منذ مقتل قاسم سليماني وأنا في حالة تعجب من تصريحات بعض الساسة العراقيين، الذين أعربوا عن حالة حزن عميقة، وذرفوا الكثير من الدموع الحارة على مقتله تفوق كثيراً أحزانهم على مقتل الألوف من أبناء شعبهم يومياً، ومنهم عراب الإفك نوري المالكي الذي ندد بمقتل قائد فيلق القدس مهدداً ومنذراً حكومة الولايات المتحدة بضرورة انسحابها الفوري من الأراضي العراقية!.
مصدر التعجب المستمر هو تصريحات المالكي «وأمثاله» المليئة بالتناقضات والمعايير المزدوجة، فالغضب العارم لقتل سليماني نابع من اعتقادهم أن وجود الأخير كان صمام الأمان الذي يضمن استمرار وجودهم في سدة الحكم، ولكن كيف تناسى المالكي مؤتمراته الصحفية مع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش –الابن- التي لم يتوقف خلالها عن الإشادة بجهود الولايات المتحدة في استتباب الأمن بالعراق، وتضحياتها من أجل حماية الشعب العراقي، وكيف يستطيع المالكي تجاهل تسلقه لهرم السلطة بالعراق ممتطياً ظهور الدبابات الأمريكية، وذلك عقب عودته من مخبئه في طهران بعد أن كان قاب قوسين من الإعدام على يد نظام صدام في ثمانينات القرن المنصرم.
للمالكي سجل حافل من التصريحات التي يستخف بها الشارع العراقي بل الشارع العربي، فقد صرح عقب إعدام صدام أن الإدارة الأمريكية كانت مترددة حيال تسليم صدام للحكومة العراقية التي كان يترأسها ليقوموا بإعدامه، وهو ما دفعه لتهديدهم بأنه سيداهم بقواته المعسكر الأمريكي الذي كان صدام محتجزاً بداخله، ثم سيأخذه عنوة لإعدامه بنفسه (لن أقوم بالتعليق على هذا التصريح وسأترك للقارئ الكريم هذه المهمة ليقوم بها بدلاً مني) وهل تناسى المالكي أنه المسؤول عن سقوط الموصل في أيدي الدواعش، والمسؤول عن إضعاف القوات المسلحة العراقية التي نخر عظامها سوس الطائفية القاتل.
ينادي بعض ساسة العراق بضرورة مغادرة قوات التحالف للعراق، وفي حقيقة الأمر أؤمن تماماً بمدى صدقهم بشأن تلك التصريحات، ولكن ليس كرهاً في الولايات المتحدة أو رفضاً لوجودها العسكري، ولكن لإفساح المجال للمزيد من السيطرة الإيرانية على مفاصل الحكم في العراق، فولاء الكثير من هؤلاء الساسة للنظام الإيراني وليس للشعب العراقي، والانتفاضات العارمة المستمرة للشارع العراقي ضد التدخل الإيراني في الشأن العراقي الداخلي تؤكد ما ذكرناه، فالكثير من المظاهرات العراقية الغاضبة تحرق علم إيران وتندد برموز السياسة الإيرانية، وتندد في نفس الوقت بتواطؤ الساسة العراقيين معهم، وهذه المظاهرات متضامنة مع مظاهرات الرفض التي عمت الشارع الإيراني هي الأخرى رفضاً لسياسة إيران الخارجية وتنديداً بأجندتها المشبوهة في المنطقة.
هذه التناقضات يبدو أنها ديدن حكومة الملالي وأزلامها، وهي إرث الأسس السياسية التي رسخها مرشدهم الروحي «الخميني» حيال اتباع سياسة ازدواج المعايير، ويحضرني في هذا السياق موقف ذكر فيه أحد معاصري الخميني حضوره لأحد مجالس الأخير خلال الحرب العراقية الإيرانية، فقد توجه أحد الحاضرين بسؤال لمرشد الثورة قائلاً: «أيها الإمام: لماذا تعادي حكومة العراق وحكومات دول الخليج؟» فأجاب الخميني دونما تفكير: «لأن شعوبهم لا تحبهم»، فتلقف المحاور خيط الحوار بعد تلقِى الإجابة التي كان يبدو أنه ينتظرها فاستطرد متسائلاً: «ولكن أيها الإمام، يرتبط نظامك بعلاقات مميزة مع حكومتي سوريا وليبيا، فهل يكن الشعبان السوري والليبي مشاعر الحب لحافظ الأسد ولمعمر القذافي؟».
كان طرح هذا التساؤل كفيلاً بأن يطأطئ الخميني رأسه دون أن يتمكن من الإجابة، والتي -إن تلفظ بها- ستؤكد على سياسته الانتهازية وعلى معاييره المزدوجة، غير أن ما يهمنا هنا هو السؤال نفسه الذي يوضح ضعف الادعاءات السياسية وزيفها التي يلوكها أتباع الخميني وذيوله في المنطقة، ويفسر النهج المخادع الذي يطبقونه ويستخفون من خلاله بشعوبهم أولاً ثم ببقية شعوب المنطقة، ولكن ما يبعث الأمل وسط ذلك الركام الكالح من الاستفزازات السياسية هو ما نراه من تنامي الوعي في الشارع العراقي، والذي بات مدركاً بوضوح تواطؤ نظامه الحاكم مع النظام الإيراني، والذي لا يبحث سوى عن مصلحته الشخصية ضارباً عرض الحائط بمصالح الشعب العراقي، وماهي إلا فترات قصيرة في سجل الزمن حتى يستعيد الشعب العراقي مقدرته على حكم نفسه بنفسه، وعلى الإطاحة بجميع القوى الخارجية التي تعبث بموارده وخيراته، وعلى إزاحة الطبقة الانتهازية الحاكمة عن سدة الحكم.
مصدر التعجب المستمر هو تصريحات المالكي «وأمثاله» المليئة بالتناقضات والمعايير المزدوجة، فالغضب العارم لقتل سليماني نابع من اعتقادهم أن وجود الأخير كان صمام الأمان الذي يضمن استمرار وجودهم في سدة الحكم، ولكن كيف تناسى المالكي مؤتمراته الصحفية مع الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش –الابن- التي لم يتوقف خلالها عن الإشادة بجهود الولايات المتحدة في استتباب الأمن بالعراق، وتضحياتها من أجل حماية الشعب العراقي، وكيف يستطيع المالكي تجاهل تسلقه لهرم السلطة بالعراق ممتطياً ظهور الدبابات الأمريكية، وذلك عقب عودته من مخبئه في طهران بعد أن كان قاب قوسين من الإعدام على يد نظام صدام في ثمانينات القرن المنصرم.
للمالكي سجل حافل من التصريحات التي يستخف بها الشارع العراقي بل الشارع العربي، فقد صرح عقب إعدام صدام أن الإدارة الأمريكية كانت مترددة حيال تسليم صدام للحكومة العراقية التي كان يترأسها ليقوموا بإعدامه، وهو ما دفعه لتهديدهم بأنه سيداهم بقواته المعسكر الأمريكي الذي كان صدام محتجزاً بداخله، ثم سيأخذه عنوة لإعدامه بنفسه (لن أقوم بالتعليق على هذا التصريح وسأترك للقارئ الكريم هذه المهمة ليقوم بها بدلاً مني) وهل تناسى المالكي أنه المسؤول عن سقوط الموصل في أيدي الدواعش، والمسؤول عن إضعاف القوات المسلحة العراقية التي نخر عظامها سوس الطائفية القاتل.
ينادي بعض ساسة العراق بضرورة مغادرة قوات التحالف للعراق، وفي حقيقة الأمر أؤمن تماماً بمدى صدقهم بشأن تلك التصريحات، ولكن ليس كرهاً في الولايات المتحدة أو رفضاً لوجودها العسكري، ولكن لإفساح المجال للمزيد من السيطرة الإيرانية على مفاصل الحكم في العراق، فولاء الكثير من هؤلاء الساسة للنظام الإيراني وليس للشعب العراقي، والانتفاضات العارمة المستمرة للشارع العراقي ضد التدخل الإيراني في الشأن العراقي الداخلي تؤكد ما ذكرناه، فالكثير من المظاهرات العراقية الغاضبة تحرق علم إيران وتندد برموز السياسة الإيرانية، وتندد في نفس الوقت بتواطؤ الساسة العراقيين معهم، وهذه المظاهرات متضامنة مع مظاهرات الرفض التي عمت الشارع الإيراني هي الأخرى رفضاً لسياسة إيران الخارجية وتنديداً بأجندتها المشبوهة في المنطقة.
هذه التناقضات يبدو أنها ديدن حكومة الملالي وأزلامها، وهي إرث الأسس السياسية التي رسخها مرشدهم الروحي «الخميني» حيال اتباع سياسة ازدواج المعايير، ويحضرني في هذا السياق موقف ذكر فيه أحد معاصري الخميني حضوره لأحد مجالس الأخير خلال الحرب العراقية الإيرانية، فقد توجه أحد الحاضرين بسؤال لمرشد الثورة قائلاً: «أيها الإمام: لماذا تعادي حكومة العراق وحكومات دول الخليج؟» فأجاب الخميني دونما تفكير: «لأن شعوبهم لا تحبهم»، فتلقف المحاور خيط الحوار بعد تلقِى الإجابة التي كان يبدو أنه ينتظرها فاستطرد متسائلاً: «ولكن أيها الإمام، يرتبط نظامك بعلاقات مميزة مع حكومتي سوريا وليبيا، فهل يكن الشعبان السوري والليبي مشاعر الحب لحافظ الأسد ولمعمر القذافي؟».
كان طرح هذا التساؤل كفيلاً بأن يطأطئ الخميني رأسه دون أن يتمكن من الإجابة، والتي -إن تلفظ بها- ستؤكد على سياسته الانتهازية وعلى معاييره المزدوجة، غير أن ما يهمنا هنا هو السؤال نفسه الذي يوضح ضعف الادعاءات السياسية وزيفها التي يلوكها أتباع الخميني وذيوله في المنطقة، ويفسر النهج المخادع الذي يطبقونه ويستخفون من خلاله بشعوبهم أولاً ثم ببقية شعوب المنطقة، ولكن ما يبعث الأمل وسط ذلك الركام الكالح من الاستفزازات السياسية هو ما نراه من تنامي الوعي في الشارع العراقي، والذي بات مدركاً بوضوح تواطؤ نظامه الحاكم مع النظام الإيراني، والذي لا يبحث سوى عن مصلحته الشخصية ضارباً عرض الحائط بمصالح الشعب العراقي، وماهي إلا فترات قصيرة في سجل الزمن حتى يستعيد الشعب العراقي مقدرته على حكم نفسه بنفسه، وعلى الإطاحة بجميع القوى الخارجية التي تعبث بموارده وخيراته، وعلى إزاحة الطبقة الانتهازية الحاكمة عن سدة الحكم.