-A +A
حمود أبو طالب
ما زال الكثير يتذكرون المقولة القديمة المنسوبة لخبراء زراعيين دوليين عن منطقة جازان في منتصف القرن العشرين تقريباً بأنها سلة خبز المملكة، عندما زاروها واكتشفوا خصوبة أراضيها ووفرة مياهها واعتدال طقسها، ما يؤهلها لإنتاج محاصيل غذائية إستراتيجية بكميات كبيرة تكفي مناطق المملكة آنذاك، مع أن هذه الحقيقة كانت معروفة لأجيال سابقة لذلك الوقت، عندما كانت المنطقة تصدر الحبوب والمحاصيل الأخرى إلى القرن الأفريقي، ورغم صحة تلك المقولة للخبراء إلا أنها لم تُترجم في الماضي إلى واقع لأسباب مختلفة كثيرة.

ومع ما يمكن وصفه بإعادة اكتشاف مزايا المنطقة مع بداية الألفية الجديدة، وإعطائها ما تستحقه من اهتمام، ثبت أنها ليست سلة خبز المملكة فحسب، وإنما سلة كل الثمار الجيدة من المحاصيل الزراعية ذات الجودة العالية، وكان آخرها البن، الذي بدأ التركيز على زراعته بشكل علمي نتيجة اهتمام مشترك ودعم لعدة جهات منها إمارة المنطقة وشركة أرامكو كنوع من المسؤولية المجتمعية وجامعة جازان بالأبحاث العلمية، وربما جهات أخرى شاركت بالنهوض بهذه الزراعة ذات القيمة الاقتصادية العالية التي تمثل محصولاً عالمياً يتزايد الطلب عليه في كل مكان.


إن مهرجان البن في محافظة الدائر بمنطقة جازان الذي ما زالت فعالياته قائمة وتشهد حضوراً كثيفاً يمثل نموذجاً مهماً لاقتصاد ناشئ يمكن أن يكون اقتصاداً وطنياً مهماً إذا ما تم تطوير هذه الزراعة وتوسيع نطاقها، والأهم تسويق المحصول بالشكل المثالي، فلقد عانى مزارعو المنطقة كثيراً من مشكلة التسويق لمنتجات كثيرة ما جعل استمرارهم في إنتاجها غير ذي مردود، وبالتالي لا بد من توفر هذه الذراع المهمة لأي منتج وفي أي مكان.

ما زالت جازان ولّادة بكل خير، ورغم الطفرة التنموية الضخمة التي شهدتها وما زالت تعيش المزيد منها، إلا أن تسويقها زراعياً يحتاج إلى المزيد من الجهود المتكاتفة المتخصصة في هذا المجال.

* كاتب سعودي

habutalib@hotmail.com