-A +A
أريج الجهني
محزن جداً ما نقرأه من تقارير حول الأوضاع الصحية في إيران، جارتنا الجغرافية التي تصيح من الشبابيك في كل مرة ولا تقبل الهدوء والحوار العقلاني، هذه المرة استفحل بطش هذه الجارة لكن بمن؟ ليس بأمريكا بالتأكيد لكن بشعبها، ولك أن تعلم أن نسبة وفيات كورونا في إيران قاربت نسبة الوفيات في الصين! رغم اختلاف أعداد الإصابات المهول، ليس هذا فحسب، اعتقلت السلطات الإيرانية كل ناشط قام بمشاركة معلومات حول الفايروس والحالات! بحسب الوكالات الدولية، وتجاهلت السلطات الدينية هذا الخطر ورفضت إغلاق المزارات الدينية، بل إن نائب وزير الصحة كان يتحدث عن الفايروس باستهزاء ثم اتضح لاحقاً إصابته به.

نعم يحدث هذا أن يرفض البعض تصديق حقيقة الأمراض والأوبئة، وهذا ما حدث في إيران التي يعاني شعبها من ويلات الفقر والظلم والقمع وسوء النظام الصحي، فالكثير من التقارير الدولية تناولت كيف يعاني المواطن الإيراني ليجد علاجه، وكيف تتجاهل الحكومة الإيرانية التحذيرات الدولية حول المرض وتتجاوز ذلك بمنع الحجر، وها نحن نستقبل العائدين منهم، بل الأهم من ذهب كيف ذهب وماذا سيترتب على عودته من هناك؟، ولماذا يذهب البعض لإيران رغم المنع ورغم العداء بل رغم هجرة نصف مليون إيراني لأمريكا وموت مواطنيها في طريقهم للهجرة فالشاب الإيراني بيدرام تشبث بالشاحنة للعبور لأوروبا وتجمد ومات!، وسيدات إيرانيات هاجرن لصربيا وغيرهن عوقبن ورمين في السجن لعدم ارتدائهن الحجاب.


الشعب الإيراني مليء بالعقول النابغة والنفوس الطموحة فالإيرانية أنوشة أنصاري أول سيدة مسلمة تصل للفضاء بدعم من روسيا، لو كانت لا تزال تعيش في بلدها هل ستصل لهذا التمكين؟

بالتأكيد أن العلاقات بين إيران وأمريكا عبر التاريخ محط تعجب وقلق، فهي لا تهدأ ولا تشعر أن بينهما أي اتفاق، وبالتالي يزداد الصراخ والملاسنات، كلاهما يشعران بالتهديد، هذه العلاقة المضطربة أثرت على جارتها الهادئة والمستكينة السعودية الماضية في إصرارها وعزيمتها ونأيها المستمر عن الصراعات، والآن أثرت علينا في انتقال المرض من جارة مستهترة ومواطنين ذهبوا دون علم الدولة، وهذا بصراحة يفتح باباً كبيراً جداً للتفكير والنقاش عن حقيقة ولاء البعض لهذا الوطن.

نحن لا نلغي القيمة والاختلاف الديني، بل على العكس ممارسة العبادات حق مشروع لكن زيارة دولة تعادي دولتك مثل إيران وتركيا على وجه التحديد يستدعي وقفة جادة، فنقل هذه الأمراض هناك ما هو أسوأ منه وهو نقل الولاءات! وطنك الذي تحمل جواز سفره وتعيش بخيراته ونعيمه يستحق منك أن تفكر قبل أن تسافر لدول تعمل ليل نهار للنيل منه والانقضاض على ثرواته، نعم الحقد التاريخي الفارسي والعثماني لم يمت، ولم يتعلم هؤلاء الحمقى من الحضارة الأوروبية والدول العلمانية فضيلة السلام والمصالح، فبدلاً من تكوين اتحادات وكيانات اقتصادية قوية، انطلقت سمومهم برّاً وبحراً وجوّاً ضدنا، بكل حال نسأل الله الشفاء العاجل لكل مريض، ونسأل الله أن تتعافى إيران من أمراض حكومتها، فالشعب الإيراني مغلوب على أمره، ولا حول له ولا قوة.

* كاتبة سعودية

areejaljahani@gmail.com