تخيل صديقاً كنت تعانقه كل يوم، وتقسم أجندة الأيام معه، يستعمر مملكة القلب ويستوطن الروح.. تجلس معه على رصيف الأمنيات وتقبل عينه، تتمنى له أمنية فيردها بعشر من أمثالها، ويشاهد الأمنيات تتحقق معك، عشت معه الفقر، القناعة، الخوف، الغنى، اللهفة، الأمنيات، النضال، الكفاح، المشقة، الاجتهاد، الأسى، الإنصاف، البؤس، والسعادة الأولى..
عشت أجمل الذكريات في لوحة ما رسمها رسام مجنون. كانت العصافير تنظر إلينا وتحسدنا على تلك الصداقة، رغم أنها لا تعلم بأن هناك قدراً، وأن ذلك القدر سيجعل من ذلك الصديق صهري، ويجعلني ذلك الصهر خالاً لأبنائه «الدكتورة رحاب والدكتور إيهاب» أجلس اليوم على كرسي أمام سرير ذلك الإنسان، الذي لاسمه ذلك العبق الخاص الثري، الذي يرافق كل ما يمت للحب من طقوس، تبتدئها الأماكن، وتظللها الكلمات.. ليظل عطرها حاضراً في أدق تفاصيل الذاكرة، وأكثرها جمالاً، عن ذلك «البهاء» الذي كان يسرف في قول: «أحبك» حتى لمن لا يستحقها، كان يقولها، وقلب آخر ينبت في صدره، كان يشعل أصابعه العشرة شموعاً لخدمة من يعرف، ومن لا يعرف، رجلاً ينشر الخير في زمن الكوارث، الحروب، الجريمة البخل، والقنبلة الذرية... كالنورس الجوال يملك قلباً، يعطي ويُسرف في العطاء، لم أعثر على مفردة تتناسب ووصف هذا الكائن المختلف.. لا أحد يمكنه أن يحكي شيئاً لا يناسب مقامه النظيف. أجلس اليوم متأملاً ذلك الجسد التمثال، المسجى على السرير، والذي تحول إلى جرحٍ أيسر الصدر، وصرخةٍ تخرج من القلب، وثقبٍ في جوف الأرض.. صوتٍ خافتٍ، وعيونٍ مكسورةٍ، وابتسامة مهزوزة، ودمعة مقهورة، وخوفٍ يسكن الجوف، وروحٍ هاربةٍ لا تجد لها متكأً...الأدوية تثقل لسانه وكيانه، والنسيان يهاجم الذاكرة، كل يوم فيضعفها ويحيلها الى رماد غياب، نسيان مديد ونسيان جديد.. مشهد مؤلم ينهب الأنفاس نهباً، يجعلك تعيش الوجع بتفاصيله.. المساء حالك، والصباح حالك، الأيام تتحول إلى مسلسل حزن، في كل يوم أعوده فيه أحصد خيبةً تلو الأخرى.. وتكسر أوان الصبر، وأبحر في اتجاه الأمل دون نجاة. مشقوق الفؤاد، حِملا من الرصاص يثقل كتفي، ويرفرف في صدري جناح طائر، وأنا أسحب النفس من بئر عميقة، والمدى يتحول لملجأ دموع، جحيم يغلي داخلي، يحرق ما تبقي من اخضراري، والهواجس تأكلني، وإحساس بالفجيعة يتعاظم ويزيد... أحاول أن أرمم دماراً لا يشبهه دمارٌ... ولكن كيف؟ أرتدي اليوم نظارة يا «بهاء» حتى لا تبصر عيون الناس الذل في عيوني.. فمرضك ذلني، وجعل في عيني دمعاً دائماً، أحتاج إليك كثيراً يا «بهاء الدين» في الأيام المقبلة فلا تخذلني، أحتاج إليك في هذا الزمن الصعب، فبيني وبينك ذكريات، ودروب كثيرة، وأفراح وأتراح.. يبدو أن الألم يقتلنا ليس انتقاماً، بل يذكرنا حتى لا ننسى.. الحب ما أجمله حين يسعدنا، وما أقبحه حين يبكينا.. أحبك يا صديقي «بهاء الدين صالح أشعري» علانية، أحبك سراً، أحبك بصمت، أحبك بكل الأشياء المختلفة والمتخلفة.. أرجوك يا «بهاء» أن تتعلم كيفية التغلب على الغياب بكل ما أوتيت من قوة حب، فأنت الجار الأول لي، والثاني والثالث، والسابع... والنبي حبيبنا وحبيبك (صلى الله عليه وسلم) وصاك بسابع جار.
كاتب سعودي
fouad5azab@gmail.com
عشت أجمل الذكريات في لوحة ما رسمها رسام مجنون. كانت العصافير تنظر إلينا وتحسدنا على تلك الصداقة، رغم أنها لا تعلم بأن هناك قدراً، وأن ذلك القدر سيجعل من ذلك الصديق صهري، ويجعلني ذلك الصهر خالاً لأبنائه «الدكتورة رحاب والدكتور إيهاب» أجلس اليوم على كرسي أمام سرير ذلك الإنسان، الذي لاسمه ذلك العبق الخاص الثري، الذي يرافق كل ما يمت للحب من طقوس، تبتدئها الأماكن، وتظللها الكلمات.. ليظل عطرها حاضراً في أدق تفاصيل الذاكرة، وأكثرها جمالاً، عن ذلك «البهاء» الذي كان يسرف في قول: «أحبك» حتى لمن لا يستحقها، كان يقولها، وقلب آخر ينبت في صدره، كان يشعل أصابعه العشرة شموعاً لخدمة من يعرف، ومن لا يعرف، رجلاً ينشر الخير في زمن الكوارث، الحروب، الجريمة البخل، والقنبلة الذرية... كالنورس الجوال يملك قلباً، يعطي ويُسرف في العطاء، لم أعثر على مفردة تتناسب ووصف هذا الكائن المختلف.. لا أحد يمكنه أن يحكي شيئاً لا يناسب مقامه النظيف. أجلس اليوم متأملاً ذلك الجسد التمثال، المسجى على السرير، والذي تحول إلى جرحٍ أيسر الصدر، وصرخةٍ تخرج من القلب، وثقبٍ في جوف الأرض.. صوتٍ خافتٍ، وعيونٍ مكسورةٍ، وابتسامة مهزوزة، ودمعة مقهورة، وخوفٍ يسكن الجوف، وروحٍ هاربةٍ لا تجد لها متكأً...الأدوية تثقل لسانه وكيانه، والنسيان يهاجم الذاكرة، كل يوم فيضعفها ويحيلها الى رماد غياب، نسيان مديد ونسيان جديد.. مشهد مؤلم ينهب الأنفاس نهباً، يجعلك تعيش الوجع بتفاصيله.. المساء حالك، والصباح حالك، الأيام تتحول إلى مسلسل حزن، في كل يوم أعوده فيه أحصد خيبةً تلو الأخرى.. وتكسر أوان الصبر، وأبحر في اتجاه الأمل دون نجاة. مشقوق الفؤاد، حِملا من الرصاص يثقل كتفي، ويرفرف في صدري جناح طائر، وأنا أسحب النفس من بئر عميقة، والمدى يتحول لملجأ دموع، جحيم يغلي داخلي، يحرق ما تبقي من اخضراري، والهواجس تأكلني، وإحساس بالفجيعة يتعاظم ويزيد... أحاول أن أرمم دماراً لا يشبهه دمارٌ... ولكن كيف؟ أرتدي اليوم نظارة يا «بهاء» حتى لا تبصر عيون الناس الذل في عيوني.. فمرضك ذلني، وجعل في عيني دمعاً دائماً، أحتاج إليك كثيراً يا «بهاء الدين» في الأيام المقبلة فلا تخذلني، أحتاج إليك في هذا الزمن الصعب، فبيني وبينك ذكريات، ودروب كثيرة، وأفراح وأتراح.. يبدو أن الألم يقتلنا ليس انتقاماً، بل يذكرنا حتى لا ننسى.. الحب ما أجمله حين يسعدنا، وما أقبحه حين يبكينا.. أحبك يا صديقي «بهاء الدين صالح أشعري» علانية، أحبك سراً، أحبك بصمت، أحبك بكل الأشياء المختلفة والمتخلفة.. أرجوك يا «بهاء» أن تتعلم كيفية التغلب على الغياب بكل ما أوتيت من قوة حب، فأنت الجار الأول لي، والثاني والثالث، والسابع... والنبي حبيبنا وحبيبك (صلى الله عليه وسلم) وصاك بسابع جار.
كاتب سعودي
fouad5azab@gmail.com