-A +A
طارق الحميد
نقلت وكالة «رويترز» عن رئيس الوزراء اللبناني الجديد حسن دياب قوله إن حكومته المشكلة ستكون «سريعة وليست متسرعة»، ومهمتها هي إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وأن أولى جولاته ستكون للعالم العربي، ودول الخليج!

نبدأ من آخر نقطة، ما هي الدول العربية الجاهزة، اقتصادياً، وسياسياً، الآن، للمساعدة؟ لا أحد!


إذا كان هدف السيد دياب هو الخليج، فمن سيقوم بمساعدة حكومة حزب الله المصنف إرهابياً، بأمريكا، وبريطانيا، والسعودية؟ وعندما يقول السيد دياب إن الإصلاحات ستكون: «سريعة وليست متسرعة»، فأين سمعنا هذه العبارة من قبل؟

الإجابة بسيطة، وموثقة، قالها بشار الأسد في خطاب له أمام البرلمان وقت تشكيل حكومة التحايل على الثورة السورية عام 2011. حينها قال الأسد: «نريد الإسراع بالإصلاحات لكننا لا نريد التسرع»! هل هذا توارد خواطر، وبعد تسعة أعوام، أم أن تصريحات الحكومة اللبنانية الجديدة هي من نفس «كتالوج» المعسكر الإيراني، حيث قبول المبادرة، ثم المماطلة، وتفريغها من محتواها؟ أم هي تصريحات حكومة لبنانية جادة يقول وزير ماليتها الجديد إن بلاده في حاجة لقروض ميسرة من المانحين الدوليين تتراوح بين أربعة وخمسة مليارات دولار لتمويل مشتريات القمح والوقود والأدوية، وذلك لعام واحد فقط! بينما يطالب، في دافوس، جبران باسيل، وزير خارجية لبنان الأسبق، والموالي للأسد، والمعسكر الإيراني، بإنقاذ لبنان كي لا يتحول إلى «دولة فاشلة»!

وهنا سؤال، لماذا مطلوب الآن من المجتمع الدولي، والخليج، دعم لبنان، دون مطالبة إيران بذلك، وهي، أي إيران، التي أوصلت لبنان إلى ما وصل إليه؟ خذ مثلاً، وبحسب وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، فإن النائب أحمد حمزة، ممثل إقليم كرمان، مسقط رأس قاسم سليماني، يقول أمام البرلمان: «بالنيابة عن شعب إقليم كرمان سندفع مكافأة ثلاثة ملايين دولار نقداً لمن يقتل ترمب». فلماذا لا يبدأ السيد النائب ويتبرع بها للبنان نيابة عن النظام الإيراني طالما حكومة لبنان الجديدة تقرأ من نفس «كاتلوج» المعسكر الإيراني؟

خلاصة القول هنا إن للساسة، في الخليج، أو غيره، تقديرهم، ومصالحهم، لكن عطفاً على ما علمنا التاريخ، وهو خير معلم، فإن الحكومة اللبنانية الجديدة ما هي إلا حكومة إنقاذ ما لا يمكن إنقاذه. حيث لا مصداقية، ولا طرح مختلفاً عما رأينا آخر عشر سنوات، فمعسكر المقاومة والممانعة، زوراً، لم يطور أدواته، أو حتى خياله السياسي. لذلك حكومة لبنان الجديدة ليست حكومة الخروج من الأزمة، بل هي إمعان في تكريسها.

* كاتب سعودي

tariq@al-homayed.com