-A +A
حمود أبو طالب
رغم أن منظمة الصحة العالمية بمعيار العقل والمنطق الإنساني أهم من منظمة الأمم المتحدة إلا أنه للأسف لا يوجد لها مجلس أمن بإمكانه إصدار قرارات تحت البند السابع توجب التنفيذ باستخدام القوة لو استدعت الحاجة، وإلا ما كانت بعض الدول تساهلت وتراخت واستهترت وتأخرت في مواجهة فايروس كورونا الجديد الذي يعصف بالعالم. بل إن المنظمة ذاتها أصبح أداؤها متراخياً في الفترات الأخيرة، ليضيف لعللها السابقة علة جديدة، ويأتي أسلوب تعاملها مع وضع كورونا الراهن دليلاً على ذلك، ومنه تأخرها في إعلانه «وباءً عالمياً» رغم توفر المعايير لهذا التصنيف منذ أيام سبقت.

وبعيداً عن السياسة نقول ربما نحتاج إلى مجلس أمن صحي عالمي ليتعامل مع الأخطار الصحية التي تتسبب فيها بعض الدول، وعلى سبيل المثال كيف يمكن للرئيس الإيراني حسن روحاني الإصرار على رفض الحجر الصحي وإبقاء الطرق مفتوحة للتنقل مع دول الجوار رغم تخطي الإصابات في بلده ٩ آلاف والوفيات ٣٥٩ منها (٦٣ في يوم واحد)، ورغم أن معظم أو كل الإصابات في دول الخليج مصدرها إيران.


وكيف للبنان أن (ينوي) خلال ٤٨ ساعة الإعلان عن ١٠ آلاف إصابة بحسب ما نشرت «عكاظ» يوم أمس، وما المبرر للتأخر حتى تتراكم الحالات لتصل إلى هذا الحد ثم التفكير في الإعلان عنها. وكذلك ما الذي يجعل إيطاليا تتراخى لتجد نفسها في مأزق كارثي رغم الإشارات الحمراء التي انطلقت في كل بلدان العالم، وإذا أضفنا إلى ذلك ما يقترب من التأكيد بأن دولاً ما زالت تتعمد التكتم على انتشار الوباء فيها فإننا إزاء جرائم إنسانية فادحة ترتكبها بعض الدول بحق شعوبها وبقية شعوب العالم تتوجب تدخلاً حاسماً وعقوبات قاسية، ولكن أين هي الجهة التي لها صلاحية القيام بذلك، طالما الأمر ليس فيه مكاسب سياسية ومصالح اقتصادية وبسط نفوذ لكبار اللاعبين العالميين.

لقد وصلت السياسة إلى قاع الانحطاط عندما تكون صحة البشر إحدى أدواتها، ونخشى إذا أُنشئ مجلس أمن صحي عالمي أن يكون أسوأ وأخطر من مجلس الأمن السياسي الذي أصبح راعياً وضامناً لاستمرار الكوارث في العالم.

habutalib@hotmail.com