-A +A
أريج الجهني
شاهدت أحد النصوص تقول «إن الملوك والأمراء لا يذكرون أسماء زوجاتهم» وكانت تتداولها المعرفات التويترية، العجيب أن الكثير تفاعل مع التغريدة متناسين نخوة ملوكنا أعزهم الله وأدامهم «وأنا أخو نورة»، بل جعلوا لنورة أكبر جامعة وأضخم صرح تعليمي، هؤلاء هم آل سعود، هؤلاء هم قادتنا وأهلنا أهل الجزيرة العربية منذ الجاهلية والمرأة تصول وتجول وتعرف باسمها، بل مدن وحروب ومقامات تسمى بأسماء النساء، تاريخ الصحابيات الجليلات يزخر بحضور المرأة، وقبل هذا كله كتاب الله عز وجل القرآن الكريم الذي ذكرت فيه أسماء النساء، فمن أين جاءت هذه الثقافة البغيضة (عيب تقول اسم أمك) وكيف أصبح اسم الزوجة (البيت-الأهل)!، بل كيف أصبحنا نحن السيدات (حريم)!

فتش عن (الحرملك) فتش عن الأتراك والإخوان، فتش عن الفصل الإقصائي للسيدات في عصر العثمانيين وهوسهم وقصص الآغاوات و(حريم السلطان). أحيلكم لثلاث مقالات مهمة جدا، الأول للزميل الكاتب هاني الظاهري بعنوان (أمانة المدينة نظام الحرملك ضمن رؤية ٢٠٣٠) ومقال الأديب عبده خال بعنوان (ما هو اسم زوجتك) ومقال بعنوان (حرملك الثقافة) للدكتور الكبير حمود أبو طالب، تجدون المقالات الثلاثة في موقع «عكاظ»، هذه المقالات تناولت مفهوم الحرملك، ومقال عبده خال ركز على فكرة إخفاء اسم المرأة، الحقيقة أن الغزو العثماني له عدة أيدٍ جميعها ملوثة بالدماء والكراهية، ويبدو أن اليد التي تستدعي قطعها وبقوة القانون هي يدها الثقافية التي تبث سمومها في كل منزل عبر مسلسلات وردية النصوص وسوداء الظنون.


قونايدن، جنم، إفت، وغيرها مفردات لا يجهلها أجيال التسعينات والألفين، وهم وجدوا أنفسهم مضطرين لمشاهدة هذه المسلسلات، فهي تحمل الجانب التقني المتقن والإنتاج الاحترافي، والحبكة الدرامية المتقنة ناهيك عن الطبيعة الغناء والرومانسيات الخنفشارية! وتكاد لا تخلو أي قصة تركية من (الانتحار، القتل، الاختطاف، احتقار القانون والعصابات، الإجهاض وغيرها)، رسائل سامة للعقول وتلميحات مباشرة للتمرد، لست ممن يهتمون بالمؤامرات، فمن يجهل عداء هذه الثقافة لنا عليه أن يعيد حساباته، العتب كل العتب على قنواتنا الإعلامية التي سارت مع التيار وجعلت لهم بثا و«دوبلاج»!

هناك فجوة بين (حريم السلطان) و (نساء السلطة) المرأة التي تصنع السلطة وتحمي الديار وتكرم الضيوف هي المرأة العربية والبدوية التي يستشهد بذكرها إخوتها لا يخجلون من رأيها ولا من رجاحة عقلها، مهم جدا أن نعيد ثقة الفتيات بمجتمعهن، الكثير الآن يعشن اغترابا اجتماعيا، أمام بقايا خطاب الصحوة الإقصائي وأمام الخطاب الدرامي التحقيري الذي يجعل النساء جواري وحريما!، رفع المستوى الاقتصادي والثقافي للسيدات خاصة في القرى يحتاج خططا تنموية أكثر عمقا، صناعة الوعي تتطلب تكاتف الجميع؛ فالسلطة المجتمعية واللغوية تؤثر على هوية الأجيال، العمل لصناعة هوية سعودية واجب وطني لا يحتمل المجاملات.