لم يكن المهاتما غاندي يدري أن مقولته الشهيرة «إن أردت تغيير العالم.. ابدأ بنفسك» ستكون هي محور تفكير البشرية اليوم مع تفشي وباء «كوفيد ١٩» في العالم، الذي يضع حاليا خارطة لنظام جديد لمرحلة ما بعد الفايروس؛ هذا العالم الذي سيكون أكثر تأهبًا وإنسانية وأكثر انضباطًا وأكثر إدراكًا وتفهمًا لطبيعة الحرب البيولوجية والجرثومية؛ وسيفتح أبواب مخازن التفكير للعلم الافتراضي الجديد والأبحاث الجرثومية والفايروسية على مصراعيها؛ لنكون مهيأين، لا قدر الله، لموجة أخرى من «كورونا» من نوع آخر.
وليس هناك رأيان في أن مساوئ كورونا وحجم الرعب والدمار الذي أحدثه لا تعد ولا تحصى؛ ولن تغفر البشرية خطيئته؛ بسبب هلاك الآلاف والخسائر التريليونية الهائلة التي أصبحت تهدد بقاء الدول والشعوب.
وإذا نظرنا للوباء من زاوية نصف الكوب الممتلئ؛ فإننا نرى إيجابيات نتيجة تفشي هذا الوباء؛ ومن أبرزها انحسار صوت الحرب والعداء وأفول فكر الكراهية والحقد وظهور التوحد بين البشرية لمواجهة الفايروس السفاك. لقد اختلفت أنماط حياة الكوكب البشري في مرحلة تفشي الوباء، بعد أن كانت الحياة قبله سريعة صاخبة مادية بحتة، إذ اتسعت حالات التقارب رغم التباعد الاجتماعي وبات الوقت متوفرًا للجلوس مع العائلة وعودة الروابط بين الأب وأسرته التي فقدت في الماضي، بعيدًا عن صخب العمل وحالة الرفاهية المفرطة والانشغالات الإجبارية.
قبل الجائحة كان العالم يسابق الزمن، يقاتل، يحارب وأصبح القوي يأكل الضعيف؛ الجشع والطمع هما سيد الموقف. واليوم أظهر كورونا أن الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية والمدن العسكرية لن تستطيع الدفاع عن البشرية ولن تستطيع مقاومة جبروت فايروس لا يرى بالعين المجردة.
واضطرت الدول للانكفاء بحثًا عن الحل؛ وانحسرت العداوات والحروب وتساوت الشعوب الفقيرة والغنية وأصبح الرؤساء والشعوب في غرفهم؛ سواء كان ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز أو رئيس الوزراء بوريس جونسون أو أي مصاب في قرية نائية في إندونيسيا أو الباكستان؛ لا فرق بينهما، كلاهما معزول، الجميع يقترب إلى الله لزوال الغمة..
شكرا «كوفيد ١٩» لأنك رفعت الحجب عن أعين البشرية وأصبح الإنسان هو محور التفكير سواء في أفريقيا أو أمريكا. تجربة كورونا حتمًا قاسية مدمرة للكون أجمع، لأنها فتحت الأعين والعقول لمواجهة فايروس وحد البشرية لأول مرة في التاريخ..
لكن لا شكر لـ«كوفيد ١٩» الذي حول المدن حجراً بلا بشر. وخلت المطارات والشوارع وأغلقت المساجد.. شكرا كورونا لأنك وضعت الكوكب في خندق واحد، يواجه فايروسا لا تقتله الصواريخ والقنابل، قادرا على إسقاط الدول بلا حروب.
إنه زمن كورونا بامتياز الذي يفرض علينا -شئنا أم أبينا- إعادة التفكير، إنه زمن إعادة حساباتنا وتقديم الأهم على الأقل أهمية. إنه الزمن الذي يتوجب على الإنسان فيه التوقف لرؤية الحياة من زوايا مختلفة وبنظرة جديدة تفاؤلية لعالم جديد في مرحلة ما بعد كورونا.
في زمن الكورونا الذي يعتبر أسوأ العصور البشرية بكل أحداثه العالمية المريعة التي أصبحت تُحاكي المشاهد السينمائية هناك مفردات ومصطلحات، لم تكن بالحسبان، ولم نكن نعرف حقيقتها لولا تفشي هذا الوباء التسونامي الخطير، مثل: عزل صحي، حجر منزلي، منع تجول، وغيرها من القرارات الحازمة الضرورية للوقوف في وجه هذه الجائحة الجائرة ومنعها من التمدد والانتشار.
شكرا قيادتنا على القرارات المدروسة.. شكرا شعبنا على الاصطفاف.. شكرا أطباءنا ورجال أمننا..
سألتني ابنتي الصغيرة «بابا لقد تغيرت كثيرا» قلت في قلبي.. «شكرا كورونا».. رددت عليها «يا حبيبتي لقد تغير العالم.. شكرا.. كورونا الموحد للبشر».. ولا شكر للفايروس القاتل للبشرية!.
* كاتب سعودي
falhamid2@
وليس هناك رأيان في أن مساوئ كورونا وحجم الرعب والدمار الذي أحدثه لا تعد ولا تحصى؛ ولن تغفر البشرية خطيئته؛ بسبب هلاك الآلاف والخسائر التريليونية الهائلة التي أصبحت تهدد بقاء الدول والشعوب.
وإذا نظرنا للوباء من زاوية نصف الكوب الممتلئ؛ فإننا نرى إيجابيات نتيجة تفشي هذا الوباء؛ ومن أبرزها انحسار صوت الحرب والعداء وأفول فكر الكراهية والحقد وظهور التوحد بين البشرية لمواجهة الفايروس السفاك. لقد اختلفت أنماط حياة الكوكب البشري في مرحلة تفشي الوباء، بعد أن كانت الحياة قبله سريعة صاخبة مادية بحتة، إذ اتسعت حالات التقارب رغم التباعد الاجتماعي وبات الوقت متوفرًا للجلوس مع العائلة وعودة الروابط بين الأب وأسرته التي فقدت في الماضي، بعيدًا عن صخب العمل وحالة الرفاهية المفرطة والانشغالات الإجبارية.
قبل الجائحة كان العالم يسابق الزمن، يقاتل، يحارب وأصبح القوي يأكل الضعيف؛ الجشع والطمع هما سيد الموقف. واليوم أظهر كورونا أن الأسلحة النووية والصواريخ الباليستية والمدن العسكرية لن تستطيع الدفاع عن البشرية ولن تستطيع مقاومة جبروت فايروس لا يرى بالعين المجردة.
واضطرت الدول للانكفاء بحثًا عن الحل؛ وانحسرت العداوات والحروب وتساوت الشعوب الفقيرة والغنية وأصبح الرؤساء والشعوب في غرفهم؛ سواء كان ولي عهد بريطانيا الأمير تشارلز أو رئيس الوزراء بوريس جونسون أو أي مصاب في قرية نائية في إندونيسيا أو الباكستان؛ لا فرق بينهما، كلاهما معزول، الجميع يقترب إلى الله لزوال الغمة..
شكرا «كوفيد ١٩» لأنك رفعت الحجب عن أعين البشرية وأصبح الإنسان هو محور التفكير سواء في أفريقيا أو أمريكا. تجربة كورونا حتمًا قاسية مدمرة للكون أجمع، لأنها فتحت الأعين والعقول لمواجهة فايروس وحد البشرية لأول مرة في التاريخ..
لكن لا شكر لـ«كوفيد ١٩» الذي حول المدن حجراً بلا بشر. وخلت المطارات والشوارع وأغلقت المساجد.. شكرا كورونا لأنك وضعت الكوكب في خندق واحد، يواجه فايروسا لا تقتله الصواريخ والقنابل، قادرا على إسقاط الدول بلا حروب.
إنه زمن كورونا بامتياز الذي يفرض علينا -شئنا أم أبينا- إعادة التفكير، إنه زمن إعادة حساباتنا وتقديم الأهم على الأقل أهمية. إنه الزمن الذي يتوجب على الإنسان فيه التوقف لرؤية الحياة من زوايا مختلفة وبنظرة جديدة تفاؤلية لعالم جديد في مرحلة ما بعد كورونا.
في زمن الكورونا الذي يعتبر أسوأ العصور البشرية بكل أحداثه العالمية المريعة التي أصبحت تُحاكي المشاهد السينمائية هناك مفردات ومصطلحات، لم تكن بالحسبان، ولم نكن نعرف حقيقتها لولا تفشي هذا الوباء التسونامي الخطير، مثل: عزل صحي، حجر منزلي، منع تجول، وغيرها من القرارات الحازمة الضرورية للوقوف في وجه هذه الجائحة الجائرة ومنعها من التمدد والانتشار.
شكرا قيادتنا على القرارات المدروسة.. شكرا شعبنا على الاصطفاف.. شكرا أطباءنا ورجال أمننا..
سألتني ابنتي الصغيرة «بابا لقد تغيرت كثيرا» قلت في قلبي.. «شكرا كورونا».. رددت عليها «يا حبيبتي لقد تغير العالم.. شكرا.. كورونا الموحد للبشر».. ولا شكر للفايروس القاتل للبشرية!.
* كاتب سعودي
falhamid2@