الهند وما أدراك ما الهند، بلد حافل بالمتناقضات والجمال والحضارة... أرض تملك أقدم حضارات العالم القائمة، وتملك نساؤها 11% من مخزون ذهب العالم وهو ما يزيد على احتياطي سويسرا وأمريكا وألمانيا من الذهب...بلد تصدّر ثلثي بهارات العالم بخلطة استثنائية من المعدمين في الأحياء المهملة، ونجوم بوليوود في أحيائهم الراقية والجهل والتخلف، وعلماء الفضاء وصواريخ أوصلتهم إلى المريخ.
عدد سكان الهند يفوق عدد سكان قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية، وبين كل هؤلاء الملايين تركيبة اجتماعية معقدة لا يعرف عنها الكثير بدولنا العربية، تركيبة تقسم المجتمع إلى طبقات من المعيب التحدث بها، وكلٌ كما يقال عند أهله عزيز... إلا أن الموضوع عندهم أكثر تعقيداً!
ينقسم المجتمع بالهند إلى طبقات تسمى بالكاست سيستم، والذي يُرجع تاريخها البعض إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام! الإنجليز للأسف هم من حول هذه الطبقية من فكر وعرف إلى قانون لأكثر من مائة عام، حتى انتفض عليهم الشعب في عام 1955 وتم إلغاء القانون لتبقى رواسبه راسية في ذهنية المجتمع... فإذا وُلِد شخص في طبقة العبيد تنص السطور الدينية أن السبب في ذلك ذنب اقترفه في وجوده السابق (حياة سابقة قبل ولادته) ولا يستحق أيّ نصيب أفضل هو وطائفته... أما طبقة البرهمي وهم المشايخ والمتدينون فهم يرون أنفسهم أنهم بامتلاكهم الحق بتفسير وشرح الفيدا (كتاب الدين) فهم تميزوا عن المجتمع دينيا وثقافيا وطبقيا ولهم الحق بأن يكونوا الأهم بين الطبقات ! وهو ليس بطرح غريب على التاريخ. ليبقى الصراع الأهم والأكثر حدة في الهند بين البراهمة طبقة المشايخ وحراس المعبد وطبقة النبلاء من أمراء وملوك وعلية المجتمع... النبلاء الذين يرون في أنفسهم جنسا آريا له حق السيادة فوق الكل...
قوانين (منو) في الهند والهندوسية أكدت على أن هذا التفاوت في الطبقات كان مصدره نصوصا دينية سوّق لها المتدينون واعتبروها مقدسة «ثم خلق البرهمي من فمه، والكاشتريا من ذراعه، والويشا من فخذه، والعبيد من رجله»، ففي الهند مصدر الطبقية هو العرق والنص... وبسبب هذا التفاوت بين الطبقات قامت حركات مثل الحركة الجينية التي أسسها الزعيم الهندي مهافيرا، وهو رجل من طبقة النبلاء حاول أن يحارب الطبقية ولم يستطع، فذابت ديانته في الهندوس وأقر بأن البرهمي مخلوق يرتفع عن بقية الخلائق. ثم جاء غوتاما بوذا، ولقد كان أبوه من طبقة الكاشتريا وله فيها أراضٍ وقصور ومال ومتزوج من سيدة نبيلة وفشل!
انتفض الشعب ضد هذا القانون في الخمسينات وتم إلغاء القانون وفرضت الحكومة نسبا محددة بالوظائف العامة والخاصة لكل طبقات المجتمع إلا أنها لم تستطع أن تغير الذهنية، فهناك روايات تتحدث عن معاقبة فرد من طبقة المعدمين لمرور ظله على فرد من طبقة النبلاء... فلا يسمح لهم السكن داخل المدن ولا الزواج والاحتكاك بأي من الطبقات الأخرى.
بعد كل هذا التفصيل والسرد عن الهند وطبقيتها المعقدة، سأنهي سطوري بإعجابي بالرغم من كل ما ذكر بهذا الشعب القوي والحازم... القوي في تغيير واقعه بين 70 دينا و200 لغة، وبين كم من الفقر لم يمر كل الكثير من البشر... تحديات أكبر بكثير من تحديات شعوبنا إلا أن إصرارهم وحزمهم على البناء والتعمير، إصرارهم على التقدم الاقتصادي التكنولوجي... تقدمهم في الطب والعلوم بنى لهم اليوم أكبر ديمقراطية بالعالم انتخبت رئيسها الجديد رام ناث كوفيند من أدنى طبقات النظام الاجتماعي، وهي المرة الثانية التي يتولى فيها الرئاسة مرشح من طبقة «الداليت» المهمشة منذ الاستقلال... الهند اليوم بالتعليم والعمل والالتزام بالنظام الأسري المترابط الجاد انتصرت على الطبقية والجهل والتخلف لأن التغيير هو أن ينهض كل شخص بذاته ويعمل على تحقيق ما يسمو به وطنه، والكل يتذكر أن رهان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قائد الرؤية هو علينا... على المواطن في التغيير قبل الموارد وقبل كل شيء... فالمواطن هو المحرك بتغيير حال الشعوب وتأسيس نهضتها... فنحن الشعوب من نغير ونبني بقرار أن نكون أو لا نكون... رغم كل التحديات والظروف، فلا عذر ولا مكان للبلداء في وطني.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@
عدد سكان الهند يفوق عدد سكان قارتي أمريكا الشمالية والجنوبية، وبين كل هؤلاء الملايين تركيبة اجتماعية معقدة لا يعرف عنها الكثير بدولنا العربية، تركيبة تقسم المجتمع إلى طبقات من المعيب التحدث بها، وكلٌ كما يقال عند أهله عزيز... إلا أن الموضوع عندهم أكثر تعقيداً!
ينقسم المجتمع بالهند إلى طبقات تسمى بالكاست سيستم، والذي يُرجع تاريخها البعض إلى أكثر من ثلاثة آلاف عام! الإنجليز للأسف هم من حول هذه الطبقية من فكر وعرف إلى قانون لأكثر من مائة عام، حتى انتفض عليهم الشعب في عام 1955 وتم إلغاء القانون لتبقى رواسبه راسية في ذهنية المجتمع... فإذا وُلِد شخص في طبقة العبيد تنص السطور الدينية أن السبب في ذلك ذنب اقترفه في وجوده السابق (حياة سابقة قبل ولادته) ولا يستحق أيّ نصيب أفضل هو وطائفته... أما طبقة البرهمي وهم المشايخ والمتدينون فهم يرون أنفسهم أنهم بامتلاكهم الحق بتفسير وشرح الفيدا (كتاب الدين) فهم تميزوا عن المجتمع دينيا وثقافيا وطبقيا ولهم الحق بأن يكونوا الأهم بين الطبقات ! وهو ليس بطرح غريب على التاريخ. ليبقى الصراع الأهم والأكثر حدة في الهند بين البراهمة طبقة المشايخ وحراس المعبد وطبقة النبلاء من أمراء وملوك وعلية المجتمع... النبلاء الذين يرون في أنفسهم جنسا آريا له حق السيادة فوق الكل...
قوانين (منو) في الهند والهندوسية أكدت على أن هذا التفاوت في الطبقات كان مصدره نصوصا دينية سوّق لها المتدينون واعتبروها مقدسة «ثم خلق البرهمي من فمه، والكاشتريا من ذراعه، والويشا من فخذه، والعبيد من رجله»، ففي الهند مصدر الطبقية هو العرق والنص... وبسبب هذا التفاوت بين الطبقات قامت حركات مثل الحركة الجينية التي أسسها الزعيم الهندي مهافيرا، وهو رجل من طبقة النبلاء حاول أن يحارب الطبقية ولم يستطع، فذابت ديانته في الهندوس وأقر بأن البرهمي مخلوق يرتفع عن بقية الخلائق. ثم جاء غوتاما بوذا، ولقد كان أبوه من طبقة الكاشتريا وله فيها أراضٍ وقصور ومال ومتزوج من سيدة نبيلة وفشل!
انتفض الشعب ضد هذا القانون في الخمسينات وتم إلغاء القانون وفرضت الحكومة نسبا محددة بالوظائف العامة والخاصة لكل طبقات المجتمع إلا أنها لم تستطع أن تغير الذهنية، فهناك روايات تتحدث عن معاقبة فرد من طبقة المعدمين لمرور ظله على فرد من طبقة النبلاء... فلا يسمح لهم السكن داخل المدن ولا الزواج والاحتكاك بأي من الطبقات الأخرى.
بعد كل هذا التفصيل والسرد عن الهند وطبقيتها المعقدة، سأنهي سطوري بإعجابي بالرغم من كل ما ذكر بهذا الشعب القوي والحازم... القوي في تغيير واقعه بين 70 دينا و200 لغة، وبين كم من الفقر لم يمر كل الكثير من البشر... تحديات أكبر بكثير من تحديات شعوبنا إلا أن إصرارهم وحزمهم على البناء والتعمير، إصرارهم على التقدم الاقتصادي التكنولوجي... تقدمهم في الطب والعلوم بنى لهم اليوم أكبر ديمقراطية بالعالم انتخبت رئيسها الجديد رام ناث كوفيند من أدنى طبقات النظام الاجتماعي، وهي المرة الثانية التي يتولى فيها الرئاسة مرشح من طبقة «الداليت» المهمشة منذ الاستقلال... الهند اليوم بالتعليم والعمل والالتزام بالنظام الأسري المترابط الجاد انتصرت على الطبقية والجهل والتخلف لأن التغيير هو أن ينهض كل شخص بذاته ويعمل على تحقيق ما يسمو به وطنه، والكل يتذكر أن رهان ولي العهد الأمير محمد بن سلمان قائد الرؤية هو علينا... على المواطن في التغيير قبل الموارد وقبل كل شيء... فالمواطن هو المحرك بتغيير حال الشعوب وتأسيس نهضتها... فنحن الشعوب من نغير ونبني بقرار أن نكون أو لا نكون... رغم كل التحديات والظروف، فلا عذر ولا مكان للبلداء في وطني.
* كاتبة سعودية
WwaaffaaA@