايا النظر والرؤية تختلف باختلاف الكاتب والمكتوب عنه !

بقي أن أشير إلى أنّ هذه المجموعة القصصية لم تخل من مسحات فنيّة، لكنها لم تكتمل، ولعلّ الحمولات الفكرية التي أثقلتها كانت سبباً مباشراً في غلبتها على النصوص الإبداعية، التي طغت فيها الفكرة على الحالة الإبداعية !

alma3e@