أعطني الرصيف وامشي، فالمشي سر الوجود، خمس سنوات قضيتها في إنجلترا في مقاطعة بيركشاير مدينة ريدنق، كنت أسير يوميا ١٢ ألفا إلى ١٥ ألف خطوة، لم أكن مضطرة لأي سيارة فالمدرسة تبعد عشر دقائق مشياً على الأقدام والجامعة عشرين دقيقة والسوق والمستشفى دقيقتين، حيث يكفيك أن تسكن في (سنتر) أو قلب المدينة لتذهب كافة مشاويرك مشيا، ليس هذا فحسب فأنت بالغالب لا تستطيع الدخول بالسيارة للعديد من الأماكن بجانب الحي الداخلي، وفي أول عودتي اخترت أن أسجل في نادٍ رياضي بجوار منزلي لأتمكن من الذهاب والإياب مشياً ومن هنا بدأت المعاناة.
فلا يمكن أن أقطع الشارع، حرفيا لا يوجد أي أرصفة أو إشارات مرور في شارع الأمير محمد بن سعد تقاطع أنس بن مالك، لك أن تتخيل أن حي الملقا الذي تتقافز به أسعار الأمتار من ألفين إلى أربعة آلاف لتجد نفسك دون أرصفة ودون معابر مشاة ودون إشارات مرور، بدأت أتنازل لأذهب للنادي بالسيارة، لكن الخطورة ازدادت مع بداية الذهاب للعمل والمدارس فتقاطع أنس بن مالك مع الأمير تركي الأول شيء مرعب جدا، مسارات مفتوحة دون أرصفة، المسألة حياة أو موت، شارع حيوي ويربطك بأهم محاور الرياض دون رصيف! الرصيف قبل الرغيف، نعم.. فالرصيف الآمن ضمان للحياة، ما قيمة العمل إن كان الإنسان سيخسر حياته بسبب غياب الأرصفة؟ ولماذا ابتلعت الشوارع معابر المشاة؟
المفارقة أنني كنت قد سألت معالي الوزير ماجد الحقيل قبل شهر عن العوائق والمشاكل التي قد تعترض مجهوداتهم الجبارة في وزارة الإسكان وكيف تتقاطع مهامهم مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، حتى صدر قرار تكليف معاليه بها، وشخصيا أعتبر أن هذا التكليف سيكون بداية تحول جبار في جودة الحياة، فما حققه معاليه من قفزات مهنية لافتة تجعلنا نتفاءل أن يعيد الحقيل للشارع هيبته، ولعله يدع المشاة في قائمة أولوياته لفرض مواصفات وشروط جديدة وتعاون في إعادة هيكلة الأحياء والمسارات والمعابر والأرصفة، أيضا يكون هناك خطة تشترك بها أكثر من وزارة لمعالجة هذه المشكلة، ولو كنت مكان وزارة الصحة لطلبت تحميل هذه الوزارت فواتير علاج المرضى!، فأنا لم أتغير مثلا لكن انخفضت عدد خطواتي اليومية لألف أو أقل وحتى إن أردت الخروج للمشي لابد أن أذهب بالسيارة لأمشي!، لماذا؟.
الرصيف والمعابر الآمنة ضرورة، الأحياء بحاجة لممرات آمنة ومسارات يتشاركها الناس ويتقاطعون بينهم، يلقون التحايا ويوزعون الابتسامات الصباحية، نحن لا نرى بعضنا البعض لا أعرف وجوه جيراني! لا أعرف من يقطن بالحي، الجانب الإنساني غائب تماما، هذه ليست رفاهية بل هي ضرورة صحية ونفسية واجتماعية، قبل أن تلوموا على الناس قلة ممارستهم للرياضة واضطراب أوزانهم أعيدوا النظر في الوسائل المجانية والمتاحة للفقير قبل الغني، إحصائيات حوادث المرور لا تزال مرعبة. كم نسبة حوادث الدهس بسبب قطع الشوارع لعدم توفر معابر؟ في المملكة يحدث ٤٠ حادثا كل ساعة! ١٦ حالة وفاة و٨٢ مصابا يوميا. الوفيات بسبب مشكلات السلامة على الطريق (أهمها عدم وجود معابر للمشاة) أرقام تتجاوز وفيات الأمراض، لو تجول المسؤول في الحي مشيا على الأقدام سيدرك حجم المعاناة!، وكل رصيف وأنتم بخير.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com
فلا يمكن أن أقطع الشارع، حرفيا لا يوجد أي أرصفة أو إشارات مرور في شارع الأمير محمد بن سعد تقاطع أنس بن مالك، لك أن تتخيل أن حي الملقا الذي تتقافز به أسعار الأمتار من ألفين إلى أربعة آلاف لتجد نفسك دون أرصفة ودون معابر مشاة ودون إشارات مرور، بدأت أتنازل لأذهب للنادي بالسيارة، لكن الخطورة ازدادت مع بداية الذهاب للعمل والمدارس فتقاطع أنس بن مالك مع الأمير تركي الأول شيء مرعب جدا، مسارات مفتوحة دون أرصفة، المسألة حياة أو موت، شارع حيوي ويربطك بأهم محاور الرياض دون رصيف! الرصيف قبل الرغيف، نعم.. فالرصيف الآمن ضمان للحياة، ما قيمة العمل إن كان الإنسان سيخسر حياته بسبب غياب الأرصفة؟ ولماذا ابتلعت الشوارع معابر المشاة؟
المفارقة أنني كنت قد سألت معالي الوزير ماجد الحقيل قبل شهر عن العوائق والمشاكل التي قد تعترض مجهوداتهم الجبارة في وزارة الإسكان وكيف تتقاطع مهامهم مع وزارة الشؤون البلدية والقروية، حتى صدر قرار تكليف معاليه بها، وشخصيا أعتبر أن هذا التكليف سيكون بداية تحول جبار في جودة الحياة، فما حققه معاليه من قفزات مهنية لافتة تجعلنا نتفاءل أن يعيد الحقيل للشارع هيبته، ولعله يدع المشاة في قائمة أولوياته لفرض مواصفات وشروط جديدة وتعاون في إعادة هيكلة الأحياء والمسارات والمعابر والأرصفة، أيضا يكون هناك خطة تشترك بها أكثر من وزارة لمعالجة هذه المشكلة، ولو كنت مكان وزارة الصحة لطلبت تحميل هذه الوزارت فواتير علاج المرضى!، فأنا لم أتغير مثلا لكن انخفضت عدد خطواتي اليومية لألف أو أقل وحتى إن أردت الخروج للمشي لابد أن أذهب بالسيارة لأمشي!، لماذا؟.
الرصيف والمعابر الآمنة ضرورة، الأحياء بحاجة لممرات آمنة ومسارات يتشاركها الناس ويتقاطعون بينهم، يلقون التحايا ويوزعون الابتسامات الصباحية، نحن لا نرى بعضنا البعض لا أعرف وجوه جيراني! لا أعرف من يقطن بالحي، الجانب الإنساني غائب تماما، هذه ليست رفاهية بل هي ضرورة صحية ونفسية واجتماعية، قبل أن تلوموا على الناس قلة ممارستهم للرياضة واضطراب أوزانهم أعيدوا النظر في الوسائل المجانية والمتاحة للفقير قبل الغني، إحصائيات حوادث المرور لا تزال مرعبة. كم نسبة حوادث الدهس بسبب قطع الشوارع لعدم توفر معابر؟ في المملكة يحدث ٤٠ حادثا كل ساعة! ١٦ حالة وفاة و٨٢ مصابا يوميا. الوفيات بسبب مشكلات السلامة على الطريق (أهمها عدم وجود معابر للمشاة) أرقام تتجاوز وفيات الأمراض، لو تجول المسؤول في الحي مشيا على الأقدام سيدرك حجم المعاناة!، وكل رصيف وأنتم بخير.
* كاتبة سعودية
areejaljahani@gmail.com