-A +A
محمد بن سليمان الأحيدب
قلتها يا محمد بن سلمان: لدينا شعب همته مثل جبل طويق، وصدقت، هذا فهد القحطاني (ضيف برنامج يا هلا)، شاب مني بمرض مزمن عضال يؤدي إلى إصابته بعدة جلطات متتالية يتزايد التقارب بين هجماتها ويزداد إصرارا وصبرا ويراجع مستشفى الملك خالد الجامعي فيحبطه (بروفيسور) قائلا لا حل لك إلا أن تراجعنا كلما أصابتك جلطة فنذيبها وتخرج، وهكذا ويستمر على هذه الحال سنوات ومع ذلك يدرس ويختبر وينجح ويتخرج في البكالوريوس كيمياء بمرتبة شرف، ثم يسخر الله له الطبيبة المخلصة فرجة (لم يذكر اسم عائلتها) فتدله على طبيب سعودي بارز في الخلايا الجذعية في التخصصي هو الطبيب هزاع الزهراني، ولا يقبله التخصصي إلا بواسطة وشفاعة، ويفتح له هزاع قلبه وبراعته ويزرع له الخلايا من جسمه في عملية نسبة الوفاة خلالها تتجاوز ٩٥٪، ويقبل بالعملية ويستكمل علاجه في أمريكا ويعاني آلاما وتخديرا أشبه بالموت، ورغم الألم يبشره شقيقه علي الذي سانده ووقف معه ورافقه طيلة مراجعاته وعملياته وسفراته وهو يبكي لما يرى من معاناة شقيقه، وأعلم علم اليقين أن معاناة مرافق المريض لا تقل عن المريض وقد تزداد، فالمريض يخدر وينام ومرافقه لا ينام، يبشره علي بقبوله في برنامج الماجستير في جامعة الملك سعود فيفرح ويضحك وهو في أشد الألم ويعود ويحصل على الماجستير، وقبلها يتعرض لفقدان القدرة على التنفس بسبب جلطة في الرئة وتوقف في القلب إلا بالأجهزة، ويقرر أطباء التخصصي سحب الأجهزة، وبفضل الله يؤجل القرار ليومين فيعود للحياة، ويقدم على دراسة الدكتوراه ويقبل، ولكن عمله يرفض تفرغه للدراسة. مساحتي لا تسمح بمزيد من التفصيل، لكن هذا مثال ناصع لهمة طويق وفي قصته يا صاحب السمو عبر كثيرة مستفادة، الإيجابي منها كثير، وأبرزها أن وقفة الشقيق علي مع شقيقه فهد مثال يحتذى ودلالة على أن الأخ أب وأم إذا صلحت الحال، وموقف زوجته درس لهذا الجيل، وإخلاص الدكتورة فرجة والدكتور هزاع رسالة لكل مهمل لمرضاه مقصر في مهنته، أما الجوانب السلبية فكثيرة أيضا، ومنها أن «بروفيسور» لقب أكاديمي لا يجب استخدامه طبيا لخداع المرضى (وهذا يحدث)، وموقف البروفيسور المحبط يدل على أن اللقب الأكاديمي لا يعني إجادة المهنة، والسلبية الأخطر في قصته أن سحب الأجهزة عن المرضى قرار خطير يجب أن لا يترك لفرد ولا مجموعة دون التأكد من عدة لجان بعضها خارج المستشفى، ومن السلبيات أن القبول في المستشفيات والتفرغ الدراسي يحتاجان لآلية أكثر إنصافا.

* كاتب سعودي


www.alehaidib.com