-A +A
حمود أبو طالب
ذات مرة غضب مني أحد وزراء الإعلام السابقين بسبب مقال انتقدت فيه القناة الثانية الرسمية التي كانت تبث باللغة الإنجليزية، من حيث أنه لا جدوى منها بذلك الحال الذي كانت عليه، فلا الناطق باللغة الإنجليزية يجد فيها ما يجذبه لها ولا المواطن يستفيد من برامجها المتهافتة المملة المكررة، واقترحت إما تطويرها بشكل جيد أو إقفالها توفيراً للمال العام، وحفظاً لماء وجه إعلامنا من قناة سقيمة كتلك.

وقد تمادى وزير الإعلام آنذاك في غضبه يوم نشر المقال الذي صادف سفره إلى خارج المملكة في مهمة رسمية، ولم ينتظر لحين عودته بل هاتف رئيس التحرير طالباً إيقافي عن الكتابة، رغم أني لم أتطرق لشخصه، ورغم أن القناة تعمل قبل مجيئه للوزارة، ورغم أني كتبت مشفقاً عليها وعلينا وعلى إعلامنا، وبلغة هادئة ليس فيها استفزاز أو اتهام لأي مسؤول سابق أو لاحق.


تذكرت تلك الحادثة بعد تصريح وزير الإعلام المكلف الجديد الدكتور ماجد القصبي عقب أول اجتماع له مع قيادات الوزارة ورؤساء هيئاتها، الذي صرح خلاله بأن الأداء غير مرضٍ تماما، ولا يواكب تطلعات المواطن ونهضة الوطن ومكتسباته، التي تحتاج إلى آلة إعلامية قوية وإبداعية، ترضي طموحات وتطلعات المواطنين.

عند قراءتي لتصريحه رحت أتأمل الفرق بين مرحلة ومرحلة، مرحلة غضب وعقاب المسؤول لكاتب لم يذكر سوى جزء بسيط من حقيقة تردي الآلة الإعلامية، ومرحلة بدء المسؤول بنقد أداء الوزارة المكلف بإدارتها نقداً مباشراً وحاداً. إنه الفرق بين اجتهاد مسؤول في ستر العورات وتجميل القباحات وتبرير الأخطاء، وآخر يحرص منذ اللحظة الأولى على تشريح الواقع وتشخيصه وتسميته باسمه الحقيقي. المسافة الزمنية بين المرحلتين ليست شاسعة، وإنما الفكر هو الذي تغير خلال وقت قياسي ليصبح واقعياً ومنطقياً وعملياً، فكر المسؤولية، فكر الدولة الجديدة التي تعمل لجيل جديد وزمن جديد.

والآن يا معالي وزيرنا الجديد، بعد أن شخّصت داء إعلامنا ننتظر منك وصفة الدواء، بعد إجراء إنعاش قلبي رئوي سريع لأن إعلامنا بوضعه الراهن أوشك على الاحتضار.