-A +A
رامي الخليفة العلي
ينضم حقل جافورة في المنطقة الشرقية في المملكة العربية السعودية، وهو أكبر حقل غاز غير تقليدي يتم اكتشافه في المملكة، إلى اكتشافات الغاز الطبيعي التي تبدو واعدة في البحر الأحمر، بما يمثل نقلة نوعية وتغييرا في خارطة الطاقة على مستوى العالم، وبعض التقديرات تشير إلى أن المملكة ربما تزيح روسيا عن صدارة الدول المصدرة للغاز الطبيعي، إلا أن الأمر لا يتوقف على ذلك فعلى امتداد السنوات الخمس الماضية ومع تسلم الأمير محمد بن سلمان الملف الاقتصادي بدأت المملكة بحثا مكثفا عن مصادر أخرى للدخل، وكان ملف الطاقة يحمل أهمية كبيرة باعتبار أن المملكة تزخر بطاقات متجددة كالرياح والشمس والآن يدخل الغاز، الذي يعتقد أنه سيمثل في العام 2034 شطرا مهما من صادرات المملكة، والذي بالتأكيد سيعود بالنفع على المجتمع والشعب السعودي، وكما هي العادة وكما يقول لنا التاريخ فإن الرخاء في المملكة لا بد أن ينعكس على الجوار العربي بكل تأكيد. لقد امتلكت القيادة في المملكة العربية السعودية الشجاعة للدخول في إصلاحات حقيقية تكاد تشمل مختلف جوانب الحياة والجانب الاقتصادي على رأسها. ففي هذا الجانب تنتقل المملكة من الاقتصاد الريعي المعتمد على النفط بالدرجة الأولى، إلى اقتصاد إنتاجي يعتمد على الطاقة البشرية وتصب كل الثروات الوطنية في خدمة التنمية والإنتاج. في هذا الإطار تأتي رؤية 2030 لتركز على هذا الجانب بالدرجة الأولى. المملكة مهيأة بقوة لتدخل هذا النمط الجديد للاقتصاد الوطني، فهي تمتلك البنية التحتية التي أنفقت عليها مالا وجهدا كبيرين خلال العقود الماضية، أضف إلى ذلك القدرات البشرية المدربة التي أثبتت جدارتها في كل مرة تمت المراهنة عليها، ترافق كل ذلك رؤية واضحة لطبيعة التغيرات الضرورية من أجل الوصول إلى هدف الدولة المنتجة.

كل تلك التطورات تدفع إلى الارتياح بالنسبة للمواطن السعودي بالدرجة الأولى الذي يرى ويلمس الخطوات المتخذة، وكذلك بالنسبة للمواطن العربي الذي يدرك بأن التطورات الجارية في المملكة لا بد أن تؤثر على المنطقة برمتها. ولكن ما هو غير طبيعي أن يثير أي تقدم اقتصادي أو اجتماعي في المملكة غضب البعض. على امتداد السنوات الماضية كلما حدث تطور في المملكة ثار غضب البعض وبانت الكراهية في كلامهم وتحليلاتهم، وبدأ التشكيك المنظم من خلال حملات إعلامية. محور الشر في المنطقة لا يريد دورا اقتصاديا أو سياسيا للمملكة العربية السعودية ولكن في كل مرة المملكة تصيبهم بخيبة الأمل وتثبت أنها باقية رقما صعبا في المعادلة الإقليمية والدولية وأنها ماضية في طريقها بغض النظر عن الأحجار التي تحاول النيل من الأشجار السامقة دون جدوى. قال أحد الأقلام المأجورة يوما إن المملكة ستفلس بعد عشر سنوات، وها هي اليوم تصيبه بالخيبة والخسران، وهذا حال كل أقرانه. من لم يعجبه ما يحدث في المملكة فليشرب من أقرب بحر لديه ولينطح رأسه بأكبر حائط للكراهية يريد أن يبنيه.


* باحث سياسي

ramialkhalife@