في الوقت الذي كان حمد بن جاسم وزير خارجية قطر الأسبق يغرد ممرراً رسائله المعتادة عن أهمية تجاوز الأزمة بين دول الرباعي وقطر، كانت طائرات الخطوط القطرية التي توقفت عن نقل الركاب حول العالم، لا تزال تسير رحلات منتظمة بين الدوحة وطهران وبيروت محملة بالأسلحة والمواد المحظورة للحرس الثوري وحزب الله، هذا فضلا عن الحرب الإعلامية المستمرة عبر منصات (عزمي بشارة) التي تعمل بلا كلل لتشويه السعودية وقيادتها، إضافة لتكثيف الشائعات عبر الحسابات الموجهة للداخل السعودي في محاولة لشق الصف وإثارة الخوف وزعزعة الثقة.
لم ينس حمد بن جاسم في تغريداته المملة أن يعزف على فكرة الظروف الدولية الحالية إثر تداعيات أزمة وباء كورونا ومدى خطورتها والعجز عن التحكم في نتائجها ما يحتم تجاوز الأزمة، مع كل ذلك الفهم -إن فهم- أصر بن جاسم على الاحتفاظ بتعالي -محدثي النعمة- التي تبدأ دائما بـ«لكن» متحدثا عن صلابة قطر -من وجهة نظره- وقدرتها على الوقوف في وجه دول الرباعي تحت قيادة تميم، وأن رسائله هذه ليست طلبا للصلح، بقدر ماهي خوفه على الأمة العربية والإسلامية، التي نسي حمد بن جاسم أنه هو وتميم وحمد أثخنوها خيانة وقتلا وترويعا وتشريدا، وأن مأساة كورونا لا تأتي واحدا في المليون من جرائمهم.
السؤال الملح يقول: ما هو الموقف السياسي الذي قرأه ابن جاسم من التحولات المتسارعة في العالم، ولم يقرأه تميم، ودفعه للشكوى من خلف كلماته المتناقضة، أو لنحدد أكثر: ماهي الرسائل التي يريد حمد بن جاسم أن يرسلها للسعوديين قبل غيرهم؟
هل يريد أن يقول إنهم أخطأوا في تخريب محاولة الصلح الأخيرة التي بدأت الصيف الماضي وسقطت في ديسمبر 2019، بسبب حماقة «تميم»، أم يغرد خارج مشيئة قصر الوجبة، وبالتالي يمرر لمن يلتقط أنه رجل المرحلة القادمة إذا أراد السعوديون التعامل معه مباشرة، متذكرا عندما كان يأتي للرياض قائلا إنه مغلوب على أمره وإن من يكيد للمملكة هو حمد بن خليفة، أم هي مجرد مناورة جديدة موجهة للداخل القطري الذي بدأ يفوق من «سكرة تميم المجد»، ويعي مدى فداحة القطيعة مع السعودية الجارة الكبرى، وأن ما فعلته قيادته كان خطأ جسيما وفضيحة يدفعون ثمنها الآن.
بالتأكيد هي خليط مما سبق، فلا تميم يفهم في السياسة، ولا حمد بن خليفة قادر على الانعتاق من مرض الحقد والغل على السعودية وقيادتها، ولا ابن جاسم صادق ومخلص في رسائله.
كل ما في الأمر أن هناك من نصحه ممن يعمل في المكاتب الخلفية في الدوحة، وهم في العادة جواسيس وسياسيون غربيون تقاعدوا على أموال الغاز القطرية، أن يتلمس طريقا آخر للنجاة غير الاستناد على الغرب في علاقة الدوحة مع جوارها الخليجي، وخصوصا مع اندحار تأثير اليسار الأوروبي، بل إن الغرب كله ليس في وارد الالتفات لأي قضية أخرى خارج حدود بلادهم، وليسوا مستعدين لتعويم صبيانية وشطحات تميم السياسية ولا نزقه وسيكوباتيته المعروفة التي أوردت قطر إلى المهالك، لولا الرشاوى المليارية التي دفعها في كل مكان لسياسيين وأصحاب قرار في العالم.
يعلم ابن جاسم أن العالم القديم انتهى بكل إرثه السياسي وتحالفاته ومخرجاته، وأن العالم الجديد يتشكل تحت نظرية ما بعد كورونا، وعلى الرغم من تأخره في استيعاب ما حصل إلا أنه الوحيد الذي يمكن أن يفهم في منظومة القيادة القطرية، لذلك سارع بتمرير رسائله لعل هناك من يلتقطها.
* كاتب سعودي
massaaed@
لم ينس حمد بن جاسم في تغريداته المملة أن يعزف على فكرة الظروف الدولية الحالية إثر تداعيات أزمة وباء كورونا ومدى خطورتها والعجز عن التحكم في نتائجها ما يحتم تجاوز الأزمة، مع كل ذلك الفهم -إن فهم- أصر بن جاسم على الاحتفاظ بتعالي -محدثي النعمة- التي تبدأ دائما بـ«لكن» متحدثا عن صلابة قطر -من وجهة نظره- وقدرتها على الوقوف في وجه دول الرباعي تحت قيادة تميم، وأن رسائله هذه ليست طلبا للصلح، بقدر ماهي خوفه على الأمة العربية والإسلامية، التي نسي حمد بن جاسم أنه هو وتميم وحمد أثخنوها خيانة وقتلا وترويعا وتشريدا، وأن مأساة كورونا لا تأتي واحدا في المليون من جرائمهم.
السؤال الملح يقول: ما هو الموقف السياسي الذي قرأه ابن جاسم من التحولات المتسارعة في العالم، ولم يقرأه تميم، ودفعه للشكوى من خلف كلماته المتناقضة، أو لنحدد أكثر: ماهي الرسائل التي يريد حمد بن جاسم أن يرسلها للسعوديين قبل غيرهم؟
هل يريد أن يقول إنهم أخطأوا في تخريب محاولة الصلح الأخيرة التي بدأت الصيف الماضي وسقطت في ديسمبر 2019، بسبب حماقة «تميم»، أم يغرد خارج مشيئة قصر الوجبة، وبالتالي يمرر لمن يلتقط أنه رجل المرحلة القادمة إذا أراد السعوديون التعامل معه مباشرة، متذكرا عندما كان يأتي للرياض قائلا إنه مغلوب على أمره وإن من يكيد للمملكة هو حمد بن خليفة، أم هي مجرد مناورة جديدة موجهة للداخل القطري الذي بدأ يفوق من «سكرة تميم المجد»، ويعي مدى فداحة القطيعة مع السعودية الجارة الكبرى، وأن ما فعلته قيادته كان خطأ جسيما وفضيحة يدفعون ثمنها الآن.
بالتأكيد هي خليط مما سبق، فلا تميم يفهم في السياسة، ولا حمد بن خليفة قادر على الانعتاق من مرض الحقد والغل على السعودية وقيادتها، ولا ابن جاسم صادق ومخلص في رسائله.
كل ما في الأمر أن هناك من نصحه ممن يعمل في المكاتب الخلفية في الدوحة، وهم في العادة جواسيس وسياسيون غربيون تقاعدوا على أموال الغاز القطرية، أن يتلمس طريقا آخر للنجاة غير الاستناد على الغرب في علاقة الدوحة مع جوارها الخليجي، وخصوصا مع اندحار تأثير اليسار الأوروبي، بل إن الغرب كله ليس في وارد الالتفات لأي قضية أخرى خارج حدود بلادهم، وليسوا مستعدين لتعويم صبيانية وشطحات تميم السياسية ولا نزقه وسيكوباتيته المعروفة التي أوردت قطر إلى المهالك، لولا الرشاوى المليارية التي دفعها في كل مكان لسياسيين وأصحاب قرار في العالم.
يعلم ابن جاسم أن العالم القديم انتهى بكل إرثه السياسي وتحالفاته ومخرجاته، وأن العالم الجديد يتشكل تحت نظرية ما بعد كورونا، وعلى الرغم من تأخره في استيعاب ما حصل إلا أنه الوحيد الذي يمكن أن يفهم في منظومة القيادة القطرية، لذلك سارع بتمرير رسائله لعل هناك من يلتقطها.
* كاتب سعودي
massaaed@