لا شك أن التطور الكبير الذي تشهده وزارة العدل على المستويين التنظيمي والتقني أمر يستحق الإشادة والشكر، إذ قفزت هذه الوزارة متجاوزة معظم الوزارات الأخرى في تسهيل الخدمات ورقمنتها بشهادة معظم المتعاملين معها.
هذا النجاح اللافت يُعزى إلى ديناميكية وحرص ومتابعة وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، ومن شاهد اللقاء التلفزيوني الذي أُجري معه مؤخراً لن يملك إلا أن يقف له احتراماً، فهو رجل يعمل لمصلحة المواطن وحفظ حقوقه ومعالجة مشكلات عتيقة وعميقة في القطاع العدلي برؤية عصرية تأخذ في الاعتبار المقاصد الكبرى لإنفاذ العدالة دون تشبث بالأطر الإجرائية البيروقراطية التي لا تخدم العدالة ولا المتقاضين، وليس أدل على ذلك من التعديلات الجديدة على لائحة نظام التنفيذ التي أقرها وتميزت بحس إنساني عال وعالجت ثغرات في النظام كانت تجعل من العقوبة متعدية مثل مسألة إيقاف الخدمات الحكومية عن المدين وغيرها.
الشيء الوحيد الذي أستغرب أن معالي الوزير لم يوجه بإسقاطه حتى الآن هو ما يُسمى بـ(سجن الاستظهار) مع أن الزمن تجاوزه وسقطت مبرراته فعلياً على أرض الواقع، فقد كان المدين قديماً وما زال يُسجن لفترة من الزمن قبل منحه صك إعسار أو ما يُسمى «إشهار إفلاس» في دول أخرى، بحجة (استظهار حاله) أو معرفة ممتلكاته والضغط عليه للإفصاح عنها، فلم تكن الأنظمة الإلكترونية الحكومية قبل سنوات قادرة على حصر ممتلكات الشخص إلا في ما يتعلق بالحسابات البنكية، أما اليوم فبضغطة زر يمكن للقاضي معرفة حال المدين المالية من (أموال نقدية وعقارات وسيارات وغير ذلك)، أي أن الذمة المالية أصبحت مكشوفة تماما عبر التقنية، على عكس الماضي حين كان الشخص يملك أصولاً عقارية بالملايين في صكوك ورقية يمكن أن يخفيها «تحت البلاطة»، وهذا برأيي الشخصي أمر يُسقط حجيّة ومنطقية ما يسمى بـ«سجن الاستظهار» إلا في حال وجود قرائن قوية على المدين تشي بتهربه من سداد التزاماته كأن يكون من المعروفين بامتلاك أصول عقارية ضخمة خارج المملكة أو لديه تحويلات مالية كبيرة للخارج، وهذا لا ينطبق على المواطنين ذوي الدخل المحدود الذين يشكلون النسبة العظمى من المنفذ ضدهم.
في معظم دول العالم المتقدمة يتم إشهار إفلاس الشخص خلال ساعات أو أيام بعد طلبه وأخذ إفادة السلطات عن صحة إفلاسه، ولا يُسجن المدين لاستظهار حاله لأن السجن «عقوبة» ولا عقوبة في القانون بلا جريمة، وكما هو معروف فإن الاقتراض والعجز القسري عن السداد ليس جريمة، وبالتالي فإن على المقرض المسؤولية الكاملة تجاه التأكد من ملاءة المقترض قبل عملية الإقراض وبعدها وهذا ما يجعل البنوك وشركات التمويل في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية تعيّن متحرين خاصين لتتبع ممتلكات المدين الذي تم إشهار إفلاسه والإبلاغ عنها في حال وجودها، أما أجهزة الدولة فلا تعمل لحساب جهات التمويل لتتحمل المسؤولية نيابة عنها، وينتهي دورها عند الفصل القانوني في القضايا وفق المعطيات والأدلة والقرائن، وهذا هو الصحيح.
* كاتب سعودي
Hani_DH@
هذا النجاح اللافت يُعزى إلى ديناميكية وحرص ومتابعة وزير العدل الدكتور وليد الصمعاني، ومن شاهد اللقاء التلفزيوني الذي أُجري معه مؤخراً لن يملك إلا أن يقف له احتراماً، فهو رجل يعمل لمصلحة المواطن وحفظ حقوقه ومعالجة مشكلات عتيقة وعميقة في القطاع العدلي برؤية عصرية تأخذ في الاعتبار المقاصد الكبرى لإنفاذ العدالة دون تشبث بالأطر الإجرائية البيروقراطية التي لا تخدم العدالة ولا المتقاضين، وليس أدل على ذلك من التعديلات الجديدة على لائحة نظام التنفيذ التي أقرها وتميزت بحس إنساني عال وعالجت ثغرات في النظام كانت تجعل من العقوبة متعدية مثل مسألة إيقاف الخدمات الحكومية عن المدين وغيرها.
الشيء الوحيد الذي أستغرب أن معالي الوزير لم يوجه بإسقاطه حتى الآن هو ما يُسمى بـ(سجن الاستظهار) مع أن الزمن تجاوزه وسقطت مبرراته فعلياً على أرض الواقع، فقد كان المدين قديماً وما زال يُسجن لفترة من الزمن قبل منحه صك إعسار أو ما يُسمى «إشهار إفلاس» في دول أخرى، بحجة (استظهار حاله) أو معرفة ممتلكاته والضغط عليه للإفصاح عنها، فلم تكن الأنظمة الإلكترونية الحكومية قبل سنوات قادرة على حصر ممتلكات الشخص إلا في ما يتعلق بالحسابات البنكية، أما اليوم فبضغطة زر يمكن للقاضي معرفة حال المدين المالية من (أموال نقدية وعقارات وسيارات وغير ذلك)، أي أن الذمة المالية أصبحت مكشوفة تماما عبر التقنية، على عكس الماضي حين كان الشخص يملك أصولاً عقارية بالملايين في صكوك ورقية يمكن أن يخفيها «تحت البلاطة»، وهذا برأيي الشخصي أمر يُسقط حجيّة ومنطقية ما يسمى بـ«سجن الاستظهار» إلا في حال وجود قرائن قوية على المدين تشي بتهربه من سداد التزاماته كأن يكون من المعروفين بامتلاك أصول عقارية ضخمة خارج المملكة أو لديه تحويلات مالية كبيرة للخارج، وهذا لا ينطبق على المواطنين ذوي الدخل المحدود الذين يشكلون النسبة العظمى من المنفذ ضدهم.
في معظم دول العالم المتقدمة يتم إشهار إفلاس الشخص خلال ساعات أو أيام بعد طلبه وأخذ إفادة السلطات عن صحة إفلاسه، ولا يُسجن المدين لاستظهار حاله لأن السجن «عقوبة» ولا عقوبة في القانون بلا جريمة، وكما هو معروف فإن الاقتراض والعجز القسري عن السداد ليس جريمة، وبالتالي فإن على المقرض المسؤولية الكاملة تجاه التأكد من ملاءة المقترض قبل عملية الإقراض وبعدها وهذا ما يجعل البنوك وشركات التمويل في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية تعيّن متحرين خاصين لتتبع ممتلكات المدين الذي تم إشهار إفلاسه والإبلاغ عنها في حال وجودها، أما أجهزة الدولة فلا تعمل لحساب جهات التمويل لتتحمل المسؤولية نيابة عنها، وينتهي دورها عند الفصل القانوني في القضايا وفق المعطيات والأدلة والقرائن، وهذا هو الصحيح.
* كاتب سعودي
Hani_DH@